الآلاف يحتمون في الملاجئ بسبب صواريخ حزب الله أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الأحد أن الدولة العبرية وجّهت "سلسلة من الضربات لحزب الله"، مجددا تأكيد عزمه إعادة السكان النازحين من شمال الدولة العبرية الذي تعرّض لوابل من الصواريخ الأحد، في ظل تصعيد ملحوظ في تبادل القصف بين الطرفين، يثير خشية بتحويل النزاع بينهما إلى حرب واسعة. وتأتي تصريحات نتانياهو في ختام أسبوع شهد تفجير أجهزة اتصال للحزب على مدى يومين في عملية منسوبة لإسرائيل، وضربة جوية قرب بيروت أدت لمقتل عدد من قياديي وحدة النخبة لقواته، وضربات جوية مكثّفة لأهداف عائدة له في جنوبلبنان السبت. لكن تصريحات رئيس الوزراء أتت أيضا بعد ساعات من اضطرار "مئات الآلاف" من الإسرائيليين للاحتماء في الملاجئ، مع إطلاق الحزب رشقات صاروخية استهدفت مناطق قريبة من مدينة حيفا. وهذا هو أبعد مدى تصله صواريخ الحزب منذ بدء التصعيد الراهن بين الطرفين في أكتوبر، غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة. وفي ظل هذا التوتر، حذّرت الأممالمتحدة الأحد من أن المنطقة باتت على مشارف "كارثة وشيكة". وقال نتانياهو في بيان "وجهنا في الأيام الأخيرة سلسلة من الضربات لحزب الله لم يكن يتوقعها أبدا. اذا لم يكن حزب الله قد فهم الرسالة، فأنا أؤكد لكم أنه سيفهم الرسالة" بعد هذه الضربات. ولم يذكر تفاصيل بشأن هذه الضربات. وشدد رئيس الوزراء على أنه "لا يمكن لأي دولة أن تتساهل مع الهجمات على مواطنيها وعلى مدنها. نحن، دولة إسرائيل، لن نتساهل مع ذلك أيضا". وأتى ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش أنّ "مئات الآلاف" من الإسرائيليين احتموا في الملاجئ وأُغلقت المدارس في شمال البلاد، بعد إطلاق حزب الله عشرات الصواريخ، ما تسبب بأضرار وحرائق. وقال الجيش في بيان "خلال الليل وساعات الصباح، أطلق نحو 150 صاروخا وصاروخ كروز وطائرة مسيّرة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية معظمها موجه نحو شمال إسرائيل". وأضاف أنها أسفرت عن "عدد قليل من الضربات"، من دون أن تؤدي إلى وقوع "أضرار كبيرة". وأفاد المتحدث باسم الجيش نداف شوشاني وكالة بأن "مئات الآلاف من الناس اضطرّوا إلى اللجوء إلى الملاجئ في جميع أنحاء شمال إسرائيل". وأمرت قيادة الجبهة الداخلية في إسرائيل بإغلاق كل المدارس في شمال البلاد، وبعضها يبعد 80 كيلومترا من الحدود، حتى مساء الإثنين. وردّ الجيش بشنّ غارات جديدة على أهداف لحزب الله. وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل ثلاثة أشخاص في ثلاث بلدات مختلفة جراء هذه الضربات. وبعد حوالي عام على اندلاع الحرب في قطاع غزة، أعلنت إسرائيل في الأيام الماضية انتقال الثقل العسكري إلى حدودها الشمالية مع لبنان، واضعة لنفسها هدفا جديدا يتمثّل بإعادة السكان إلى هذه المناطق الحدودية. وتسبب تبادل القصف بين حزب الله والدولة العبرية على مدى الأشهر الماضية، بنزوح عشرات الآلاف من جانبي الحدود. من جهته أكد حزب الله أنّه "قصف مجمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة زوفولون شمال مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2 والكاتيوشا". وأضاف أنّ ذلك يأتي في إطار "رد أولي" على تفجير أجهزة الاتصال التابعة لعناصره يومي الثلاثاء والأربعاء. كذلك، أعلن أنه استهدف مرتين قاعدة ومطار رامات ديفيد العسكريين "بعشرات من الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2". وهي المرة الأولى يعلن فيها حزب الله استخدام هذا الطراز من الصواريخ والتي يناهز مداها نحو 100 كيلومتر. وفي العراق، أعلنت فصائل موالية لإيران أنها استهدفت "هدفا حيويا" في إسرائيل بواسطة "الطيران المسيّر"، وذلك