كشفت ممرضات يعملن في مراكز الرعاية الصحية الأولية في مدن محافظة الأحساء وقراها عن ضغوط تعرضن لها، بعد اعتراضات قدمنها إلى مديرية الشؤون الصحية في الأحساء على الدوام الجديد الذي أقره وزير الصحة الدكتور حمد المانع. ويقضي تغيير الدوام الجديد بإلغاء دوام يوم الخميس، وتعويضه بساعات دوام إضافية في أيام الأسبوع الأخرى. ما أثار تذمر الممرضات السعوديات، اللواتي أبدين استياءهن من الدوام الجديد. وعبرت ممرضات عن معاناتهن الأسرية والزوجية بعد إقرار زيادة ساعات الدوام. ولم تظهر آثار التعديل في البداية، ولكن بعد مضي نحو شهر ونصف حدث إرباك في حياتهن، بسبب عدم القدرة على التوفيق بين الدوام ولوازم ومتطلبات الأسرة التي تأثرت في شكل كبير. وكشفت الأمهات منهن عن تأثر أبنائهن دراسياً، لعدم قدرتهن على متابعة قيامهم بواجباتهم المدرسية، فيما وجهت إلى بعضهن تهديدات من أزواجهن الذين طالبوهن بترك العمل، إذا لم تتوافق ساعات العمل مع ظروفهن المنزلية. وقالت إحداهن:"منذ عدلت ساعات الدوام والخلافات مع زوجي لا تتوقف"، وكشفت أنه يلوح لها في نيته الاقتران بزوجة ثانية. فيما أبدت أخرى مخاوفها من وصول الأمر إلى الطلاق إذ لم تترك الوظيفة. واتجهت مخاوف ممرضات إلى منحى آخر، تمثل في الخشية من نقلهن من أماكن عملهن في شكل عشوائي أو التضييق عليهن في عملهن، بعد اعتراضهن على الدوام الجديد، حين التقى بعضهن مدير الشؤون الصحية في الأحساء الدكتور خليفة الملحم ومسؤولين آخرين في المديرية وإدارة الرعاية الصحية الأولية، وكذلك إثارتهن القضية في عدد من الصحف. وكشفت ممرضات رفضن ذكر أسمائهن عن ضغوط نفسية ووظيفية بتن يواجهنها جراء التحقيق المتكرر والضغوط الإدارية التي تعتبر غير اعتيادية. إذ يستدعين للتحقيق معهن خارج ساعات الدوام، خصوصاً بعد صلاة الظهر، ما تسبب في حرج وإرباك في برنامجهن الأسري. وقالت ممرضة:"طرحنا قضيتنا على الرأي العام لأننا لم نجد من يسمع شكوانا في الإدارة". وأشارت إلى ما واجهته وزميلاتها من ضغوط إدارية لم تكن موجودة سابقاً، خصوصاً من قسم المتابعة في القسم النسائي في الإدارة، بحجة التفتيش الفني. وأضافت"هدفهم الحقيقي تصيد الأخطاء، وإحالة أكبر عدد من الممرضات إلى التحقيق، وكأن العملية رد فعل يريدون بها التطفيش وزعزعت نفسيات الممرضات حتى لا يطالبن بتعديل نظام الدوام". ولا يقف الأمر عند ذلك فهناك مفتشون رجال يفتشون الممرضات، وأكدت الممرضة"هذا نرفضه تماماً، فهل يعقل أن يفتش رجل ممرضة في لباسها، مع وجود قسم نسائي متخصص!". ويزداد الأمر سوءاً عندما يستدعون الممرضات بعد صلاة الظهر خارج الدوام، للتحقيق، دون مراعاة ظروفهن العائلية، وتقول إحدى الممرضات"نربي أطفالاً رضع، والأسرة تحتاج إلى حضورنا، فمعظم وجباتنا تكون من المطاعم". وتكشف أن عدم الحضور يؤدي إلى أن يفرضوا عليهن كتابة إقرار بعدم الحضور للتحقيق. ويهددوهن بالخصم يومين من