إن المشاكل التي حدثت في دارفور ليست بسبب التفرقة العنصرية او التهميش، فأساس التمييز في السودان ليس عنصرياً او قبلياً بل هو تصنيف سياسي موال للدولة أو غير موال وكلنا يعلم أن كل السودان مهمش ومهمل عدا المركز. لذلك فالأسباب الرئيسة هي الخلل الواضح في سياسة الدولة المزاجية داخلياً وخارجياً، فسياسة "جوعه يتبعك" التي استعملتها الدولة ضد بعض فئات الشعب وتمييزها لبعض القبائل والمجموعات ودعمها بالمال والسلاح والصلاحيات المطلقة وتفضيل بعض المجموعات والقبائل على بعض أدّى الى حدوث كثير من التجاوزات والاحتكاكات والاستفزازات واستعمال تلك القبائل الموالية كأذرع طويلة لها لضرب المعارضين والمارقين على سلطة الدولة بعيداً عن القانون. كما أدّت سياسة تجييش الشعب السوداني وتسليحه وظهور بعض المجموعات غير النظامية مثل الدفاع الشعبي والمجاهدين إلى ارتكاب كثير من الحماقات والتجاوزات باسم الدين من تلك الجماعات، وقد ساعد على ذلك ضعف هيبة الدولة وانشغال الانقاذيون بالمحافظة على السلطة وانشغال الإخوان المسلمين بانقساماتهم الداخلية وتكوين لجان رأب الصدع بين الترابي والبشير وتوجيه القانون والقضاء وضعف الآلية المنفذة له المتمثلة في قوات الشرطة التي تعاني من الفساد والاحتضار والتركيز على تغريب الهوية السودانية بأي ثمن أو طريقة. كما أدت سياسات الدولة الإرهابية في حل النزاعات والاعتماد على الآلية العسكرية وإهمال مبدأ الحوار الوطني وتمسكها بالحكم الشمولي والأحادي وعدم اعترافها بالخصوم والتفاوض معهم الا بعد رفع السلاح في وجهها واستعراض القوة العسكرية. واذا لم يتدارك الإسلاميون المزعومون هذه السياسات المراهقة والقاصرة سوف تنتقل عدوى الحرب والعنف إلى باقي أحزاب السودان، ويصبح السودان قطعةً من نار. وليد مصطفى ناصر - سوداني مقيم في السعودية