تبادلت وزارة الصحة وأمانة محافظة جدة التهم بشأن عودة مرض حمى الضنك من جديد في جدة، بعد أن سجلت عدد من المستشفيات الخاصة أمس حالات وفاة وإصابة بالمرض تكتمت عن ذكرها بأمر من وزارة الصحة. وأوضح مصدر مسؤول في الأمانة أنه تم تكثيف البرامج الوقائية لمواجهة حمى الضنك ودعم ذلك بالسيارات المجهزة للمكافحة الفورية مع العمالة المتخصصة في هذا الشأن وتسعى حالياً لردم المستنقعات الحاضنة للبعوض ورش مواقع وجودها. في حين أشار مصدر في وزارة الصحة، أنه جرى مخاطبة"الأمانة"خلال الفترة الماضية من أجل التحرك الفوري واتخاذ الإجراء اللازم حيال وجود 280 حالاً مصابة بحمى الضنك في المحافظة، مرفقاً مع شكاوى سكان أحياء جنوبجدة وشمالها لكثرة المستنقعات والمياه الراكدة فيها. وكانت معلومات تسربت أمس عن وفاة وإصابة عدد من المواطنين والمقيمين بالمرض استقبلتها المستشفيات الخاصة في المحافظة، الأمر الذي لم تؤكده أو تنفيه هذه المستشفيات، مرجعة تكتمها على هذا النوع من الأمراض بحسب توجيهات وزارة الصحة، ووجود تنسيق بينها وبين الوزارة في رصد هذه الحالات يومياً وإرسالها إلى اللجان المختصة في الوزارة. وأوضح مسؤول الإعلام في مستشفى سلمان فقيه عبدالحميد الآغا، أن المستشفى استقبل حالات عدة لمرض"الضنك"، إلا انه رفض إحصاء عددها بحسب تعليمات وزارة الصحة، وأضاف أنه تم إرسال تقارير مفصلة عن هذه الحالات ومدى الإصابة إلى الوزارة، مؤكداً في الوقت نفسه عدم وجود أي حال وفاة وقعت في المستشفى جراء هذا المرض حتى هذه اللحظة. وأمام هذا الواقع، قال مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة الدكتور عبدالرحمن خياط في تصريح إلى"الحياة"إن مرض حمى الضنك لا يزال موجوداً في المنطقة ولم يختف كما أشيع، مرجعاً ذلك إلى وجود المياه الراكدة والمستنقعات في أجزاء متفرقة من المحافظة، الأمر الذي عده سبباً رئيساً لانتشار البعوض الناقل للمرض. وعاد للقول:"إن معدل الإصابة بالمرض كما يتضح من التقارير الرسمية للجان الاختصاص ليس مقلقاً إلى الحد الذي يجعله مرضاً وبائياً يهدد سكان المنطقة،" ليست هناك إصابات كثيرة تدعو للقلق بل تعد ضئيلة ونسعى بالتنسيق مع أمانة المحافظة إلى القضاء عليها بأسرع وقت ممكن". وأكد خياط، أن وزارة الصحة لا تتحمل ظهور المرض بين الفينة والأخرى والإصابة به، محملاً في الوقت نفسه"الأمانة"المسؤولية كاملة كونها المعنية بمعالجة مشكلة المياه الراكدة والمستنقعات الحاضنة للبعوض الناقل للمرض، معتبراً أن مهمة الوزارة تأتي في معالجة المرضى المصابين ومتابعتهم حتى يتم الشفاء. واعترف خياط، بأن وجود مثل هذه الأمراض يعد مقلقاً للمسؤولين في الوزارة، مشيراً إلى أن احتواءه والسيطرة عليه يعتبر هاجساً، على رغم الجهود التوعوية التي تبذلها الوزارة في مناطق السعودية بشأن الأمراض الوبائية والمعدية. ودق ناقوس الخطر في وقت سابق المدير العام للشؤون الصحية في منطقة مكةالمكرمة الدكتور ياسر الغامدي عندما كشف عن استيطان حمى الضنك في جدة، موضحاً أن الحالات التي اشتبه فيها بلغت 600 حال أثبتت 280 حالاً منها مخبرياً. من جانبه، اعتذر المدير الفني للشؤون الوقائية في الرعاية الصحية الأولية الدكتور عبدالمحسن الزلباني، عن الكشف عن عدد الإصابات ومعدلها في المنطقة، موضحاً أن هناك أشهراً في السنة يرتفع فيها معدل الإصابة بالمرض وفي المقابل تنخفض في أشهر أخرى. وأضاف، أن هناك رصداً دائماً لمؤشرات كثافة البعوض في المنطقة مع معدل الإصابات يتم رفعها يومياً إلى"الأمانة"من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه الأمر. وعن حدوث وفيات خلال الأيام الماضية، قال"الله أعلم... لكن هناك تنسيق جاد مع الأمانة بشأن معدلات الإصابة بالمرض في المنطقة ومدى انتشارها، إذ تظهر في ظروف وتختفي في ظروف أخرى". وأضاف، أن الإصابة بالمرض تختلف من شخص إلى شخص وتكمن الخطورة في إصابة كبار السن لاعتبارات صحية عدة، مشيراً إلى أن أعراض المرض تظهر على شكل حمى خفيفة مصحوبة ببعض أعراض البرد أو تأتي مصحوبة بأعراض نزيفية مثل نزيف الجهاز الهضمي أو طفح جلدي شديد. مؤكداً ندرة حدوث الوفاة بين المرضى المصابين في حال معالجتهم في الوقت المناسب. مرض "فيروسي" ينقله البعوض يعد حمى الضنك مرضاً فيروسياً، تسببه مجموعة من فيروسات الضنك dengue viruses، والتي تنتقل من طريق البعوض المسمى aedes aegypit"لاتنتقل العدوى من شخص إلى آخر"، ويتكاثر هذا البعوض في المياه المخزونة لأغراض الشرب أو السباحة، أو مياه الأمطار المحجوزة للزارعة، أو المتجمعة في الشوارع والطرقات أو الراكدة والمتبقية في الصفائح الفارغة، والبراميل، والإطارات. وتنتشر حمى الضنك في بعض الأحيان على شكل موجات وبائية epidemice، وتكون نسبة الإصابة السكانية في هذه الوبائيات مرتفعة، تصل إلى 80 في المئة من مجموع السكان في المنطقة الموبوءة. وتأتي حمى الضنك بشكلين سريريين، الأول بسيط وهو الغالب، إذ يشبه الفيروسية إلى حد كبير في بداياته، ثم تشتد الحمى حتى تصل حرارة المريض إلى 40 درجة مئوية، وقد تسبب الاختلاجات أو التشنجات عند الأطفال convulsion، وتكون غالباً مترافقة مع الصداع، ثم تظهر الأعراض الأخرى فيما بعد مثل آلام الظهر والمفاصل والعضلات، وفقدان الشهية، والغثيان والقيء ، والطفح الجلدي. أما الشكل الثاني من"الضنك"، فهو الشكل النزفيhemorrhagic fever dengue وهو مرض خطر وربما قاتل، وتسببه نفس فيروسات الضنك أيضاً، إلا أنه لا يحصل في الإصابة الأولى للفيروس، بل يغلب أن يكون في إصابات ثانية لنفس الفيروس، أو بعد إصابة جديدة لفيروس ضنكي آخر غير الأول.