الحصبة الألمانية مرض هام من أمراض الأطفال التي كانت منتشرة في الماضي بشكل كبير، الا أنه أصبح نادراً هذه الأيام، وذلك بسبب اكتشاف اللقاح المضاد له. وتطبيق برامج اللقاحات المتوفرة في جميع مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في جميع أنحاء المملكة وبالمجان لجميع المواطنين والمقيمين. وربما يسأل القارئ ما سبب أو ما هي خطورة هذا المرض، والحقيقة أن سبب الكتابة عند هذا المرض هو ولادة أطفال مشوهين، إما بعيوب خلقية في القلب، أو في الرأس والمخ أو العيون فكثير من الأطفال يصابون في عيونهم ويولدون بعدم القدرة على الابصار مع العلم انه يمكن تحاشي هذه المضاعفات بإذن الله تعالى أولاً ثم باتباع الارشادات بالتطعيمات حتى ولو للأم قبل الحمل إذا لم تكن أخذت التطعيمات من قبل ويمكن اكتشاف ذلك ومعرفته. وسرني في الحقيقة أحد المراكز الصحية الأولية (الذي أتمنى أن يحذوه المراكز الأخرى بإذن الله) بنصح بعض الأمهات اللاتي ولدن ولادة طبيعية ولله الحمد وإفادتنا بعدم أخذ التطعيمات مع نصح طبيب المركز بذلك أثناء المتابعة. وهذا يدل على أهمية المتابعة في المراكز وأهميتها فكل المراكز لديها التطعيمات أو المعلومة عن متابعة الأم وما هي النصائح؟.. ٭ ما هو السبب؟ - إن سبب مرض الحصبة الألمانية هو فيروس الحصبة الألمانية ويعتبر الإنسان هو المأوى الوحيد لهذا الفيروس الذي ينتقل بالرذاذ الفموي عن طريق الأنف، أو عبر المشيمة إلى الجنين مسبباً الانتان الولادي، الحصبة الألمانية منتشرة عبرالعالم وتصيب الجنسين بالتساوي. أثناء المرض السريري يتواجد الفيروس في مفرزات البلعوم الأنفي والدم والبراز والبول. ويمكن وجود الفيروس في البلعوم الأنفي قبل 7 أيام من ظهور الطفح وبعد 7 - 8 أيام من اختفائه. كما أن المرضى المصابين بمرض تحت سريري (أي غير واضح عليهم) يكونون معديين أيضاً. أما خطر المرض على الجنين أثناء اصابة الأم بالمرض والذي قد لا يكون واضحاً على الأم تكمن في حدوث العيوب الخلقية في حوالي 90٪ من الأطفال إذا أصيبت الأم في الأسابيع الحملية قبل 11 أي في الثلاثة الأشهر الاولى عن الحمل ثم تتناقص وتنخفض تلك النسبة إلى 10 - 20٪ في نهاية الثلث الحملي الاول أي في نهاية الثلاثة الأشهر الاولى من الحمل ثم تتناقص أكثر وأكثر ويكون أقل ضرراً في نهاية الحمل. الأعراض والعلامات: إن فترة الحضانة لهذا المرض حوالي 14 - 21 يوماً أي أن فترة اصابة الطفل بالمرض وظهور الأعراض حوالي أسبوع إلى ثلاثة أسابيع من تعرضه واحتكاكه مع المصاب. قد يكون هذا المرض خفيفاً جداً لدرجة أنه يمر أحياناً دون الانتباه إليه. ويكون حوالي ثلث الحالات. والعلامة المميزة لهذا المرض هو تضخم في الغدد اللمفاوية خاصة التي خلف الأذن والموجودة في المثلث الخلفي للعنق. والعلامات الاخرى المميزة هو ظهور الطفح الذي قد يظهر ويكون داخلياً في حوالي 20٪ من الحالات قبل بداية الطفح الجلدي الذي عادة يتألف من بقع وردية متميزة على الحنك وقد تندمج مع بعضها لتشكل بقعة حمراء مزرقة وتمتد على الجلد. ويبدأ الطفح بالظهور على الوجه وينتشر بسرعة إلى الجذع ويختفي من الوجه وفي خلال 24 ساعة ينتشر فوق كامل الجسم. قد يصاحب الطفح حكة خفيفة. ويزول عادة هذا الطفح بعد ثلاثة أيام. وقد حدثت حصبة بدون طفح في كثير من الحالات ويكتشفها الطبيب أحياناً وللمعلومية يظهر تضخم الغدد اللمفاوية قبل 24 ساعة على الأقل من ظهور الطفح. المضاعفات 1 - التهاب جدار البلعوم والملتحمة وعادة يكون خفيفاً. 2 - التهاب المفاصل مع ألم حاد وتورم واحمرار ويحدث ذلك بشكل أكبر عند الفتيات الكبار والنساء وفي العادة يختفي ذلك بعد مدة من دون عقابيل أو مشاكل مزمنة. 3 - المضاعفات من انتقال المرض إلى الجنين (الذي يؤدي إلى متلازمة الحصبة الألمانية الولادية): أ - تأخر نمو الجنين داخل الرحم. ب - صغر العين وتكلس العدسات. ج - التهاب عضلة القلب وتشوهات خلقية في القلب مثل (استمرار القناة الشريانية، أو ضيق الشريان الرئوي). د - فقدان السمع نتيجة الصمم الحسي العصبي. 