تتميز مرحلة المراهقة والشباب بالتمرد، والاهتمام أكثر فأكثر بالمظاهر، وبكل ما هو جديد في الموضة، وما يريده أي شاب أو فتاة في مقتبل العمر هو ترك الانطباع الأكثر من جيد يذكر بين أفراد المجتمع الذي يعيش فيه. وكل ذلك نتاج مرحلة طبيعية يمر فيها أي مراهق ليصل إلى مرحلة النضج، وفي هذا العمر لا تخلو مجتمعات الشباب من التحدث عن آخر الصيحات حول تسريحات الشعر، شكل الجسم وأجزاؤه وأرقى الثياب، بالإضافة إلى موديلات السيارات الحديثة، وما يؤلمني حقا أن في مجتمعي هوس الموضة ليس مجرد مرحلة عمرية، إنما أصبح عادة بين نساء ورجال المجتمع، وأن هذا الهوس بدأ يؤثر في كثير من العلاقات منها: العلاقات الزوجية، وعلاقة الأصدقاء. لماذا تصبح الفتاة أسيرة للموضة؟ سؤال تم طرحه كثيرا، وأنا لا أجد أن له سببا واحدا، إنما تقف وراءه أسباب كثيرة، وعلى سبيل المثال، غيرة الزوجات، غيرة الصديقات، وغيرة الأخوات. فالغيرة تسكن كل منزل سعودي، وكأنها ركن أساس في المنزل، ولا ضير في أن تتبع الفتاة آخر صيحات الموضة، ولكن دون التباهي. فالتباهي هو ما يثير الفتنة بين فتيات المجتمع. كما أظن أن الثقة أيضا هي سبب في أن تصبح الفتاة أسيرة للموضة. فبعض الفتيات ينقصها حب الذات والثقة فتجد أن ما يكملها حقا وما يجعلها جميلة هو ارتداء كل جديد وثمين من ثياب وزينة وحلي، حتى تجدها تتباهى من رأسها إلى أخمص قدميها لتثير إعجاب المجتمع من حولها، وتسعى إلى لفت الانتباه والاستماع إلى المديح هكذا تجد بعض الفتيات للأسف الثقة. لماذا يصبح الشباب أسيرا للموضة؟ هناك صرعات وأشكال متطرفة وغريبة لصرعات بين الشباب، ويظن كل شاب أنه يستطيع أن يثبت نفسه في المجتمع بالتباهي حول الوظيفة، المستوى المعيشي والواسطة «فيتامين و» ، أنواع السيارات إلخ... ولكن كيف يثبت كل ذلك دون اللجوء إلى موضة قصة الشعر، أحدث موديلات السيارات، والدرجات النارية. وبما أن الفتيات مهووسات أيضا بالموضة فأصبح على كل شاب أن ينشغل بالموضة ليجذب أنظار الفتيات. يحزنني أن مجتمعي أصبح سطحيا جدا، لا يهمه سوى المظاهر، أظن أنه انتهى الزمن الجميل منذ سنين، والآن يحتاج مجتمعي للشفاء والتعافي ويحتاج للتغير، وفي نظري أن الانشغال بالموضة إلى حد الهوس يعبر عن مدى الفراغ الذي يعيشه الشباب، يجب أن يكون لدى الشباب اهتمامات أعمق من الموضة. ويبقى السؤال: كيف نبني أنفسنا بقوة تنضج شخصياتنا.. وكيف ننمي مهاراتنا بشكل إيجابي وقدراتنا بشكل أكبر؟ وكيف ننتج ولا نكتفي بأن نستهلك فقط؟، وكيف نستفيد من الطاقة التي نمتلكها داخلنا؟، وكيف نتعامل مع مشاكلنا الداخلية بشكل أكثر نجاحا؟. يجب أن يربي الفرد نفسه؛ لأن الله سيحاسبه على وزره «ولا تزر وازرة وِزر أخرى».