ناقشت الجلسة الثانية من فعاليات ندوة الوقف والقضاء التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية أربعة بحوث، ذهبت بعيداً في التفاصيل الفقهية التي أشبعتها كتب التراث بحثا وتفصيلا، فيما نزلت قليلاً إلى الواقع ولم تضف جديداً! وفي موضوع"ولاية الدولة على الاوقاف... أصولها الشرعية وحدودها العملية"ردد وكيل الشؤون الإسلامية للأوقاف الدكتور عبدالرحمن بن سليمان المطرودي عبارات الفقهاء أنفسهم وبين أصول الولاية وأنواعها وشروطها التي ذكر أن أهمها"الاسلام والعلم والعقل والبلوغ والذكورية والحرية والعدالة وسلامة الحواس". وحول"ولاية الدولة على الاوقاف اصولها الشرعية وحدودها العملية"أبان وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية الدكتور عبدالله بن صالح الحديثي، أن الوقف سنة قائمة وركن من اركان العمل الخيري تميزت به شريعة الاسلام فأقرت وجوده ونظمت طريقة رعايته والاشراف عليه. وتعرض لولاية الدولة على الاوقاف مقتصراً على ما ينطبق عليه رأس الموضوع إذ رصد ثلاثة محاور في الولاية على الوقف واقسامها وولاية الدولة على الاوقاف مع التأصيل الشرعي لهذه المواضيع. وأوضح أن الشروط المقيدة في الولي على الوقف هي أن يكون مسلماً ومكلفاً وخبيراً في شؤون الوقف وحقوقه، وان يكون قوياً قادراً على حفظ الوقف، وان يكون كفؤاً في تصرفه ورعايته للوقف، واما العدالة فقد اشترطها بعض الفقهاء وبعضهم قال إن شرط العدالة غير معتبر فيمن يوليه الواقف اما الذي يولى من الحاكم او الناظر فلا بد من شروط العدالة فان لم يكن عدلاً لم تصح ولايته وأزيلت يده. ولاية الناظر على الاوقاف بعد ذلك ناقشت الجلسة الثانية البحث الثالث وعنوانه"ولاية الناظر على الاوقاف الاهلية فقهاً ونظاماً"للقاضي في المحكمة الكبرى في مكةالمكرمة سابقاً الشيخ محمد بن هديهد الرفاعي، الذي عرف الوقف بأنه في لغة الفقهاء تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرفه وغيره في رقبته بصرف ريعه إلى جهة بر تقرباً إلى الله تعالى، كما انه من اسباب التقرب إلى الله سبحانه وتعالى والفوز برضاه وجنته، وهو من جهة اخرى مظهر من مظاهر الاحسان والبر والتكافل الاجتماعي والتراحم الانساني في دين الله"الاسلام". وأورد الرفاعي في بحثه ولاية الناظر على الاوقاف الاهلية الواجبات والحقوق والتبعات ونظمه ووظائف وواجبات الناظر، وحقوق الناظر، وكذلك التبعات والضمانات التي تلحق الناظر، إضافة إلى مدى وفاء النظام القضائي في السعودية بمتطلبات قضية الناظر. ثم تحدث الرفاعي عن أقسام الولاية على الوقف فقال بأن الولاية على الوقف تنقسم إلى قسمين الاول ولاية اصلية، والقسم الثاني ولاية فرعية، مؤكداً أن صلاح الوقف ونماءه واستقامته مرهون بصلاح الناظر واتقائه وتقواه، فإن صلح الناظر صلح الوقف وان فسد فسد. واعتبر الرفاعي تعيين القضاة في مدنهم التي نشأوا فيها مطلباً ضرورياً في معرفة أبعاد القضايا والمشاكل والطرق الناجعة في حلها، وان الأعيان الموقوفة سواء كانت عقاراً أو منقولاً ينبغي أن ينتفع بها الموقوف عليه بنفس الانتفاع الذي أعدت له وفقاً للأصول الشرعية وبما نص عليه الواقف، كذلك لا بد أن تستغل العين الموقوفة وينتفع بها ولا تهمل ما لم يمنع من استغلالها مانع ما، وعلى الناظر أن يستغل العين بما يصلحها سواء بإجارتها أو زراعتها أو المساقاة عليها كل بحسب ما يليق به، وخلص البحث كذلك إلى انه لا يجوز ترك إدارة الوقف والتصرف في شؤونه للناظر يعمل كيف يشاء ووفق هواه فربما تأتي هذه التصرفات جميعها أو بعضها ضد مصلحة الوقف، فالناظر قد يخطئ وربما يجد من يزين له بعض التصرفات الشائنة في الوقت ويسهلها له. وأيضاً ضرورة تحرير عقود الأوقاف بلغة عربية سليمة، خالية من اللغو والسخافات والتأويل والتفسير وفق الهوى لا وفق مقتضيات الشرع ومصلحة الوقف. الإشراف القضائي على النظار واختتمت الجلسة الثانية للندوة أعمالها بمناقشة البحث الرابع لفضيلة الشيخ هاني بن عبد الله بن محمد الجبير القاضي في المحكمة الكبرى في جدة بعنوان الإشراف القضائي على النظار الذي بين أن الشريعة الإسلامية جاءت لتنظيم الإنسان وترتيب شؤونه، وارشدته إلى طرق استثمار أمواله وكيفية بنائها، ووجهت إلى ما يحصل به جزيل الثواب بعدم انقطاع العمل في أنواع الصدقات الجارية، التي يمتد ثوابها إلى ما بعد حياة الإنسان. كذلك ألقى الباحث نظرة في واقع الإشراف القضائي على النظار وكيفية تطويره، حيث بين فضيلته انه من خلال ممارسة العمل القضائي والاطلاع على المجريات، ظهر بكل وضوح أن الإشراف القضائي على النظار محصور واقعاً بحال التقدم للمحكمة في الدعاوى والانهاءات، ولا يقوم قاض بمحاسبة أو إجراء آخر تجاه ناظر إلا بطلب يقدم إليه، أو لكشف دعوى أو معاملة تتطلب ذلك، بل ربما يتقدم من يطلب إقامته ناظراً للوقف بدلاً من ناظر متوفى، فتقمه المحكمة ناظراً وتعطيه إعلاماً بذلك، من دون أن يسأل عن مصاريف الوقف السابقة وتسجيلاتها وما استلم وما لم يستلم، وصارت بذلك مهام القاضي الإشرافية موزعة بينه وبين مجلس الأوقاف الذي أنيط به أيضاً حصر الأوقاف وتسجيلها ووضع قواعد تحصيل واردات الأوقاف. وانتهى إلى صلاحيات القاضي وولايته التي اعتبرها إشرافية على النظار، وتتضمن إقامة الناظر فيما لم يشترط له الواقف ناظراً أو شرطه فمات أو عزل، وتقدير أجرة الناظر التي لم يقدرها الواقف، أو قدرها له وكانت دون أجرة المثل، فيفرض له تمامها، ولتحديد أجرة المثل بالنظر إلى كافة الجوانب المؤثرة وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة، وبتنصيب القاضي من يقوم بمصلحة الواقف إذا امتنع الناظر، وسواها من التفاصيل المدونة في كتب الفقه.