تشرف موضة "التيك أواي" الاميركية التي اجتاحت الشباب المصري على الانتهاء، بعدما أعلنت الموضة الاسبانية عن تغلغلها في أدق تفاصيل حياتهم اليومية، من ملبس وغناء وحتى قصة شعر. حتى الأغاني التي يغنيها شباب المطربين في مصر، كلها تأخذ الطابع الاسباني وأشهر من انتهج هذا النهج عمرو دياب وهشام عباس وأصالة ونوال الزغبي وخالد عجاج وحتى كاظم الساهر ومصطفى قمر وأخيراً محمد فؤاد في ألبومه الجديد. ومن دون الدخول في تفاصيل الأغاني، يفسر الملحن حلمي بكر هذا بأنه إفلاس فني من كثير من الملحنين، لذلك يلجأون الى اقتباس الجمل الموسيقية الاسبانية وتمصيرها على الكلمات، فتخرج أغان مشوهة من دون طابع، وإن كانت مؤثرة على الشباب المستمع لأنه يريد التغيير! أما الملحن رياض الهمشري فيقول: "لجأنا إلى الطابع الاسباني لأسباب عدة، أهمها على الاطلاق هو التغيير بما يتناسب والمزاج المصري الشرقي، والموسيقى الاسبانية ومزيج من موسيقى الشرق المتمثلة في الطبلة والدفوف، وموسيقى الغرب في الغيتار وسرعة الايقاع، وغالباً ما تكون عيون المطربين مركزة على العالمية، لذلك فهم يريدون تقديم موسيقى غربية بشكل شرقي". ويضيف أن معظم المطربين من الرجال مثل مصطفى قمر وعمرو دياب لجأوا للموضة الاسبانية في تسريحة الشعر وطريقة ارتداء الملابس ليكونوا مقنعين للجمهور مع ايقاع الأغنية، وهما دياب وقمر لهما شعبية كبيرة لدى الشباب، ويقلدونهم تقليداً أعمى حتى في الملابس. محمود المسيري أحد أشهر حلاقي الشعر للرجال في مصر يقول: إن الموضة منذ عام تقريباً كانت قص الشعر كله، كانت تسمى قصة "رونالدو" نسبة الى لاعب كرة القدم البرازيلي المشهور "رونالدو" وكانت موضة منتشرة بقوة بين الشباب، وتغير الأمر بعد هوجة الكاسيت الجديدة، فظهرت قصة الشعر الاسباني، وتعتمد عن تقصير الشعر وتسريحه الى الامام دون انتظام مع إطالة السوالف قليلاً، والاسبان لا سيما البحارة منهم هم أول من ابتدع هذه الموضة. ودخلت مصر عن طريق المطربين والشباب الذي سافر الى الخارج. ويشير الى أن زبائنه من الشباب يطلبون منه "قصة مصطفى قمر"، ويقول: أتوقع أن تستمر هذه الموضة بعض الوقت الى أن يأتي المطربون أو الشباب الأوروبي بموضة جديدة. ومن كوافير الرجال الى مصممي الازياء، يقول المصمم وعارض الأزياء ابراهيم صالح إن الموضة الاسبانية في الملابس هي المكتسحة حالياً في خطوط الموضة لدى الشباب، وهي عبارة عن القميص "تي شيرت" الضيق بلون البنطلون يرتدى عليه احياناً ربطة عنق باللون نفسه. وهذا ما يؤكده عمرو دياب في تصوير اغنيته الجديدة "قمرين" وأنا الذي صممتها. وهناك موضة أخرى اسبانية متمثلة في القميص الواسع بالألوان المبهجة البرتقالي والاخضر والاصفر، وهو يلبس عادة ما يكون للصباح. ويعلل صالح انتشار الموضة الاسبانية بأنها عملية وغير مكلفة وبسيطة. ومن الاختصاصيين الى الشباب انفسهم. يقول مازن عطية الطالب في كلية الاقتصاد: أعشق كل موضة جديدة في الملابس وقصات الشعر، وقد نقلت الموضة الاسبانية من المطربين الشباب، واعجبتني جداً، كما أن قصة الشعر خفيفة وغير مكلفة. كما اعجبتني الملابس الاسبانية لأني أحب البساطة في المظهر وأعشق الملابس مبهجة الألوان، ولا يهمني ان كانت اسبانية، أو حتى افريقية، المهم أنها تناسبني في مظهري وفي عملي. ويقول ماجد فؤاد ويعمل مندوب مبيعات في مجال الكومبيوتر: أسافر الى الدول الأوروبية وهناك رأيت هذه الموضات وغيرها. لكنها لا تناسب الشباب المصري ولاحظت انتشار الموضة الاسبانية عند سفري الى الجزائر، وبلاد المغرب العربي، فهي منتشرة هناك بصورة أوسع، واعجبتني دون أن أسأل عن هويتها، وعرفت من محلات الملابس أنها موضة اسبانية. وأنا اختار ما يناسبني من الألوان والملابس العملية واعتقد أن هذه الموضة ستكون مناسبة لي لوقت طويل الى أن تظهر موضة جديدة تحافظ على البساطة والاناقة في الألوان مثلها، وهناك موضات لا يمكن أن يرتديها سوى طلاب الجامعة فقط. فليس من المعقول مثلاً أن أتردد على العملاء وأنا ارتدي بنطلوناً ممزقاً وأقول إنها موضة. استاذ علم الاجتماع الدكتور رضا البهنسي يقول إن "الموضات لها تأثير السحر على الشعوب، وقديماً كنا نصدر الموضة الى الخارج، والتاريخ شاهد على ملايين الشباب في العالم الغربي اتبعوا الموضة الفرعونية حتى في رسم العين، وهي موجودة الى الوقت الحالي في الولاياتالمتحدة الاميركية نفسها أم الموضات العالمية في ظل دور الإعلام الرهيب وتأثيره الشديد على المتلقين أصبح شباب العالم شبه متحدين في طريقة ارتداء الملابس وتسريحات الشعر وحتى في طرق التفكير". ويستطرد البهنسي قائلاً: "الموضة الاسبانية لاحظتها على شباب كثيرين وحين سألتهم عن سر اتباع هذه الموضة قالوا إنها للمتعة فقط، وهم لا يعرفون هويتها، وهي وإن كانت تمثل لدى علماء الاجتماع نوعاً من الغزو والاستعمار الاوروبي غير المباشر، إلا أنها غير مضرة بالمرة، المهم هو الجوهر، والخوف أن ينتقل الجوهر الغربي الى الشباب المصري لأنه لا يناسبنا، أما الملابس وتسريحة الشعر فهي دائمة التغير، لأن الشباب بطبعه ثائر على الوضع الذي يعيشه". ويشير الدكتور البهنسي أن قلة فقط من الشباب تختار ما يناسبها من الموضات وبعضهم يصبح مسخة. ويوضح البهنسي أن الشباب الولع بهذه الموضات يكون بين 18 و35 عاماً، وهو سن الشباب المعترف به حالياً في علم الاجتماع.