تظاهرة ثقافية تراثية فنية شعبية، تشهدها كل عام قرية الجنادرية من خلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة، الذي عشنا هذا العام دورته ال21، ومن أهم الرسائل التي يقدمها المهرجان لأبناء اليوم، جيل المستقبل، تقديم صورة رائعة ناصعة البياض توضح كفاح الرجال الأوفياء، على رغم شظف العيش وقلة الموارد في ذلك الوقت، إلا انهم بتوفيق من الله كدوا وكدحوا وسهروا للحصول على لقمة العيش التي كانت تسكت أصوات بطونهم الجائعة هم وأطفالهم، ومع ذلك كافح الرجال مع موحد هذا الكيان، حتى تحقق الحلم وتوحد الوطن تحت كلمة التوحيد. في قرية الجنادرية، وصف ل"كيف"كانت معاناة الأجداد، وكيف كانوا يعملون في كل الميادين، في الحقول وفي التجارة وفي الصناعة وفي الحرف والمهن، كل بحسب قدرته وحرفته التي يكسب منها قوته وقوت عياله، اذ لم يكن الذهب الأسود تم اكتشافه، والذي غير مجرى حياتنا، بفضل من الله، نحن جيل اليوم الذي ولد وفي فم كل واحد منا ملعقة من ذهب، وفي السوق الشعبية في الجنادرية تحكي تقسيمات وتعبيرات وجوه أولئك الحرفيين من دون أن يحكوا ما مروا به وما قاسوه من مرارة لكي يجدوا قوت يومهم. ترى هل وصلت رسالة المهرجان لجيل اليوم، وعرفوا أن هذا الوطن لم يصل إلى ما وصل إليه بمحض الصدفة أو بكرم أو منة من احد إلا رب العزة والجلال، الذي وفق رجال الوطن الأوفياء وأمامهم قائدهم لإعلان توحيد هذا الوطن المعطاء الذي أصبح اليوم مضرباً للأمثال في تمسكه بدينه وفي نهضته وحضارته، وما وهبه الله من خيرات لا تحتاج هنا سوى الشكر لله، كون النعم تدوم بالشكر. الجنادرية تقدم إذاً صورة لعاداتنا وتقاليدنا، كما تنقل لنا صورة من ما كان يأكله أبناؤنا وأجدادنا، إضافة إلى فنوننا وأزيائنا وملابسنا وحرفنا الشعبية التي فرطنا فيها للوافدين. فالعامل كان سعودياً وكذلك البنا ومثله النجار والجزار والمزارع والسائق وخلافه، أما اليوم فأين السعوديون من تلك الحرف والمهن؟ ترى هل تسهم الجنادرية في عودتنا لأصالتنا والعودة للعمل الشريف في مهن نبعت من أرضنا، فمارسها اليوم الوافدون ليكسبوا منها البلايين التي تحول لبلدانهم ونحن غارقون في العسل وفي متابعة التقليعات الوافدة عبر الأطباق الفضائية، اذ يتناول الشاب مصروفه يومياً من والده، ويرفض أن يعمل في حرف ومهن الآباء والأجداد الذين بنوا هذا الكيان.