الإسلام الذي انتشر بالسيف! من الذي يحميه اليوم؟... الإسلام يحارب في الدول التي دينها الرسمي الإسلام لقد كشف الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة عن الأحجبة الغليظة التي تغطي العقول والضمائر والقلوب، وأظهرت الحرب الشرسة التي تُشن على الحجاب قواسم مشتركة بين الدول التي يمثل المسلمون فيها أقلية والأخرى ذات الغالبية المسلمة، فالأولى تُشن فيها حرب شرسة من القوى اليمينية المعادية للإسلام، وتتمترس بذرائع أيديولوجية وعقائدية تدعو لحظر الحجاب في الدول المسيحية، أما الدول الإسلامية فيحارب الحجاب فيها من"حراس العلمانية"، بدعوى أن الحجاب يسيء للعلمانية في تركيا، ويسيء في العالم العربي للوحدة الوطنية باعتباره لباساً طائفياً، والحجة المشهرة اليوم هي لسنا أشد تطرفاً من الدول ذات الغالبية المسلمة! وها هي تونس تجند كل أجهزة الدولة القمعية لمطاردة الدمية"فلّة"التي ترتدي الحجاب في المحال والمكتبات والمراكز التجارية لمصادرتها. كان اتحاد علماء المسلمين دعا في تموز يوليو 2006 الحكومة التونسية إلى احترام القيم الإسلامية ووقف الاعتداءات عن الشباب المتدين، بدءاً من حظر اللباس الشرعي للنساء الحجاب وإغلاق الكتاتيب وتأميم المساجد وتجريم التدريس فيها، وتدنيس المصحف الشريف في سجن"برج الرومي"، وفي رمضان 1427ه نددت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان باعتداء السلطات التونسية على حرية اللباس لمنعه بالمدارس والجامعات، كما يتم القبض على كل امرأة تضبط بالحجاب وتقاد للمخفر كي توقع تقريراً بعدم العودة. وهنا أبرز ملامح هذا الصراع، ففي صفر 1426ه - آذار مارس 2005 أعدت هيئة مفوضي الدولة في القاهرة تقريراً يوصي بإلغاء قرار وزير الإعلام بحظر ظهور المذيعات المحجبات 26 مذيعة وعدم ممارسة أعمالهن الوظيفية، وأوضح التقرير أن لائحة اتحاد الإذاعة والتلفزيون ليس فيها ما يحظر منع المذيعات المحجبات، إذ الحجاب لا يخل بالواجبات الوظيفية ولا يهدد النظام العام للدولة، وإنما تنفيذ لأوامر الله تعالى. في نيسان إبريل 2005 أصدر التلفزيون السويدي قراراً يؤكد أن السويد تحترم الثقافات والديانات، وأن الحرية الدينية مكفولة في القوانين السويدية، وأجاز التلفزيون السويدي للمرأة المسلمة المحجبة حجاباً شرعياً أن تعمل، وبحسب القوانين المعمول بها في السويد، فإن أي محجبة تتعرض للتمييز العنصري أو الديني بسبب لباسها فلها أن ترفع دعوى عاجلة على رب العمل، وكانت فتاة مسلمة، تعمل بائعة ملابس بأحد المحال، رفعت دعوى ضد صاحب المحل، الذي فصلها بسبب الحجاب، فأنصفتها الدائرة الحكومية التي تنظر في قضايا التمييز وأعادتها إلى عملها مع تعويض كبير. وفي تشرين الأول أكتوبر 2005 أكد وزير العدل الإيطالي ربيرتو كاستيللي أمام أتباع حزب"عصبة الشمال الإيطالي"المتطرف، أنه ليس ضد الإسلام، وقال المتطرف جينتيليني العمدة السابق لمدينة تريفيزو:"يجب منع كل النساء المسلمات من ارتداء الحجاب". وذكرت صحيفة"التايمز"البريطانية، أن البرلمان الهولندي يدرس مشروع قانون قدمه جريت ويلدر النائب اليميني المتشدد لحظر ارتداء النقاب، وتعتبر هولندا أول بلد أوروبي يحظر ارتداء النقاب في أماكن معينة. وفي طاغكستان أصدر وزير التعليم عبدالصبور رحمانوف في رمضان 1426ه