أم حسن سيدة سعودية مهددة بالطرد من شقتها التي تضم أبناءها الخمسة، بعد وفاة والدهم الذي ترك لهم تقاعداً يبلغ 1500 ريال، إضافة إلى حفيدتها من ابنتها المطلقة، ونادراً ما تتلقى الأسرة مساعدات من فاعلي الخير. المعاناة طويلة وفصولها كثيرة، ولكنها ومنذ نحو 14 شهرا، بدأت تتخذ منحى آخر أكثر سوداوية. كان ذلك بعد وفاة رب العائلة الذي وافته المنية وهو في سن الخامسة والأربعين مخلفا وراءه تركة ثقيلة أجبرت أرملته على تحملها. لم تفق أم حسن من صدمة فقد زوجها حتى خضعت لأول اختبار يمس حياة من تعول، ففوجئت بطلب صاحب الشقة التي تسكنها يطالب برفع الإيجار ألف ريال عند توقيع عقد جديد. وماذا تفعل الأرملة المنكسرة سوى الرضوخ؟ بعد ذلك تكرر الأمر مرتين حتى ارتفع من عشرة آلاف ريال إلى 12 ألفاً. عائلة أم حسن غير مسجلة في الجمعيات الخيرية،"وش أسوي؟ ما أقدر على مصاريف سيارات الأجرة لمراجعة الجمعيات الخيرية، الراتب التقاعدي لزوجي 1500 ريال، وبعد الزيادة في رمضان سيزيد 225 ريالاً". وتؤكد أن فاعلي الخير كانوا يسهمون في دفع بعض الإيجار، إلا أنها لم تجد أحداً هذه المرة على رغم أنه بقي على موعد دفع القسط الذي يبلغ ستة آلاف ريال أسبوع،"إمام المسجد ما أعطانا شهادة بأننا محتاجون حتى نعرضها على فاعلي الخير مثل كل مرة"، مشيرة إلى أنه أقسم بالله بأنه يعلم أننا في عوز، إلا أن قراراً صدر أخيراً قضى بمنع أئمة المساجد من منح هذه الشهادات،"والله إني أعيش في خوف رهيب كلما اقترب موعد دفع القسط". وتحلم أم حسن، بعد أن امتنع أقرباؤها الذين لم يروها وعائلتها منذ وفاة عائلهم إلا مرات قليلة، عن مساعدتهم،"ببيت يسترني أنا وأبنائي، بعيداً من الإيجار الذي يقلقنا كلما حل موعده ونحرم أنفسنا لمدة شهرين على الأقل من الضروريات لتوفيره". أم حسن تتحسر على ابنتها الصغرى 21 عاماً التي زوجتها وعمرها 16 ربيعاً من شاب يكبرها بخمسة أعوام، وبحسب صك الطلاق الذي تحتفظ الجريدة بنسخة منه،"فإن الزوج العاطل من العمل كان يضربها بشدة، ولم يوفر لها سكناً خاصاً بل كان يقطن في بيت أهله، ولم يكن يصرف عليها هي وابنتها ثمرة الزواج الذي استمر عامين". وكان صهر العائلة"انتقل إلى العيش معهم في منزلهم مع زوجته، عندما لم يجد ملاذاً بعد خروجه من بيت أهله، إلا أنه استمر في معاملته السيئة لزوجته،"لجأنا إلى المحكمة، ورفض تطليقها إلا بعد إعادة المهر إليه، وعندما شرحنا للقاضي أننا لا نستطيع دفعه نقداً، طلب من زوجي قبل وفاته أن يقسطه بمعدل ألف ريال شهرياً وهو ما تم". المشكلات الأسرية لم تقف عند هذا الحد، فالابنة الكبرى 25 عاماً التي عقد قرانها قبل عشرة أشهر، بعد وفاة والدها لم يدخل بها زوجها حتى الآن، إذ لم يدفع مهرها الذي حدد ب 50 ألف ريال". تقول أم حسن:"هو شاب طيب ومتمسك بابنتي، إلا أن الأخيرة طلبت تطليقها نتيجة مماطلته، ويريد الزواج بها مجاناً، لأنه لا يستطيع توفير المهر"، مؤكدة أنها طلبت منه 30 ألفاً فقط، قبل أن تخفضها إلى 20، ومع ذلك ما زال الأمر معلقاً. وتضيف:"أن أهل الشاب طيبون، واجتمعت مع والده ووالدته لكي يجبروه على تطليق اليتيمة التي لم يعد أحد يحافظ على حقوقها بعد وفاة والدها، خصوصاً أن ابنهم ليس له عمل دائم، إلا أنني لم أتلق رداً حتى الآن، وسألجأ إلى المحاكم في حال لم تُحل المشكلة ودياً على رغم أنني كنت أتمنى ستر ابنتي وتزويجها". وكان لوفاة أبي حسن أثر نفسي على حياة أبنائه، خصوصاً في الجانب التعليمي، فالأكبر 19 عاماً انقطع عن دراسته الثانوية بعد أن رسب فيها بسبب الفاجعة، وتوظف الآن بمرتب 900 ريال في المكان نفسه الذي كان يعمل فيه والده، وشقيقه الأصغر 15 عاماً رسب العام الماضي، فيما ساعد شقيقتهم 12عاماً على إكمال دراستها تعاطف معلماتها معها.