خرج القاضي في محكمة القصيم إبراهيم الحسني عن نمطية الطرح الذي ساد الجلسات السابقة وانتقد في الجلسة الثالثة غياب جانب المحاسبة في المحاكم لنظار الوقف والوصايا. وقال:"على رغم أن الوقف له أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية، لا توجد محاسبة دقيقة ولا غير دقيقة في المحاكم لنظار الأوقاف والوصايا ويكتب القضاة في صك النظارة أو الوصاية: على الناظر أو الوصي مراجعة المحكمة كل عام لمحاسبته، إلا أن هذه المحاسبة غير موجودة للأسف اطلاقاً إلا عند ورود شكوى من احد المستفيدين، وفي الغالب يؤخذ بقول الناظر لأنه أمين إلا ما ندر". ولم يعز ذلك إلى تقصير القضاة وإنما إلى"عدم وجود آلية للمحاسبة وعدم وجود الفريق الإداري لهذه المحاسبة". وتطرق بحث الحسني في الندوة إلى نواح طريفة في وصايا الواقفين، بينها تعليقهم الوقف بالموت. وفي هذا الصدد أشار إلى أن" أغلب وصايا أهل نجد أوقاف معلقة بالموت"، لكنه لم يفسر ذلك، إلا أن ضعف ثقافة الوقف بين مجتمع نجد في وقت مضى ربما كانت وراء ذلك. وشدد بحث الحسني على ضرورة تعاون المحاكم وكتابات العدل مع وزارة الشؤون الإسلامية في تقديم المشورة لمن أراد إنشاء وقف قبل تسجيله في المصارف التي هي أصلح مع تزويد الواقف والموصي بنشرات قبل موعد تسجيل الوقف أو الوصية مع تفريغ باحث في كل محكمة وكتابة عدل لهذا الأمر. ولفت الشيخ الحسني إلى أن الوقف على الذرية" أدى إلى مشكلات وتعقيدات كبيرة في ردهات المحاكم، وتعرض لسوء استخدام، كما حملت شروط واقفيه في كثير من الأحيان جورا وظلما، ولهذا يجب على القضاة وكتاب العدل، عدم تسجيل وقف أو وصية تتضمن الحيف والظلم"مثل الوقف على الأبناء من دون البنات. من ناحيته اعتبر القاضي سليمان الماجد الحكمة من سن الوقف في الاسلام" فتح باب عظيم من أسباب قوة الأمة وعزتها، وطريقاً إلى تحصيل الأجر والثواب، وكان الوقف في عصور الإسلام الزاهرة عماد حياة الناس في مصالح دينهم ودنياهم، فكانت أكثر المصالح العامة التي ترعاها الدولة عادة تقوم على الأوقاف، كالمساجد والمدارس والمستشفيات وأعمال الحسبة، وغيرها، وكانت الدول تنهار وتقوم مكانها أخرى من دون أن تتأثر هذه المصالح العظيمة، لان القائمين عليها هم نظار هذه الأوقاف". وأضاف:"حتى أن الدول الغربية في الوقت الحاضر أخذت بالسعي في هذا الطريق فقد أحصيت نسب النفقات على المستشفيات في أميركا عام 1989 فكانت على النحو التالي: 65 في المئة خيرية، و25 في المئة حكومية، و10 في المئة تجارية". وزاد أن أعداء المسلمين"لما عرفوا اثر الأوقاف في دعم العلم وحماية الأمة واستقرار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية فيها، سعوا في بعض البلاد الإسلامية إبان استعمارها إلى جعلها أملاكاً حكومية أو حولوها إلى مصارف أخرى مطلقة، مؤكداً أن لشروط الواقفين في أوقافهم اثراً عظيماً في توجيه مصارف الوقف نحو مثل هذه الأعمال، ولهذا عني الفقهاء بتفصيل أحكامها في كتبهم".