لم يخف محمد العسيري تذمره من حروف لوحة سيارته "ن ك د"، التي تسببت له في "مشكلة عائلية" إذ ان زوجته كثيراً ما تقارنها بحروف لوحات سيارات أخرى تنم عن التفاؤل، حتى أنه يفكر الآن جدياً في استبدال لوحة سيارته بأي شكل. والمشكلة لا تخص محمد العسيري وحده، فعدد كبير من السعوديين توقف عن شراء سيارات جديدة ابتداء من العاشر من آذار مارس الجاري خوفاً من أن تحمل لوحاتها الحروف الثلاثة اياها، التي يصرون على قراءتها على النحو التالي"نكد"الذي لا يخفى ما يثيره في النفوس من تشاؤم. وهؤلاء"المتشائمون"يرون أن الحروف الثلاثة لكلمة"نكد"ستضفي على حياتهم نوعاً من التعاسة، كيف لا وهي أول كلمة سيقرأونها في صباح كل يوم جديد. ولم يتردد البعض في تأجيل مشروع شراء سيارة جديدة، حتى وإن خسر لأجل ذلك عروض التخفيض التي تقدمها شركات السيارات في بداية كل عام جديد، على ما بقي لديها من موديلات السنة الفائتة. وهذا ما حدث بالفعل مع أحمد الخريبي الذي أوضح ل"الحياة"أنه اضطر إلى إخلاف وعده الذي أعطاه لأفراد عائلته بشراء سيارة جديدة مع مطلع العام الجديد، حينما توارد إليه صدور كلمة"ن ك د"في اللوحات الجديدة. ويقول:"أجّلت شراء السيارة إلى حين انتهاء هذه الدفعة من اللوحات على رغم علمي أن هناك عروضاً كانت ستوفر لي مبلغاً جيداً". ويشير الخريبي إلى أن من شأن تلك الكلمة أن تحول حياته إلى نكد دائم. ويضيف:"لا أتصور أن تلاحقني تلك الكلمة في أي مكان أذهب إليه، ستكون فألاً سيئاً عليّ". النفور الذي أبداه الخريبي من تلك الحروف الثلاثة، كانت حدته أقل لدى المواطن خالد سعيد الذي أوضح أن التشاؤم والطيرة ليست من الإسلام في شيء، مؤكداً في الوقت ذاته أهمّية التفاؤل في حياة المسلم. ويقول:"الكلمة مزعجة فعلاً، ولكن ليس إلى درجة أن أرفض شراء سيارة خصوصاً إذا كان سعرها مغرياً، يمكن للشخص أن يستبدلها لاحقاً وتنتهي المشكلة"، مشيراً إلى أن 400 ريال، قيمة استبدال اللوحة لدى إدارة المرور"هو المبلغ الذي يمنع التعاسة من دخول حياة المتشائمين". التعاسة كأحد الأبعاد النفسية للأحرف ستكون في انتظار صنفين من الناس، كما أوضح استشاري الطب النفسي سعيد كدسة بقوله:"إن الشخصية الوسواسية التي تهتم بكل ما حولها مهما كان تافهاً ستتأثر سلباً من مشاهدة تلك العبارة في شكل مستمر، تشاركها في ذلك الشخصية المراهقة التي يعد حب المظاهر من أبرز سماتها، لذا فإن النوعين سيحاولان التخلص من العبارة بأي طريقة كانت". ونفى كدسة تأثر شخصية الإنسان الطبيعي، التي تتسم عادة بالنضج، بتلك الأحرف. من جهته، أكد المدير العام للمرور العميد فهد البشر ل"الحياة"أن"هذا الأمر ترك مجالاً للذين يهتمون بلوحات السيارات، وهم أولئك الذين لديهم اهتمامات اجتماعية هامشية. انهم يشترونها عن طريق المزايدة، ومن المعروف أن لوحات السيارات لا تقرأ ككلمة وإنما على شكل حروف". وأوضح أن من يريد تغيير لوحة سيارته فكل ما عليه هو د فع رسوم لتغيير اللوحة، نافياً في الوقت نفسه أن تكون ادارة المرور تواجه إشكالية نحو حروف اللوحات، ومشيراً إلى أن مزاد اللوحات لا يزال مستمراً كل يوم اثنين.