يخطئ من يظن أن الموضة إحدى تجليات العولمة، على رغم أن كثيرين يربطونها بالأخيرة. فإذا كانت الموضة تشمل في ما تشمل الجواهر والحلي والملابس والمقتنيات الشخصية التي تصاحبنا معظم الأوقات، كساعة اليد والقبعة... أمكننا الجزم أنها تعود على أقل تقدير إلى أكثر من قرن. ويرجعها بعض المتابعين لهذا الحقل إلى عصور غابرة، انطلاقاً من مفهوم شامل لتعبير"الموضة". وغالب الظن أن الموضة أخذت منحى مستجداً مع عولمة الاتصالات، ما أوجد موضة"معولمة". لكن ذلك لا ينفي أن لكل منطقة أو بلد طابعه"الموضيّ"الخاص، وإن كانت الموضة"المعولمة"تؤثر في المحلية أكثر مما تتأثر بها. وترتبط الموضة في أذهان كثيرين بالاستهلاك. تدفعهم إلى ذلك مشاهدات يومية عن صيحات وابتكارات لم تكن تخطر بالبال، إضافة إلى سرعة انتشارها في أوساط الشباب خصوصاً، فضلاً عن سرعة تبدلها. فما تكاد موضة تجتاح السوق حتى تكون أخرى تهيأت لإقالتها. لا شك في أن الفضائيات لعبت دوراً بارزاً على هذا الصعيد، إلى درجة دفعت العديدات إلى اقتناء"تنورة"روبي وجلباب نانسي، ودفعت الكثيرين إلى تقليد عبدالمجيد عبدالله في ثني"الشماغ"أو عمرو دياب في قصة شعره. وعلى رغم أن المحافظة تطغى على المجتمع السعودي، إلا أن ذلك لم يشكل مانعاً من التأثر بالموضة الوافدة، وربما دفعه ذلك إلى ابتكار موضته الخاصة. ولم لا؟ طالما أن الموضة هي اتجاه قد يأتي من"الداخل"بقدر ما يأتي من"الخارج". وبين الماضي والحاضر تغيرت مجالات الموضة وآلياتها، فتلاشت قصة"الطويلات"الموحدة عند الجيل الماضي، وراح الشبان يبحثون عن قصات تناسب شعرهم الطويل أو المجعد. وصارت الجوالات موضة للتباهي مترافقة مع نزعة استهلاكية مفرطة. أما السيارات الفخمة ذات الطراز الحديث بإطاراتها الضخمة و"إكسسواراتها"المثيرة فقد جُعلت موضة للأغنياء، بعد أن كانت الناقة محل الفخر والتباهي... ولا تنعدم أشكال الموضة الحديثة حتى أن البعض منّا بات يتكلم"على الموضة"أحياناً!