الرواتب. وتتساءل:"أليس هذا إجحاف؟!". وأضافت"اتصلنا بمساعد الشؤون الصحية، ليتفهم حالنا لكن من دون جدوى. فدائماً يرددون جملتهم"هذا في مصلحة الوطن"، وتساءلت:"ألسنا جزء من هذا الوطن؟!". وأعربت عن قلقها جراء ذلك"من يقبل وضع مستقبل أسرتي في كفة وأماني الوظيفي في الكفة الأخرى؟!". وكانت رئيسة التمريض أجرت تعديلاً في أوقات الدوام في شكل يتلاءم مع ظروف الممرضات، لكن لم يوافق على التعديل. وقوبلت طلبات الممرضات بصورة من تعميم وزير الصحة بتعديل الدوام ما يعني الرفض التام. وأبلغن بذلك من طريق الهاتف. من جانبه، نفى مدير الشؤون الصحية في الأحساء الدكتور خليفة الملحم وجود أي ضغوط إدارية على الممرضات. ووصف شكاوى الممرضات ب"الحساسية المفرطة"، وعزاه إلى اعتراضهن على الدوام الجديد. واعتبر التفتيش الفني"أمراً طبيعياً ومطبقاً سابقاً". وقال:"إن الدوام الجديد لم يأت إلا بعد دراسة طويلة، وتصورات جدية على مستويات القطاعات الصحية جميعها"، ومع ذلك أكد أن مديريته رفعت إلى الوزارة مرئيات الممرضات المعترضات على النظام. وفي الاطار نفسه، شرعت مجموعة من ممرضات وطبيبات يعملن في مراكز رعاية صحية أولية في المنطقة الشرقية، في إجراء اتصالات مع عدد من المنشآت الصحية بهدف الالتحاق بهذه المنشآت التي لا تقع ضمن مسؤوليات وزارة الصحة. وتأتي الاتصالات على خلفية الظروف الصعبة التي واجهنها إثر إقرار نظام ساعات العمل الجديد، الذي تم بموجبه إلغاء دوام يوم الخميس، وإضافة ساعة إلى أيام العمل الأخرى، ما جعل ساعات العمل تصل إلى تسع ساعات يومياً. ومن بين القطاعات التي اتصلت بها الطبيبات والممرضات،"مستشفى الإمام عبدالرحمن بن تركي"التابع للحرس الوطني في الدمام، ومستشفى"أرامكو السعودية"و"القاعدة الجوية"في الظهران، ومجمع الملك فهد الطبي، إضافة إلى الوحدات الصحية التابعة إلى إدارة التربية والتعليم للبنات في المنطقة الشرقية. فيما تسعى أخريات إلى الالتحاق بمستوصفات ومستشفيات أهلية. ولم يشكل نقص الراتب حين الانتقال إلى القطاعات الأخرى مشكلة لغالبية منسوبات مراكز الرعاية، إذ أكدت غير ممرضة وطبيبة ل"الحياة"أنهن سيقبلن برواتب أقل، ولكن مقابل ساعات عمل أقل مما هو عليه في وظائفهن الحالية، وكذلك سيكون العمل على فترة واحدة، تصل في حدها الأقصى إلى ثماني ساعات، ما يتيح لهن العناية بأسرهن والاهتمام بأزواجهن، خصوصاً أن كثيراً منهن واجهن مشاكل أسرية كبيرة إثر إقرار الدوام الجديد. فيما ألمحت ممرضات في مراكز صحية في الدمام والخبر والقطيف إلى أنهن تعرضن إلى مضايقات إدارية إثر تقدمهن بشكاوى إلى المدير العام للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية، وبعد اتصالاتهن بالصحف، لتسليط الضوء على مشكلتهن مع الدوام الجديد، وهي الشكاوى التي لم تجد لها أي صدى أو تجاوب لدى المسؤولين في وزارة الصحة، لأن مسؤولين عدة أكدوا لهن أن القرار"صيغة إجبارية غير قابلة للنقاش".