من المرشح الأوفر حظاً، الذي أنيطت به هذه المهمة الخطيرة؟ عُرف الرجال بقوتهم وصلابتهم وشجاعتهم، وعُرفت النساء بضعفهن ورقتهن وخوفهن. فهل كان اختيار من يقود الأسرة بناء على نظرة فوقية تهدف إلى رفع شأن الرجل على المرأة أم وقع هذا الاختيار بناء على حسابات حكيمة؟ إن الرجل هو الطرف الذي اختاره الإسلام وأناط به مهمة قيادة الأسرة، ولكن الشيء المهم الذي لا بد من توجيه الأنظار إليه هو أن إناطة مهمة قيادة الأسرة للرجل لا يعني ? في حقيقته ? أنه نوع من التفضيل الذي خص الإسلام به الرجل من دون المرأة، بقدر ما هو واجب ثقيل ألقي على عاتقه وفق ما يتناسب وطبيعته البدنية والنفسية والعاطفية. إن قيادة الرجل في العائلة ليست تكريماً"روتينياً"للرجل، وإنما هي تحقيق لهدف الزوجية، وتكريس لخصائص طرفي الزواج، تماماً كما أن طاعة الزوجة للزوج ليست تخلفاً مشيناً، وإنما هي استجابة للقيادة في الأسرة. إذاً، لا تذهب الظنون بالمرأة إلى أن الإسلام قد فضل عليها الرجل لكونه أوكل قيادة الأسرة إليه دونها، بل وعليها التنبه جيداً لأولئك الذين يتصيدون في الماء العكر ? على ما يقال ? رغبة منهم في أن يفقد أبناء الإسلام ثقتهم في دينهم، مستغلين نقاطاً معينة مفسرين الغرض منها على أهوائهم ووفق ما يخدم مصالحهم وأهدافهم. إن طبيعة قيادة الرجل للأسرة ليست تسلطاً واستيلاءً، ولذلك فإنها لا تمنع من إسهام المرأة في الإدارة غير أنها لا تفرض عليها المساهمة ولا تكرهها عليها. وقيادة الرجل ذاتها لا تخرج إطلاقاًً عن دائرة المسؤولية إلى التحكم بالتعامل بالقسوة والتطلع بالغلظة، في السلوك والمعاشرة، وإن جنحت القيادة إلى ذلك فهي تعبير عن إفلاس الرجل في فهم القيادة وتطبيقها. والواقع، إن قيادة الرجل قضية مغروسة في اللاشعور لدى كل من الرجل والمرأة، فطبيعة قيادة الرجل للأسرة لم تكن مبنية على أساس العنف، ولا على أساس أن الرجل يمتلك القوة العضلية التي يمكنه من خلالها التحكم والسيطرة. محمد بن صبر - أبها