دعما للفلسطينيين في قطاع غزة. وكان الجيش الإسرائيلي كثّف غاراته الجوية على جنوبلبنان السبت، مؤكدا أن "عشرات" المقاتلات "قصفت آلافا من قاذفات الصواريخ" كانت جاهزة لاستخدامها فورا لإطلاق نيرانها باتجاه الأراضي الإسرائيلية. من جهته، أفاد حزب الله بأنّه نفّذ عمليات إطلاق نحو سبعة مواقع عسكرية على الأقل في شمال الدولة العبرية ومرتفعات الجولان السوري المحتل. وعلى المستوى الدولي، حذّرت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت من أن المنطقة تقترب من "كارثة وشيكة"، مشددة على أن الحل العسكري لن يفيد أي طرف. وحضّت وزارة الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين في البلاد على المغادرة، بينما الرحلات الجوية التجارية لا تزال متاحة. كذلك فعل الأردن الذي جدّد عبر وزارة خارجيته دعوة رعاياها لمغادرة لبنان "في أقرب وقت ممكن". وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله توعد إسرائيل الخميس ب"حساب عسير" على انفجارات أجهزة الاتصال، مؤكدا أن الحزب لن يوقف قصف شمال الدولة العبرية "قبل وقف العدوان على غزة". وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن أن أكثر من مئة صاروخ أطلقت من لبنان الأحد وتعمل فرق الإطفاء على إخماد حرائق اندلعت بسبب ذلك، ما دفع "مئات الآلاف" من الإسرائيليين للاحتماء في الملاجئ وإغلاق المدارس في شمال الدولة العبرية، بعد ساعات من توجيهها ضربات جوية مكثّفة ضد أهداف لحزب الله في جنوبلبنان. وكثّفت الدولة العبرية غاراتها السبت على أهداف للحزب، غداة ضربة دامية قرب بيروت أسفرت عن مقتل 45 شخصا بينهم اثنان من مسؤوليه العسكريين البارزين وعدد من قياديي وحدة النخبة، في تصعيد يجدد المخاوف من اتساع نطاق النزاع بين الطرفين. ووجهت إسرائيل ضربة قوية لحزب الله بقتلها عدد من قادة قوة النخبة التابعة له بعد أيام من تفجير آلاف أجهزة الاتصال التي يحملها عناصره، في تصعيد غير مسبوق لم يردع الحزب عن مواصلة القتال، وفق محللين. ويقول المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية آرام نرغيزيان إن إسرائيل بضرباتها المتتالية، تمكنت من "اختراق" و"ضعضعة" حزب الله الذي كان يقدّم نفسه على أنه "قوة موحدة ومنضبطة مع قدرة على مكافحة التجسس من الطراز الأول". ويشرح نرغيزيان في هذا الإطار أن "حزب الله يمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ (...)، لكن ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أنه أطلق الآلاف منها منذ 8 أكتوبر وأن آلافا أخرى قد دمرت بضربات إسرائيلية محددة في لبنان وسورية". ويرى الباحث في شؤون حزب الله في "أتلانتيك كاونسل" نيكولاس بلانفورد أنه "بالنظر إلى أن لدى حزب الله عشرات الآلاف من المقاتلين قيد تصرفه، فإن شل قدرات بضع مئات منهم قد يكون هامشيا من الناحية العسكرية البحتة". إلا أن ذلك لا ينفي أن الضربة كانت قاسية على "المستوى المعنوي، وربما فرضت شعورا بالضعف وأثارت بعض الذعر" في صفوف الحزب، وفق بلانفورد. منذ بدء الحرب في غزة، أبقى حزب الله عملياته بين حدين فاصلين: مواصلة دعم حليفته حماس، وتفادي الحرب الشاملة. ويعتقد بلانفورد أن "اسرائيل تراهن على واقع أن حزب الله لا يريد حربا وأنه غير مستعد لتجاوز عتبة معينة قد تقود إلى حرب". ويرى بلانفورد أن حزب الله بهذا الربط "وضع نفسه في مأزق صعب". ومع ذلك، لا يرجح "أن تتمكن اسرائيل من الانتصار في حرب مع حزب الله الى حدّ هزيمته ومنعه من تشكيل تهديد لها". ويضيف "يتعين على حزب الله الآن أن يتعامل مع وضعية إسرائيلية أكثر عدوانية وحزما"، في لحظة "ربما تكون الأكثر خطورة في الصراع المستمر منذ قرابة عام". قصف متبادل بين إسرائيل وحزب الله (أ.ف.ب)