وصف الدكتور عبدالله الحامد، الخارج من سجن دام نحو عام ونصف العام، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ب"رجل المرحلة التجديدي". الحامد الذي سيلتقي ورفاقه الدكتور متروك الفالح وعلي الدميني والمحامي عبدالرحمن اللاحم، مساء اليوم الملك عبدالله في قصر الصفا في مكةالمكرمة، حيث سيتناولون معه طعام العشاء، وصف في اتصال هاتفي أجرته معه"الحياة"أمس، لقاءً جمعه مع 40 من الموقعين على مذكرة"رؤية لحاضر الوطن ومستقبله"، مع ولي العهد حينها الأمير عبدالله بن عبد العزيز. وقال:"تحدثنا معه بكل شفافية، واستمع لرؤيتنا". موضحاً أن الملك عبدالله يرحب دائما باللقاءات. وأشار إلى رعايته مؤتمرات الحوار الوطني الأربعة، واهتمامه بقضايا المرأة. وأضاف:"هو لها أهل، فهو رجل الإصلاح الأول، وذلك ليس إطراءً أو مجاملة، فهو فعلاً تجديدي، وهي مزية يتحلى بها إضافة إلى شفافيته وصدقه وصراحته"، مؤكداً تفاؤل الشعب السعودي بتولي الملك عبدالله الحكم". ووصف الحامد أوضاعه المعيشية داخل السجن ب"الجيدة جداً". من جهته، قال عامر الفالح، أحد أبناء الدكتور متروك الفالح:"منذ خروج والدي الاثنين الماضي من السجن لم يتوقف الزوار حتى الآن عن القدوم للترحيب والمباركة"، مبيناً أن أسرته كانت تتوقع الإفراج عنه"لكنه الآن شعور غير اعتيادي، فالأمر أصبح حقيقة، وهو مختلف تماماً". وقال"إن الملك عبدالله صاحب مواقف إصلاحية معروفة، وسبق له أن قابلهم، واحتفى بهم. وأبدى الفالح عدم استغرابه من العفو عن والده وبقية رفاقه. وقال:"هذا ما تعودناه منه، وهي مبادرة إيجابية". وكان المفرج عنهم الأربعة تقدموا بطلب لقاء مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فور الإفراج عنهم، ولقي طلبهم"قبولاً سريعاً"، على حد قول المحامي عبدالرحمن اللاحم، الذي عبر عن سعادته باللقاء. وأبدى ثقته الكبيرة في"سعي الملك نحو المضي قدماً بسفينة الإصلاح، ليكون ربانها". والشاعر علي الدميني المفرج عنه بعفو من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لم يترك دموعه تفلت منه وهو يحتضن ابنته وذويه مساء أول من أمس لدى عودته الى منزله في الظهران، بعدما أمضى في السجن سنة ونصف السنة. بل راح يرقص مع المحتفين بعودته، على إيقاعات فرقة شعبية أتت من بلدة العوامية، زفته ك"العريس"في ليلة فرحه. وكان لفرح الدميني وعائلته وأصدقائه وقع كبير، اذ غاب الحزن عن دارته التي ملأها قبل نحو ثلاثة أشهر، عندما صدر عليه حكم بالسجن تسع سنوات، لم يمضِ منها الدميني بعد صدوره، في السجن تسعين يوماً. ربما يكون لحبسه الدمع وهو يضم ابنته في حضنه، سبب آخر، أكثر حزناً من قضائه شهوراً خلف القضبان، إذ كان وقع خبر وفاة والده عليه شديداً، خصوصاً انه كان يعد نفسه بلقائه لكن اللقاء لن يتم. إلا أن الأيام التي أمضاها في السجن لم تمر من دون أن تترك أثراً في الدميني ولو ظاهرياً، اذ بدا أكثر نحافة ورشاقة، وهو يتمايل مع إيقاعات موال بحري أدته الفرقة. وقال بعض أصدقائه ممن أموا منزله ممازحين:"من ايجابيات السجن له أن خف وزنه، وشفي من مرض السكر". لكن الدميني تحدث عن فترة سجنه، مؤكداً انه لم ينقطع عن متابعة الشأن العام المحلي والعربي والدولي، وقال:"كانت الصحف ومعظم الإصدارات المحلية تصل إلينا". ربما جعل هذا الحياة في السجن"أسهل"، إضافة إلى تلبية طلباتنا من الكتب. ويقول :"طلبنا بعض الكتب من مكاتبنا الشخصية، وركزت في ما طلبته على كتب ذات طابع ثقافي عام". ويشير إلى أن بعضها سبق أن قرأه، ولكن لا يمنع ذلك من إعادة القراءة، فأعدت قراءة كتب محمد الجابري كلها، مثل كتاب"بنية العقل العربي". وكتاب"الإذعان في حقوق الإنسان"للمؤلف هيثم مناع". ولم يكن الدميني بعيداً عن الحال الشعرية التي أسهمت في تكوين شخصيته، إذ حصل على ديوان شعر البردوني صدفة. وقرأ أيضاً ديوان محمود درويش"لا تعتذر عما فعلت". وكذلك كتب في سجنه ثلاث قصائد"غير مكتملة الشروط الفنية، إلا أنها تعبر عن الحال التي كنت فيها، وكانت أحداها موجهة إلى حارس السجن"، كما يقول. لكنه لم يشأ أن يذكرها، ربما في انتظار للحظة اكتمال شروطها الفنية، أو محاولة لنسيان"اللحظات الطويلة والرهيبة، خصوصاً خلال الشهرين الأولين في الحبس الانفرادي"، كما يقول. وتحدث الدميني عن أصدقائه في السجن، ولم يخف أن أكثرهم تنظيماً في ترتيب وقته كان الدكتور متروك الفالح. ويقول:"كان ينام في العاشرة ليلاً ويصحو في الرابعة فجراً". أما هو فكان يطيل السهر، وأحياناً يبقى مستيقظاً حتى السابعة صباحاً،"لأنني لم أكن اهتم كثيراً بمسألة تنظيم الوقت، بل بكيفية قضائه". وعن الطعام الذي كان يتناوله قال:"الوجبات كانت جيدة في شكل عام، تقدم لنا وفق جدول منظم، هناك يوم للحم وآخر للدجاج ويومان للسمك". ويضحك حين يقول :"كان يقدم لنا لحم جمل، هل تأكلون انتم لحم الجمل مرة كل أسبوع؟". وكذلك لم يكن الدميني في سجنه منقطعاً تماماً عن ذويه، بل كانت عائلته تزوره أسبوعياً لمدة ساعة، وكل أسبوعين لمدة سبع ساعات. وكان يحظى أيضاً باتصال هاتفي مرة كل أسبوع، و"كل تلك الأمور لم تجعلني منقطعاً عن محيطي، ووفرت لي سماع أخبار الأصدقاء والأهل". وعن شعوره يقول:"أحس بما يحسه الكثيرون من أبناء السعودية، من أمل في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، إذ يشكل مرحلة متطورة من مراحل بناء الدولة وتحديثها، واستكمال مؤسساتها، وأنا مثل أي مواطن شريك في هذه المسيرة الخيرة، ونؤكد اعتزازنا بالقيادة والتفافنا الصادق حولها". ويشير إلى أن المرحلة المقبلة، آملاً أن"يتم التزاوج فيها بين الثوابت وبين القيم الحديثة القادرة على أداء دور اجتماعي وسياسي واقتصادي". وقال الكاتب نجيب الخنيزي الذي خرج من السجن قبل الدميني بفترة ان"الجميع كان ينتظر المبادرة، فجاءت في الوقت المناسب".