لم تحسم الحرب التي أعلنتها السلطات السعودية منذ العام 2006 لمكافحة ما يطلق عليه "حمى الضنك" الفيروسي. وينتشر حمى الضنك عبر أنثى البعوض التي تعيش على تجمعات المياه الراكدة ومياه الأمطار، وخصصت المملكة زهاء ثمانية مليارات ريال سعودي لمكافحته. وتقف ثلاث جهات رسمية في مواجهه "المرض"، متوزعة بين جهتين تنفيذيتين، الأولى رئيسة وهي وزارة الشؤون البلدية والقروية، والثانية هي وزارة الزراعة، والثالثة جهة توعوية، إلى جانب وزارة الصحة التي تقدم العناية الطبية اللازمة للمرضى. وتعد مدينة جدة العاصمة التجارية والواقعة في غرب السعودية أكثر المناطق المتضررة من هذا المرض الوبائي، حيث ازدادت خطورته خاصة بعد كارثة السيول التي تعرضت لها المحافظة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 ونتجت عنها تحذيرات صحية من خطورة الوضع. وتلي جدة العاصمة المقدسة مكةالمكرمة، وأخيرا المناطق الجنوبية من السعودية التي أصابتها السيول، حيث تجد فيها أنثى البعوضة بيئة مناسبة للتوالد جراء المستنقعات التي تخلفها وراءها السيول. إستراتيجية المكافحة وحسب مسؤول في وزارة البلدية، فإن إستراتيجية المكافحة الوطنية، تنفذ عبر فروعها في المناطق (الأمانات) التي تقوم على عمليات رش المبيدات الكيميائية والاستكشاف الحشري، لأماكن توالد البعوض عبر أجهزة رصد وقياس الكثافة الحشرية. كما تشمل هذه الإستراتيجية الرش الفراغي حول المساكن وردم البرك والمستنقعات ومكافحة أماكن وجود يرقات البعوض الناقل للمرض والمسح الوبائي للحالات ورش المنازل، والرش الجوي الذي تقوم به مديريات الزراعة بالمناطق إضافة إلى التوعية الصحية للسكان. غير أن هذه الإستراتيجية الوطنية "لم تؤت أكلها" حسب عضو المجلس البلدي لمحافظة جدة بسام أخضر الذي قال للجزيرة نت "إن عمليات الرش التقليدية التي تنفذها الأمانات وتحديدا في جدة لم تعد مجدية للقضاء على وباء حمى الضنك"، مشيرا إلى عدم إدراك المسؤولين لذلك، خاصة "أن اليرقات الناقلة للمرض تكتسب مناعة مع الرش غير القاتل، وإلا فكيف نفسر ازدياد الإصابات بهذا المرض". بسام أخضر أكد عدم وجود خطة إستراتيجية فاعلة لمواجهة المرض الوبائي طريقة غير مجدية ويفسر أخضر أسباب عدم وجود إستراتيجية واضحة للقضاء على المرض من الجهات المعنية (في إشارة إلى الأمانات الفرعية لوزارة البلدية)، إلى تعاملها مع المرض بطريقة "ردات الفعل". وقال إن ذلك "لا يجدي على مستوى العلاج المتكامل، خاصة في ظل غياب الرقابة الحقيقية من قبل أجهزة الأمانة في جدة أكثر المناطق المتضررة". وأكد أخضر أن المشكلة ستظل قائمة في ظل عدم التخطيط السليم الإستراتيجي، وحذر من ارتفاع منسوب بحيرة الصرف الصحي عن مستوى جدة التي تساعد في تغلغل المياه الآسنة منها إلى أحياء المدينة والتسبب بوجود عدد كبير من المستنقعات. وشدد على ضرورة عدم التأخر في بناء شبكات الصرف الصحي "حتى نتمكن من مواجهة هذا الوباء وعلاجه من جذوره في جميع المناطق خاصة تلك التي تعرضت للسيول". اتهام واتهم أخضر "أشخاصا لهم مصلحة بعدم معالجة المرض من جذوره، وأن أولى الخطوات الإستراتيجية هي في التخلص من هذه النماذج أولا"، دون أن يبدي أي تفاصيل أخرى من خلال هذا الاتهام. وأضاف أن القضاء على الوباء المرضي يحتاج إلى تنفيذ خطة تستند إلى مخطط علمي صحيح. من جهتهم امتنع مسؤولون في وزارة الشؤون البلدية عن التعليق على القضية، خاصة في ظل إيقاف عدد من المسؤولين في برنامج "حمى مكافحة الضنك" بمحافظة جدة بتهمة الاختلاس المالي. وكانت أول حالة سعودية سجلت لحامل فيروس حمى الضنك بمدينة جدة في أكتوبر/تشرين الأول 1993. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يتوطن مرض حمى الضنك في معظم دول المناطق المدارية وتحت المدارية في قارات أميركا الجنوبية وأفريقيا وآسيا. وسجل تفش وبائي للمرض في العديد من الدول مثل البرازيل عام 2008 ومدغشقر عام 2006 وإندونيسيا عام 2004 والهند عام 2003. ==