يبحث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع قادة الهند في نيودلهي اليوم، الملفات السياسية الإقليمية والدولية، وإمكانات البلدين المتاحة لتطوير العلاقات الثنائية، خصوصاً في جانبها الاقتصادي. واختتم الملك عبدالله أمس سلسلة المحادثات الشاملة التي وصفت بالمميزة مع القادة الصينيين، بعد ثلاثة أيام أمضاها في محطته الأولى من جولة آسيوية، تشمل الصينوالهند وماليزيا وباكستان، و تستهدف تعزيز علاقات الرياض بالدول المؤثرة شرقاً. وأعلنت الهند خادم الحرمين الشريفين ضيف شرف على احتفالاتها الوطنية غداً الخميس المسماة"يوم الجمهورية"، الذي يصادف الذكرى ال 55 لاستقلال البلاد. وجرت لثاني ملك سعودي يزور العاصمة الهندية بعد الملك الراحل سعود مراسم استقبال استثنائية في مطار نيودلهي الدولي، لدى وصوله مساء أمس والوفد المرافق. واستقبل الملك بعد وصوله إلى مقر إقامته في العاصمة الهندية، الوفد المدني السعودي، وقدّم منسق الوفد خالد المعينا لخادم الحرمين الشريفين شرحاً عن نتائج لقاءات الوفد فعاليات الشعب الهندي ومؤسساته الاجتماعية، بمناسبة الزيارة الملكية، وما أعربت عنه الفعاليات من مشاعر التقدير لما وصلت إليه المملكة العربية السعودية من تقدم ونهضة في شتى المجالات. وكان خادم الحرمين غادر بكين عصر أمس بالتوقيت المحلي، بعد أن التقى صباحاً رئيس مجلس الدولة الصيني وان جياو باو، الذي أقام مأدبة غداء على شرف خادم الحرمين والوفد المرافق. وقبيل مغادرته البلاد، التقى الملك رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وو يانغ، وبحث معه في حضور وفدي البلدين القضايا الثنائية ومستجدات الوضع الإقليمي والدولي. وقال الملك عبدالله في مستهل محادثاته مع رئيس مجلس الدولة الصيني:"أتمنى أن تقوي هذه الزيارة العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية وكل ما يهم البلدين". وأضاف:"نحن نحترم الصين والشعب الصيني، لأننا نعتبره من الأصدقاء الأعزاء". في حين أكد خلال لقائه رئيس المجلس الوطني لنواب الشعب"أن الصين نعتبرها بلداً صديقاً، ولهذا أحببت أن تكون أول زيارة لي للصين"، أضاف:"نحن لا نكن للصين إلاّ كل خير ومحبة وصداقة، وإن شاء الله الأمور السياسية والاقتصادية ستسير على مستوى عال، وهذا ما أتمناه ويتمناه الأصدقاء في الصين". إلى ذلك، تتطلع الهند التي تعد رابع شريك تجاري للرياض، إلى بناء حلف استراتيجي مع السعوديين، وهي الرغبة التي بادلها الملك عبدالله بالترحيب، في حديث تلفزيوني أذيع قبل ليلتين أكد فيه بالقول:"هذه الزيارة مهمة لأن الهند ظلت صديقاً منذ زمن بعيد للمملكة العربية السعودية". وأضاف:"والهند تحظى بالاحترام من الشعب السعودي ومني شخصياً، وإننا نتطلع إلى أن تعود الصداقة إلى ما كانت عليه وأكثر من ذلك". مشيراً إلى أن العلاقات الوطيدة والمعروفة بين السعودية وباكستان"لا تحول بيننا وبين الهند". ودعا عشية وصوله عاصمتي البلدين نيودلهي وإسلام آباد، إلى تغليب منطق السلم والتحاور بدلاً من الانزلاق في التناحر وتشويه السمعة. وتساءل قائلاً: إن الدولتين"جارتان ولغتهما واحدة، فلماذا التناحر على شيء ممكن أن يحل بالتحاور في ما بينهما، ويحقنوا الأرواح والدماء المسفوكة، وفي الوقت نفسه الخسائر الاقتصادية، وسمعة البلدين فوق كل شيء؟". وترك الملك عبدالله للهنود تقدير حاجتهم من المنتجات السعودية، وفي مقدمها التزود بإمدادات طويلة الأجل من النفط. وقال في رد على سؤال عن رغبة السعودية في توقيع اتفاق كبير لإمداد الهند بالطاقة:"هذا يعود لرغبة الهند، إذا كانت لديها الرغبة الأكيدة فنحن كذلك، ونحن نوفر الطاقة للهند ولأنحاء العالم كله". كما لم ينس الملك تأكيد موقفه من ارتفاع الأسعار بالقول:"نحن نفضّل أن تنخفض أسعار النفط، لأن ارتفاعها ليس من مصلحة البلدان النامية". بدوره، قال السفير السعودي لدى الهند صالح بن محمد الغامدي، إن زيارة العاهل السعودي إلى نيودلهي"مؤشر أكيد على الحركة الإيجابية التي شهدتها علاقات البلدين خلال الأعوام القليلة الماضية في جميع المجالات، انطلاقاً من المكانة البارزة إقليمياً وعالمياً لكلا البلدين الصديقين". وقال أيضاً:"إن هناك اهتماماً كبيراً من الجهات الحكومية والقطاع الخاص في الهند بهذه الزيارة التاريخية، نظراً إلى ما تتميز به المملكة من ثقل سياسي واقتصادي على الصعيدين الإقليمي والدولي". مشيراً إلى أنه سيقام على هامش الزيارة معرض للصناعات السعودية، كما سيتم توقيع العديد من الاتفاقات التي تغطي مجالات عدة. وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل العام الماضي إلى نحو عشرة بلايين دولار، يميل فيها الميزان إلى كفة الصادرات السعودية بأكثر من ثمانية بلايين دولار، وأن الهند عاشر أهم اقتصاد بالنسبة إلى بلاده. من جانبه، وصف السفير الهندي لدى السعودية السيد إم أو إتش فاروق، زيارة خادم الحرمين إلى الهند بأنها زيارة تاريخية، ستسهم في تعزيز العلاقات الثنائية التاريخية، مؤكداً في تصريح لمناسبة وصول الملك عبدالله إلى عاصمة بلاده، أن العلاقات بين البلدين مزدهرة منذ قرون عدة. وأضاف السفير فاروق أنه سيتم خلال هذه الزيارة تبادل وجهات النظر حول ما يهم البلدين، ومنها محاربة الإرهاب وحماية الاستثمارات المتبادلة، وتشجيع تجنب الازدواج الضريبي، والتعاون المشترك في مجال الزراعة والتعليم، فضلاً عن توثيق العلاقات الثنائية لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين، وبحث الأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية.