لم يكن حديث الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد الذي أدلى به لوسائل الإعلام عقب خروج المنتخب السعودي من الأدوار التمهيدية في دورة الخليج السابعة عشرة والذي أكد فيه ووعد بأن"الأخضر"سيتأهل لنهائيات كأس العالم في ألمانيا، ليأتي من فراغ وإنما بخبرة مسؤول رياضي كبير يعلم كيف يسيّر الأمور ويعيد ترتيب الأوراق بهدوء تام وعقلانية ودراية علمية قلما تجدها في مسؤول آخر لا يحمل مواصفات وخبرة شخصية راقية بهامة وقامة سلطان الرياضية. الأمير سلطان عالج "الأخضر"في دورة الخليج بكل حكمة وثبات وكتب"روشتة"العلاج في إعادة المنتخب نحو عالم الانتصارات والبطولات، وكان أول قرار اتخذه هو استمرار المدير الفني الأرجنتيني كالديرون ومنحه الفرصة في المنافسات والمسابقات المقبلة، وكان الأمير سلطان يعلم عن قدرات وإمكانات المدرب الشيء الكثير وأنه قادر على معالجة الخلل وتقديم"الأخضر"في صورة منظومة أدائية متميزة ترضي طموحات ورغبات وأماني محبيه في كل مكان. وأمام التمسك بكالديرون و"المراهنة"على نجاحه من قبل الرجل الأول في الرياضة بدأت التصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لنهائيات كأس العالم، وكان أول لقاء يلعبه"الصقور الخضر"أمام منتخب أوزبكستان في طشقند وخرج بتعادل أقرب للخسارة بعد ان كان متقدماً حتى الثواني الأخيرة. وأشاد الكثير من النقاد والرياضيين بقدرات المدرب في ذلك اللقاء ليأتي المنعطف الثاني أمام المنتخب الكوري في الدمام الذي قدم فيه لاعبو المنتخب السعودي عرضاً كروياً لافتاً جداً كان مقروناً بالفوز والنقاط الثلاث، وعقب ذلك تراجعت حدة وتيرة الانتقادات التي كانت تطاول المدرب الأرجنتيني، ولعب"الصقور الخضر"لقاءهم الثالث مع المنتخب الكويتي في الكويت وانتهى النزال سلبياً بعدما كان"الأخضر"هو الأفضل أداءً وانتشاراً لتأتي مرحلة الحسم في الرياض، والتي بدأت بلقاء الكويت أمام حشد جماهيري كبير ملأ مدرجات استاد الملك فهد الدولي وكانت ليلة خضراء لا تنسى تجلى فيها اللاعبون كثيراً وقدموا أجمل مستوياتهم الكروية ورسموا أجمل لوحاتهم الفنية على أرضية الميدان وخرجوا بثلاثية رائعة كانت قابلة للزيادة ما أسعد المسؤولين والرياضيين والجماهير الغفيرة، وهو ما دعا الأمير سلطان إلى الإشادة بالأداء والمدرب مؤكداً ان"الأخضر"لم يقدم هذا المستوى المتميز منذ أربع سنوات، لتأتي المرحلة الأهم والحاسمة أمام منتخب أوزبكستان لتزفّ المنتخب السعودي إلى نهائيات كأس العالم التي ستقام في ألمانيا بعد سهرة كروية خيالية أبدع فيها اللاعبون وسطروا أروع عروضهم الكروية في حضور جماهيري هائل لم يشهد له استاد الملك فهد الدولي مثيلاً منذ سنوات طويلة، وعاش الجميع احتفالية التأهل إلى المونديال العالمي، وأكد الأمير سلطان حينها أن كالديرون نجح في مهمته وأن قرار استمراره لم يكن متسرعاً وإنما جاء بعد دراسة علمية مقننة ليكسب"سلطان الرياضة"التحدي أمام كل من طالب بإبعاد وإقصاء المدرب عقب نكسة دورة الخليج وانتقد خططه وأسلوبه الفني في مرحلة التحضير لنهائيات كأس العالم، وتكسب الرياضة السعودية حضوراً جديداً في أهم وأغلى البطولات العالمية. البحري... ظهير سعودي عصري من أهم وأبرز النتائج الإيجابية التي خرج بها الأخضر من التصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لنهائيات كأس العالم تألق الكثير من المواهب الشابة، التي أخذت فرصتها للمرة الأولى، وشاركت مع الأخضر، وقدمت مستويات أدائية أكثر من رائعة، ومن هذه المواهب يأتي اسم الظهير الأيمن المبدع أحمد البحري الذي فرض نفسه بقوة على تشكيل المنتخب السعودي الرئيس، وبرز في شكل لافت جداً، وأدَّى أدواره الدفاعية والهجومية على أكمل وجه خلال اللقاءات التي شارك فيها مع الصقور الخضر في التصفيات، وصنع آخر الأهداف بعكسية ذهبية للمنطلق سعد الحارثي، ما جعل النقاد والمتابعين يشيدون بموهبته كثيراً، ويتنبؤون له بمستقبل باهر في سماء الكرة السعودية. أغلى إنجازين ل "الأخضر" لا يفصلهما سوى شهرين حصد المنتخب السعودي خلال مسيرته المظفرة الكثير من الألقاب والانجازات والبطولات التي دونت بمداد من ذهب في سجلات الكرة السعودية. حقق الصقور الخضر انجازين غاليين للوطن في فترتين قريبتين لا يفصل بينهما سوى شهرين، فقط تمثل الأول في الفوز بلقب بطل الدورة الإسلامية الأولى وتحقيق الميدالية الذهبية في المحفل الإسلامي الكبير، وتمثل الثاني في التأهل إلى نهائيات كأس العالم التي ستقام في ألمانيا للمرة الرابعة على التوالي. هذان الانجازان هما أفضل رد على كل من شكك في تطور الكرة السعودية وقلل من شأنها أو تعرض لإنجازاتها وبطولاتها في الأشهر القليلة الماضية.