قراراً بحظر ارتداء الحجاب، وفي ألمانيا صرح رئيس البرلمان الألماني نوريت لامرت برغبته في إصدار تشريع يقضي بمنع ارتداء الحجاب، وهو أحد أعضاء الاتحاد المسيحي الديموقراطي، قائلاً:"إذا كان ارتداء الحجاب مسموحاً في الدول ذات الطابع الإسلامي، فإنه يجب عدم السماح به في الدول ذات الصبغة المسيحية"، يذكر أن المحكمة الدستورية الألمانية قررت في 2003 إمكان ارتداء الحجاب في المدارس، وتركت للأقاليم حق حظره أو السماح به، وفى الدانمرك ذكر موقع"إسلام أون لاين"أن التلفزيون الدانمركي اختار فتاة عربية محجبة لتقدم برنامجاً تلفزيونياً يتناول الكثير من القضايا المهمة للمجتمع الدانمركي، أبرزها أزمة الرسوم الأخيرة المسيئة للرسول"صلى الله عليه وسلم". وقد نقلت محطة"راي"الإيطالية، في تقرير لها من أذربيجان، أن عدد الفتيات المحرومات من وثائق الهوية بلغ عشرة آلاف فتاة بسبب الحجاب، إذ تحرم المحجبات من حقوقهن واستكمال دراستهن بالخارج. وفي كلمته أمام أعضاء حزبه في اسطنبول، في أيار مايو 2005، أكد رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان، أن حزبه لن يستخدم الحجاب كأداة سياسية، موضحاً، أن هناك فارقاً شاسعاً بين دولة إسلامية ودولة معظم سكانها من المسلمين، كما استنكر رفض القائمين على جامعة أتاتورك إدخال الأمهات المحجبات إلى القاعة التي أقيمت فيها مراسم تخريج الجامعيين، وأنه إساءة كبيرة لتركيا الديموقراطية، واستنكر وزير الخارجية عبدالله جول الحادثة قائلاً:"هم يحاولون التشهير بتركيا"، مؤكداً، أن هذه الحادثة لا يمكن أن تجري إلا في دولة رجعية وليس في دولة ديموقراطية. وأعلن رئيس محكمة حقوق الإنسان الأوروبية لوزيو ولدهابر في 2006، أن أهم قرار اتخذته المحكمة هو القاضي بشرعية حظر الحجاب في المؤسسات الرسمية والتعليمية التركية، إثر الدعوى القضائية التي رفعتها الطالبة التركية ليلى شاهين التي منعت من الدراسة في الجامعة بسبب زيها الإسلامي. لقد أصدرت المحكمة الاستشارية العليا في تركيا قراراً برفض تعيين امرأة في منصب مديرة مدرسة للأطفال بسبب ارتدائها الحجاب خارج المدرسة! أكد رئيس الوزراء التركي، أن الحظر المفروض على الحجاب سيرفع عاجلاً أم آجلاً، وعلى الجانب الآخر حسم رئيس هيئة الشؤون الدينية في تركيا علي بارداك أوجلو الخلافات التي آثارها العلمانيون حول إمكان أن تصلي المرأة من دون غطاء رأسها، وأضاف: أن المصدر الأساس لديننا هو القرآن الكريم وسنة سيدنا محمد"عليه الصلاة والسلام"، وقال: إن المرأة تغطي رأسها أثناء الصلاة منذ 14 قرناً، ووجه رئيس الوزراء التركي انتقادات للأطراف التي تعترض على انتداب من ترتدي زوجته الحجاب لوظائف قيادية، وتساءل مستنكراً: هل يُنتدب المسؤولون بحسب ما تضعه نساؤهم على رؤوسهن؟!. وشهد الشارع التركي ردود أفعال غاضبة من تصريحات الرئيس السابق سليمان ديميريل التي وصف فيها الحجاب بأنه من مظاهر الرجعية، وفي السودان أثار قرار مجلس وزراء ولاية"أعالي النيل"- أكبر الولايات الجنوبية في عدد المسلمين - منع الطالبات من ارتداء الحجاب في المدارس استياءً واستنكاراً واسعاً في الأوساط السياسية، واعتبرته مخالفاً للدستور واتفاق السلام الذي نص على كفالة الحريات والمعتقدات الدينية. هيثم صوان - مكّة المكرمة [email protected]