طالبت دراسة سعودية حديثة بإجراءات عدة للحد من انتشار الأمراض المعدية بين النساء السعوديات الحوامل في مقدمها: التأكيد على وجوب إجراء فحوصات ما قبل الزواج، وتطعيم الفتيات قبل الزواج بلقاح الحصبة الألمانية في حال لم يتم تحصينهن في السابق. وركزت الدراسة التي أعدها أستاذ علم الفيروسات والكائنات الدقيقة الطبية الباحث في كلية الطب والعلوم الطبية في جامعة أم القرى الدكتور هاني بن عثمان غازي، على الأمراض التي تصاب فيها الأجنة داخل الرحم والناتجة عن العدوى بالفيروسات التي تدخل في إطار الأمراض التي يمكن منعها أو تجنبها. وشملت توصيات الدراسة أيضاً، الاهتمام والعناية الشخصية للأم الحامل، والمحافظة على النظافة الشخصية، والابتعاد عن مخالطة المرضى أثناء فترة الحمل، وعدم تعرض الحامل للتربة الملوثة ببراز القطط، وعدم تناول الخضراوات والفواكه الملوثة، والابتعاد عن تناول اللحوم غير المطبوخة، وتطعيم الأمهات والفتيات ما قبل الزواج بلقاح فيروس الالتهاب الكبدي ب واللاتي يثبت أنهن سلبيات المصل. وأكد المتخصص السعودي أن هذه الأمراض تنتقل من الأم الحامل المصابة بالعدوى إلى الجنين عن طريق المشيمة، وتشكل خطراً كبيراً على الأجنة بحيث تؤدي إلى تلاشي الأجنة والإجهاض والموت داخل الرحم والتشوهات الخلقية للأجنة، أو عدم اكتمال نموها وغيرها من الإصابات التي يمكن أن تحدث قبل النضج الجنيني أو حتى بعد الولادة. ويقول الباحث في دراسته، إن معظم ضحايا العدوى داخل الرحم من المواليد تظهر عليهم بعض العيوب كفقدان السمع والبصر والتخلف العقلي بعد الولادة بفترة قد تمتد إلى عشر سنوات. واعتمد الباحث في هذه الدراسة على تقدير الأجسام المناعية المضادة في دم الحامل بنوعيها ج وم IgG & IgM وذلك باستخدام طريقة المقايسة المناعية الماصة والرابطة للإنزيم ELISA وتم تحديد الإصابة الحديثة للأمهات الحوامل بالميكروبات المعدية عندما توجد في المصل الأجسام المناعية المتخصصة من النوع م IgM، أما الحصانة المتولدة ضد هذه الميكروبات فيتم تحديدها عندما توجد في المصل للأم الحامل الأجسام المضادة من النوع ج IgG. وحول الإصابة بفيروس"الحلا البسيط"بنوعيه A&B الذي يؤدي النوع الأول منه إلى إصابة الأطفال حديثي الولادة بالصفراء وتضخم الكبد ونقص الصفائح الدموية وتقرحات الجلد، فيما يؤدي النوع الثاني منه للوفاة، فقد أوضحت الدراسة أن 90.09 في المئة من إجمالي العينات المستخدمة وجدت فيها أجسام مضادة من النوع ج ضد فيروس الحلا البسيط النوع الأول، أما النوع الثاني فسجلت نسبته 27.1 في المئة وهي نسبة مرتفعة يمكن إرجاعها إلى حدوث تنشيط للعدوى الكامنة لدى الأمهات ذوات المصل الإيجابي لهذا الفيروس. وأثبتت الدراسة تعرض السيدات السعوديات الحوامل في مدينة مكةالمكرمة للفيروس المضخم للخلايا بنسبة عالية جداً بلغت 92.1 في المئة الذي يؤدي بدوره إلى مناعة مكتسبة لتلك السيدات. موضحاً صعوبة تحقيق الوقاية الأولية من هذا المرض نظراً إلى توطنه بدرجة عالية في السعودية، مشيراً إلى أن انتقال هذا المرض من الأم الحامل إلى الجنين، يؤدي إلى إصابته بالصمم والتأخر العقلي والتهاب الكبد مع تضخمه واضطرابات في وظائفه، لكن وسائل الوقاية الثانوية التي تدخل فيها النظافة بصفة عامة أثناء الحمل تعتبر ضرورية لتقليل أضرار هذا الفيروس. وفي ما يتعلق بفيروس الجديري المائي، فإن إصابة الأم بهذا الفيروس في المراحل الأولى من الحمل تسبب انتقاله إلى الجنين إضافة إلى نقص في تكوين الأطراف وضمور العضلات وتأخر مخي وحركي ونفسي. وكشفت الدراسة هنا أن نسبة انتشار الأجسام المضادة لهذا الفيروس بين النساء السعوديات الحوامل في مكةالمكرمة بلغت 47.7 في المئة وهي نسبة عالية. وتشير الدراسة إلى أن السعوديات الحوامل في مكةالمكرمة لديهن مضادات لفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي من النوع ب وذلك بنسبة أقل من الدراسات السابقة التي أجريت في مدن مختلفة في السعودية في وقت سابق، ويعزى السبب في ذلك لاستخدام اللقاح المتوافر حالياً، مما أدى إلى تراجع نسبة الإصابة بهذا الفيروس مقارنة بالدراسات السابقة الذي ينتقل عادة من الأم الحامل إلى الجنين، مسبباً له إصابة مزمنة بهذا المرض، وفي بعض الحالات يتطور المرض عند سن البلوغ ويحدث تشمعاً وسرطنة للكبد. وأشارت الدراسة إلى أن نسبة انتشار الأجسام المضادة لطفيلي التوكسوبلازما من النوع ج بلغت 35.6 في المئة، وهي نسبة عالية بين النساء السعوديات الحوامل، وتعد الإصابة بهذا الطفيلي في المراحل الأولى من الحمل تؤدي إلى التهابات في الجنين، وتتسبب في وفاته أو تصيبه بالتهاب الشبكية أو تلف المخ وتكلس داخل المخ أو صغر حجم الرأس وحمى ويرقان وطفح وتضخم الكبد والطحال تظهر عند الولادة أو بعدها بقليل. نجاح التحصين ضد الحصبة الألمانية أكدت الدراسة خلو السيدات السعوديات الحوامل في مكةالمكرمة من الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة HIV الذي يؤدي للإصابة بمرض الإيدز. وأظهرت الدراسة التي شملت فحص 926 عينة دم لأمهات حوامل سعوديات، أن نسبة الأجسام المضادة لفيروس الحصبة الألمانية من النوع ج بين النساء السعوديات الحوامل في مكةالمكرمة مرتفعة، مما يؤكد أن برنامج التحصين المستخدم في السعودية ناجح وفعال ويحتاج إلى المزيد من التطبيق لزيادة الفاعلية. وبحسب الدراسة، فإن تلك العينات لم تظهر أي إصابة بفيروس الحصبة الألمانية بين الأمهات السعوديات الحوامل، إذ إن خطورة عدوى المرأة الحامل بهذا الفيروس خصوصاً في الأشهر الثلاثة الأولى وانتقاله إلى الجنين عبر المشيمة، فإنها تؤدي إلى وفاة الجنين أو إصابته بتشوهات خلقية، مثل: التخلف العقلي وفقدان السمع والبصر وصعوبة النطق وتعرضه لمرض السكري وغيرها من الأمراض الخطرة.