5 - التهاب السحايا في المخ. و - التهاب الرئة. ذ - التهاب الكبد. ح - فرفرية نقص الصفيحات الدموية وفقر الدم. ط - التأخر الحركي والعقلي فيما بعد عندما يكبر الطفل. التشخيص يمكن تشخيص الحصبة الألمانية أحياناً عندما تتضح الأعراض السريرية وبالفحص الاكلينيكي يمكن اكتشاف بعض العلامات التي يعرفها الطبيب ومنها كما ذكر تضخم الغدد اللمفاوية في الرقبة والطفح وقصة اختلاط الطفل أو الأهل بمريض قبل أسابيع. ويمكن اثبات الاصابة بالحصبة الألمانية في حالة الشك من ذلك باجراء الفحوصات المخبرية أو زراعة الفيروس والذي يستغرق وقتاً طويلاً. والفحوصات المخبرية تبين بعض الاضداد الخاصة بالمرض والتي تثبت الاصابة بالمرض في الأيام الاولى للمرض. بسبب تشابه بعض الأمراض في علاماتها مثل الطفح فانه في بعض الأحيان يصعب التفريق بين هذه الأمراض والحصبة الألمانية، ولكن بالفحص السريري والمخبري يمكن التفريق بينهم. ومن هذه الأمراض مرض وحيدات النوى. عودة المرض: يمكن أن يصاب الطفل مرة اخرى ولكن في العادة يعطى مناعة دائمة بعد الاصابة بالمرض ونسبة حدوث عودة المرض قليلة جداً. كذلك يمكن الاصابة بالمرض بعد أخذ اللقاح بنسبة أكثر من الاصابة بالمرض. الوقاية 1 - إعطاء الطفل اللقاح الخاص بالحصبة الألمانية ضمن اللقاح الثلاثي (الحصبة الألمانية والنكاف والحصبة العادية) في عمر 12 - 15 شهراً. والجرعة الثانية تعطى في عمر 4 - 6 سنوات ويمكن اعطاؤها في أي وقت أثناء الطفولة بشرط أن يكون قد مر 4 أسابيع على الأقل على اعطاء الجرعة الاولى. كما يجب أن يعطى الأطفال الذين لم يتلقوا الجرعة الثانية جرعة أخرى بعمر 11 - 12 سنة وخاصة الفتيات. 2 - يجب أن لا تعطى المرأة الحامل لقاح الحصبة الألمانية الحي. كما يجب تجنب الحمل لمدة 3 أشهر بعد أخذ اللقاح. 3 - يمكن أن يؤدي لقاح الحصبة الألمانية إلى بعض المضاعفات مثل الحمى (5 - 15٪) والطفح (5٪). وتضخم العقد اللمفاوية والآلام المفضلية، والتهاب المفاصل وعادة الصغير في خلال 10 - 20 يوماً بعد أخذ اللقاح. وقد سجل حدوث خدر محيطي وألم في الذراعين والساقين في حالات نادرة جداً. 4 - يجب تلقيح جميع العاملين بالصحة ضد الحصبة الألمانية اضافة إلى لقاح الحصبة العادية والحماق، وذلك لتحاشي اصابتهم ومن ثم نقل العدوى إلى المرضى. 5 - الوقاية بعد التعرض: يجب تلقيح النساء غير الحوامل اللائي هن عرضة لمخالطة أشخاص مصابين بالحصبة الألمانية. بالنسبة لجميع النساء الحوامل فيجب عليهن تجنب التعرض للحصبة الألمانية بغض النظر عن قصتهن المناعية. وللأسف يمكن أن تتعرض إلى أناس مصابين بالحصبة الألمانية ومعديين ولكن لا تبدو عليهم العلامات الأساسية أو تكون خفيفة. فاذا تعرضت امرأة حامل وحالتها المناعية غير معروفة للحصبة الألمانية، فيجب في هذه الحالة اجراء اختبار للاضداد مباشرة، ويجب تطمين المرأة الممنعة، أما الاخرى التي ليس لديها مناعة فيجب عدم اعطائها اللقاح، وذلك لخطورة احتمالية انتقال الفيروس إلى الجنين. ويمكن اعادة الاختبار المصلي بعد 3 - 4 أسابيع من التعرض، وإذا كانت ما تزال سلبية المصل يعاد الاختبار ثانية بعد 6 أسابيع من التعرض. وفي حالة الانقلاب المصلي في أي من العينتين أي إذا اشار إلى وجود المرض فيجب بعد ذلك اخبار الأم حول خطورة انتقال المرض من الأم إلى الجنين وحدوث التشوهات التي ذكرناها من قبل في القلب والدماغ. أما في حالة استمرار الحمل فيمكن اعطاء الغلوبين المناعي للنساء اللاتي قد تعرضن للحصبة الألمانية وخيار الاجهاض ليس وارداً كما في مجتمعنا وهذا الغلوبين المناعي ينقص معدل الهجمة إلا انه لا ينهي خطر الاصابة بالنسبة للجنين، وتعتمد درجة الاصابة على عمر الجنين فأخطر مرحلة كما ذكر في الثلاثة أشهر الأولى من الحمل. 6 - كلمة أخيرة على جميع الأمهات مراجعة المراكز الصحية الأولية لأخذ الجرعة الثانية أو الجرعة الأولى والثانية حسب المتبع وخاصة البنات المقبلات على الزواج.. وقد سمعنا قبل مدة عملت حملة تطعيمات على مدارس البنات لأخذ جرعة اللقاح الثلاثي الذي من ضمنه الحصبة الألمانية فجزى الله خيراً من اقترح ذلك ونفذه. 7 - إجراء الحملات التوعوية عن أهمية التطعيمات بشكل عام وخطورة الحصبة الألمانية على الجنين بشكل خاص، وذلك في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والأهم لزائري المراكز الصحية الأولية والمستشفيات العامة والخاصة.. ومراقبة تنفيذ مثل هذه البرامج من التوعية وفي مجالات أخرى.