جمع يوم 27 تشرين الثاني نوفمبر 1986، الموافق 24 ربيع الأول 1407ه، المغفور لهما الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، وأمير البحرين آنذاك الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في لحظة تاريخية، حيث افتتحا الجسر الذي يربط بين السعودية والبحرين في احتفال رسمي كبير أقيم لهذه المناسبة في البحرين. يعد الجسر أحد أكبر مشاريع الجسور البحرية في العالم وأضخمها وأعلاها كلفة. بدأ فكرة عام 1965، حينما كان الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة يزور السعودية ضمن وفد رفيع المستوى، وأعرب المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله عن رغبته في إنشاء جسر يربط بين البلدين، ولاقت الفكرة استحسان الطرفين. وعند إزاحة الستار إيذاناً بتدشين المشروع قال خادم الحرمين الشريفين:"كان بودي أن أكتفي بما قاله أخي وحبيبي وصديقي الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، بيد أنني أرغب في القول إن هذا الجسر هو من منجزات القرن العشرين، وكان سبقني بعض الإخوان إلى القول إنه لم يكن يصدق أنه من الممكن أن يتحول من فكرة إلى عمل ناجز، وكان الاعتقاد أن من الصعوبة تنفيذها. إلا أنه - والحمد لله - نحن نتلمس ونرى بأعيننا كيف أمكن تنفيذ هذا الجسر الذي كنا وضعنا الحجر الأساس له عندما كنا في مؤتمر قادة مجلس تعاون دول الخليج العربية، الذي عقد آنذاك في البحرين، وهكذا شاءت إرادة الله أن يفتتح هذا الجسر". وكانت للشيخ عيسى كلمة طلب خلالها تسمية الجسر باسم الملك فهد وقال:"في هذه اللحظات يقف التاريخ شاهداً يحيي هذا الإنجاز الشامخ، الذي يسعدنا أن نطلق عليه اسم"جسر الملك فهد"، وإني لأنتهز هذه المناسبة للتعبير إلى أخي العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز عن عظيم الشكر والتقدير على تشريفه لنا بزيارة البحرين، تأكيداً للصلات المميزة بين البلدين الشقيقين". وشدا الشاعر الدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي وزير العمل السعودي حالياً واحدة من أجمل قصائده التاريخية، جاء في مطلعها:"درب من العشق لا درب من الحجر.... هذا الذي طار من الواحات للجزر"، وكان حينها سفيراً للسعودية في البحرين. محطات تاريخية بُدئ العمل على المشروع في 11 تشرين الثاني نوفمبر 1982 الموافق 25 محرم 1403ه، بعد أن تفضل المغفور لهما خادم الحرمين الشريفين الملك فهد والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة بوضع حجر الأساس، ليستمر العمل المتواصل على تنفيذه بطول 25 كيلومتراً وعرض أكثر من 11 متراً، وبكلفة تجاوزت 3 بلايين ريال. ويحتوي المشروع إضافة إلى الجسر على جزيرة كبيرة تبلغ مساحتها 660 ألف متر مربع، تحوي جميع الخدمات الحكومية من جمارك وجوازات ومراكز للشرطة والإطفاء والمرور، ومبنى للمحافظة ومبنى للمؤسسة العامة للجسر، إضافة إلى مباني الخدمات التي تتضمن برجي مطاعم على الجهتين البحرينية والسعودية، يبلغ ارتفاع كل منهما 65 متراً، وبرجي مراقبة تابعين لقوات خفر السواحل في البلدين، ومنطقة خدمات تشمل مطاعم ومتجراً ومسجدين، ومنطقة للسيارات الصغيرة، ومنطقة خاصة بالشاحنات. مواصفات الجسر ويؤم جسر الملك فهد آلاف المسافرين يومياً، إذ يقدر متوسط العبور اليومي بأكثر من 30 ألف مسافر، وتصل ذروة العبور أيام الأعياد والمناسبات والإجازات الرسمية إلى أرقام تتجاوز ال 700 ألف مسافر، في حين وصل عدد المسافرين منذ افتتاح الجسر إلى اليوم إلى أكثر من 107 ملايين مسافر، فيما تصل أعداد السعوديين المسافرين على الجسر سنوياً إلى أكثر من 6.5 مليون، من أصل أكثر من 11.5 مليون مسافر طبقاً لآخر إحصاء تمّ العام الماضي.