منذ أكثر من عشرة أعوام دخلت مرحلة الاحتراف حيز التنفيذ في الرياضة السعودية وكانت هذه التجربة محل نقاش وجدل في الوسط الرياضي. البعض يرى ان التطبيق لم يكن كما يجب، والآخر يرى ان البدايات لابد من ان تكون صعبة، ولو لا الأخطاء لما تحققت النتائج. لكن المتأمل في الأمر يجد ان الخلل يكمن في العقلية الاحترافية،سواء أكانت للاعب أم الإداري أم المسؤول! رأينا ان نلتمس آراء بعض المختصين والمهتمين بالشأن الرياضي لدينا لنتعرف على مكامن الخلل في كينونة الاحتراف. في البداية تحدث عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم عضو لجنة الاحتراف حافظ المدلج وقال:"نحن الآن في عصر الاحتراف من خلال تطبيق الاتحاد السعودي لأنظمة الاحتراف ولكن للأسف ما زال هناك العديد من الأندية التي تدار بالعقلية القديمة وتعتمد في إيراداتها على هبات أعضاء الشرف بغض النظر عن تنمية مواردها ولكننا لا نلوم إدارات هذه الأندية لأن العاملين فيها متطوعون وغير مفرغين تماماً للعمل في المجال الرياضي وبالتالي هذا الأمر يشكل عبئاً إضافياً على الأندية ولا نستطيع توجيه اللوم لهم ولكن في حال توافر الاستثمارات وتنمية موارد الأندية في ذلك الوقت باستطاعة الأندية استقطاب الكفاءات والقدرات الإدارية الاحترافية وفي جميع التخصصات وفي ذلك الوقت نستطيع القول إن لدينا احتراف إداري". واضاف المدلج:"الاتحاد السعودي حاول إيجاد وظيفة لمسؤول الاحتراف في النادي يتم صرف دخلها الشهري من إعانة الاحتراف ويكون بمقدور صاحب هذه الوظيفة التفرغ للعمل الاحترافي ولكن لا تزال بعض الأندية تولي مهام هذه الوظيفة لأحد أبناء النادي القريبين غير المتفرغ لهذا العمل، والأندية الآن بالكاد تصرف على اللاعبين وعلى تكاليف السفر والإقامة فكيف تستطيع الصرف على الإداري؟". وتابع:"المشوار ما زال طويلاً لوجود هذه الاحترافية ولن يتم ذلك إلا بتوفير وتنمية الموارد المالية، ونحن بطلبنا لإدارة الأندية بوجود إدارات تخصصية فنحن نثقل على كاهلها ولكن نأمل في المستقبل بان تتطور موارد الأندية وبالتالي تستطيع توظيف كفاءات إدارية متفرغة محترفة متخصصة في هذا المجال، في المقابل لا أحبذ وجود العنصر الأجنبي لتولي هذه المناصب، فالكفاءات السعودية موجودة ولكن يعوقهم عدم التفرغ لتكتمل منظومة العمل، وبما ان العمل تطوعي فلا نتوقع وجود احتراف في العمل الإداري ولجلب شخص خبير في التسويق أو يملك شهادة في إدارة الأعمال أو خلفية في الاستثمار الرياضي يجب إغراؤه بمبلغ مالي كبير في مقابل وجوده وتخليه عن وظيفته التي يعمل عليها للتفرغ للعمل في النادي. الأندية لا يوجد فيها استقرا إداري ورؤساء الأندية يتغيرون ما بين فترة وأخرى، فمن الصعب ان تجد العقلية الإدارية الاحترافية في مجال لا يكون فيه استقرار وظيفي في العمل الإداري". أما الخبير النفسي في مجال الرياضة صلاح السقا فأوضح:"أنديتنا ما زالت تدار بالعقلية القديمة والرياضة الآن أصحبت علم يدرس، إضافة إلى الخبرة والأندية لدينا تعتمد فقط على الخبرة وخصوصاً في العمل الإداري