يرى اقتصاديون سعوديون أن التحسن الكبير في الإيرادات السعودية في ظل استمرار ارتفاع أسعار النفط، الذي انعكس على زيادة التوسع في الإنفاق المقدر عن موازنة العام الحالي، ينبغي أن يضع المخطط الاقتصادي على"محك"التحديات التي تحيط بالاقتصاد الوطني. ويقول الاقتصادي السعودي المتخصص في تحليل المعلومات الدكتور إحسان بو حليقة:"على الحكومة أن تجد حلاً لتثبيت إيرادات النفط، وهذا الأمر لن يتأتى إلا بإنشاء صندوق استقرار إيرادات الخزانة، لمكافحة العجز في الموازنة، وتثبيت إيرادات النفط، كما فعلت النروج، التي لا تعتمد على الإيرادات النفطية، الأمر الذي حقق لها اقتصاداً قوياً، لا يتأثر سلباً بارتفاع أسعار النفط، كما أنه يستطيع مواجهة أي طارئ اقتصادي". وهنا لا تجد أستاذة الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة نادية باعشن مفراً من ضرورة التخلص من"سطوة النفط"وتأثيره في الإيرادات، تقول:"لا يمكن التخلص من سيطرة النفط على الموازنة إلا بتحقيق أمرين مهمين، الأول: تفعيل القاعدة الصناعية وخصوصاً التصنيع الغذائي، وثانياً: تفعيل قطاع الخدمات الذي لا يزال متخلفاً، ويعتمد على العنصر غير السعودي". وحول الإيرادات غير النفطية تقول باعشن:"الإيرادات غير النفطية مهمة جداً، ومن اجل تحقيق إزدهارها، يجب دعم المشاريع التي تحقق هذا الهدف، كما يجب دعم التخصصات". وتضيف:"والغريب أن ذلك لم يحدث هذا العام والعام الفائت، والسبب أن توزيع الموازنة غير مبرر وغير واضح، ومعدوم الشفافية، فعلى سبيل المثال موازنة رعاية الشباب أكثر من موازنة الجامعات، وهذا يعتبر من الأمثلة، التي تقف ضد تقوية الإيرادات غير النفطية". من جهته، يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامه فيلالي:"إن وجود فائض الموازنة أعطى الحكومة فرصة الصرف على تجديد وتوسيع وصيانة البنية التحتية"، مبيناً أن زيادة معدلات النمو السكاني تتطلب تنفيذ العديد من المشاريع الخدمية كالمدارس، والمستشفيات، وغيرها". ويسجل لقرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مؤشرات مهمة، أبرزها: ضخ الإنفاق الحكومي في القطاعات التي تمس برنامج الرفاه الموجه للمواطنين في قطاعات التعليم والتدريب، والصحة، والخدمات البلدية، إذ بلغت مخصصات المشاريع الجديدة فقط 75.5 بليون ريال 20.13 بليون دولار، ودعمه في ذلك أيضاً زيادة مخصصات صناديق التنمية وبرامج التمويل الحكومي، إذ زاد رأسمال بنك التنمية العقاري إلى تسعة بلايين ريال 2.4 بليون دولار وبنك التسليف إلى بليوني ريال 533 مليون دولار. وجميع هذه المشاريع سيتم تمويلها من الفائض المتوقع لإيرادات العام 2004 وبقيمة 41 بليون ريال 11 بليون دولار. وهنا يرى فيلالي أنه لا بد من مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية، إذ لا يزال هناك قصور في مشاركة القطاع الخاص في المشاريع التنموية. مضيفا"أن الإنفاق الحكومي على تطوير البنية التحتية سيحقق انتعاشاً في أنشطة قطاع البناء والمقاولات، كما سيكون له تأثير إيجابي في الاقتصاد الوطني". وفي السياق ذاته، يطالب المستشار المالي عبدالكريم عداس المؤسسات الحكومية بتفعيل التعاون مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع البنية التحتية، التي يرى أن عمرها الافتراضي انتهى. لذا يجب - والحديث لعداس -"التخطيط لإنشاء بنى تحتية جديدة"، خصوصاً بعد زيادة الإيرادات العامة في موازنة الدولة. ويتوقع عداس"أن يكون هناك تأثير إيجابي في أنشطة قطاع البناء والمقاولات، إذ إن زيادة النمو السكاني تتطلب تنفيذ مشاريع عدة، خصوصاً في قطاع الإسكان. وهنا يشدد المحلل الاقتصادي حسين شبكشي"على فتح المجال أمام المستثمر الأجنبي للاستثمار في القطاعات المحظورة مثل الإعلام، والتأمين، والرياضة، إضافة إلى إزالة العوائق التي تواجه الاستثمارات المشتركة، في القطاعات الجامدة كالمصارف". ويقول شبكشي"إن تطبيق نظام الحكومة الإلكترونية، ووضع قوانين نافذة تعاقب من يعطل إجراءات الاستثمار، يساعد على محاربة البيروقراطية، مطالباً بزيادة الثقة بالقطاع الخاص، وإعطائه فرصة أكبر لتنفيذ المشاريع.