ودعت سوق الأوراق المالية المتعاملين داخل السوق أمس، لتدخل في مرحلة توقف إجباري لإجازة عيد الأضحى، بعد مرحلة صعبة عاشها المتعاملون طوال الأشهر الثلاثة الماضية، قضت فيها السوق وتقلباتها على معظم رساميل المتعاملين، ليجد المتداولون الجدد أنفسهم وحيدين في سوق باتت لا تسمن ولا تغني من جوع. وعلى رغم التبريرات والانتقادات التي وجهت لسوق الأسهم خلال الأشهر الثمانية الماضية، وما صحبها من نزول في المؤشر العام بنسبة تجاوزت 60 في المئة عن آخر رقم حققه المؤشر العام للسوق، إلا أن تضارباً في الآراء حول مصير سوق الأسهم، بين من يتحدث عن مواصلة الانخفاض حتى 5 آلاف نقطة، وبين متفائل بتحقيق المؤشر 14 ألف نقطة صعوداً مع بداية العام الميلادي 2007 من دون توقف في الارتفاع. السعوديون لن يكونوا بأي حال من الأحوال على قدر من الحماسة أو الاجتهاد في تحصيل وتداول أسهم جديدة في السوق، ولن يعود الاكتتاب ذا متعة أو ترقب من المتعاملين الشرعيين والنظاميين، الذين يتجاوز عددهم في سجلات المصارف المحلية أكثر من 10 ملايين نسمة، وتعكس التراجعات الأخيرة للشركات الجديدة التي طرحت في السوق وتم إدراجها بعد انتهاء عمليات الاكتتاب، توجهات مستقبلية للمتعاملين فاقدي الثقة في السوق ومن صرح بعلاوات الإصدار لتلك الشركات، التي تداولت في أول أيام ظهورها بقيمة سوقية أقل من طرحها للاكتتاب العام. واتفق عدد من المحللين الاقتصاديين على تفسيرات حقيقية لما يحدث داخل السوق، أو النظرة المستقبلية التي يتطلع إليها الاقتصاد المحلي، من خلال استثمارات تخطت 270 بليون دولار أميركي، بعد إطلاق مجموعة من المدن الاقتصادية خلال العام الحالي 2006، أو من خلال مجموعة من القرارات والأنظمة التي استهدفت إصلاحات اقتصادية شاملة في مختلف القطاعات. يقول عضو مجلس الشورى أستاذ العلوم السياسية في كلية الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور صدقة فاضل، إن المتغيرات العالمية والأحداث السياسية المتلاحقة داخل المنطقة، كانت لها تأثيرات مباشرة على سوق الأوراق المالية، بالنظر إلى العوامل النفسية التي يتعامل بها المتداولون داخل السوق، إلا أن فاضل استدرك قائلاً:"إن الثبات في السياسة الخارجية السعودية والطفرة التي حدثت في الاقتصاد المحلي الذي ارتبط بالاقتصاد العالمي، من خلال ارتفاع متواصل لأسعار النفط، أفرز الكثير من النواحي الإيجابية للسوق، التي كان من الواجب عليها أن تستجيب بالشكل الإيجابي لجميع تلك المتغيرات الاقتصادية". وألمح فاضل إلى أن الحراك السياسي الذي تتخذه المملكة ووضوح الرؤية في التعاطي مع القضايا الإقليمية وتغيرات المنطقة، كانت ومازالت ثابتة في منهجية واضحة ومتوازنة، وتراعي المصالح المشتركة بين البلدان والأشقاء، وبطبيعة الحال فإن تلك السياسة والحديث لفاضل يجب أن تنسحب آثارها على سوق الأسهم، التي أفقدت السعوديين ومختلف المتداولين رساميلهم الحقيقية داخل السوق. من جانبه، أوضح كبير اقتصاديي البنك الأهلي التجاري الدكتور سعيد الشيخ، أن قيمة المشاريع المخطط تنفيذها بين عامي 2006 ? 2010 تقدر بنحو 270 بليون دولار أميركي، شكلت حصة المشاريع التنموية والبنية التحتية والمياه والكهرباء 135.2 بليون دولار، في حين بلغت حصة الاستثمارات لتوسعة الطاقة الإنتاجية والتكريرية في قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات والصناعة 132 بليون دولار. وقال الشيخ إن ما انسحب على حجم تلك المشاريع والنظرة المستقبلية لعمل الشركات داخل السوق، التي ستعمل على مد تلك المشاريع بمنتجاتها المتنوعة وفقاً لتصنيفاتها وقدراتها، كان من الواجب أن ينعكس بالشكل الإيجابي على أداء السوق، وتحقق تلك الشركات قيمة اسمية كبيرة وإيجابية، يرتفع معها المؤشر العام للسوق بالشكل المطلوب. وأضاف الشيخ أن إجمالي عدد المشاريع الرأسمالية في مختلف القطاعات بلغ 419 مشروعاً، توزعت على 117 مشروعاً تنموياً، و85 مشروع ماء وكهرباء، و37 مشروعاً صناعياً و84 مشروع بتروكيماويات، و96 مشروع نفط وغاز. السعوديون ينظرون بحال من الترقب والخوف إلى مستقبل سوق عصفت بأحلامهم، بعد أن كانت الأوهام المسيطرة على تلك الاستثمارات، وأرقام هلامية لم تحمل للتلاعبات أي ثقل داخل السوق.