لا يزال الإداري هو ابن النادي بعيداً عن تخصص وارتباطه بعمله الذي يحمله وتكتفي الأندية بأنه لاعب قديم في النادي، يجب على إدارات الأندية البحث عن إدارات احترافية ربما تكون موجودة ولكن ليست مفرغة وحتى وان رأت إدارة الأندية الاستعانة بالخبرات الأجنبية في هذا المجال فما المانع من ذلك ولكن هناك العديد من الأندية لا تمتلك المادة الكفاية لإحضار هذا العقلية الاحترافية ولذلك يجب عمل دورات إدارية لصقل الشباب السعودي". وأسترسل:"لا بد من تفريغ الإداري لهذا العمل لان وجوده كمتعاون في النادي لا يمكن ان يجعله في كامل تركيزه للعمل الذي يقوم به ولكن قبل تفريغه لا بد من تأهيله، إذاً يجب تأهيله لان العقلية الموجودة لدينا عقلية هاوية وليست احترافية ومن بعد تأهيله يتم تفريغه حتى لا يصبح مشتتاً بين عمله الأصلي وبين عمله في إدارة النادي، حقيقة الاحتراف ليس عملاً بل فلسفة وإذا كانت هذه الفلسفة الاحترافية فبصرف النظر عن التفريغ ستكون الإدارة بالأسلوب السابق نفسه". أما الامين العام للاتحاد السعودي لكرة السلة عبدالرحمن المسعد فتطرق إلى هذا الأمر بقوله:"غياب العقلية الاحترافية يأتي لأمور عدة، منها عدم وجود الأشخاص المختصين لان الإداري الموجود داخل النادي تنقصه معرفة الخلفية الكاملة بالعمل الذي يقوم به نتيجة عدم علمه ببعض اللوائح والأنظمة، وربما مستقبلاً تواجه الفريق عقبات بسبب عدم الدراية أو قلة الوعي لدى المسؤول الإداري، إضافة إلى عدم تفريغ الإداري المسؤول في النادي تفريغاً كاملاً، فمن الصعب ان تطلب من شخص غير متفرغ القيام بوظيفة كاملة وحتى نستطيع لومه في حالة اخفاقه في بعض الأعمال التي يقوم بها يجب على إدارات الأندية العمل على إيجاد الشخص المختص لإدارة النادي وشؤون الاحتراف فيه، كما فعلت بإيجاد سكرتير للنادي ومسؤول ثقافي واجتماعي". وكان لمدير فريق نادي الوحدة عصمت بابكر رأي في هذه القضية وهو:"ان من أهم ما يعوق عملنا في إدارة الأندية هو عدم التفرغ الكامل للعمل، فتجد مدير الكرة أو المسؤول الإداري في الفريق يعمل في وظيفته ومن ثم يأتي إلى النادي ربما لو عملت الأندية على تفريغ بعض الإداريين في النادي لكن هنا إنتاجية أفضل". وأضاف"لا بد من ان يستلم حقوقه أولاً بأول وإلا يرتبط نيله لحقوقه الشهرية بوجود دعم للنادي من عدمه، لدينا أندية تستطيع فعل هذا الأمر بحكم وجود الدعم الكافي لتسيير دفة أمور النادي وفي المقبل نجد ان هناك أندية بالكاد تصرف على لاعبي فريقها فكيف لها بتفريغ المسؤول عن الفريق، لو كان هناك موارد للنادي لطالبنا بتفريغنا لهذا العمل ولكن بحسب علمنا أن الكثير من الأندية تعاني فلا نستطيع تحميلها أعباء إضافية ولا يوجد للمسؤولين الإداريين الاستعداد للتضحية بوظائفهم التي يعملون بها للاحتراف في إدارات الأندية في ظل عدم ثبات واستقرار إدارة جديدة وبطاقم جديد ولذلك يلزم وجود تنظيم إداري محكم في الأندية حتى تأتي العقلية الإدارية لإدارة شؤون الفريق، لدينا أشخاص أكفاء للقيام بهذا العمل ولكن تنتظر الدعم وطرح الثقة فيهم".