خمسة مليارات ريال تمثل حزمة ضخمة من المبالغ النقدية من أموال القصر والنساء وفاقدي الأهلية، وغيرهم من الورثة واليتامى، حيث ذهبت جميعها إلى خزائن البنوك التجارية مناولة وبإمضاء من "بيت المال" - الذي جعل من تلك البنوك الوريث الحقيقي والمستفيد من تلك الأموال طوال عشرات السنين - إلى جانب الأموال المنقولة وغير المنقولة من العقارات والممتلكات التي تاهت وشارفت على الضياع، في ظل روتين المحاكم، بينما هناك من أصحاب تلك الأموال، أطفالاً ونساءً ورجالاً يتضوعون جوعاً وفاقة وهم الورثة الحقيقون، فيبحثون عن "لقمة العيش"؛ مع أن منهم من لحقَ بمورثه قبل أن ينال نصيبه مما تُرك له. "ندوة الثلاثاء" تناقش هذا الأسبوع مضمون تلك الأسباب والمعوقات، التي وجد أن الجهاز القضائي ممثلاً ب "وزارة العدل" كان الطرف المباشر في خلق هذه الأزمة؛ حيث لم يتم تفعيل وتطبيق تلك الأنظمة والقرارات المعنية بمعالجة وضع الولاية على الأموال التي صدرت بها الأوامر الملكية الكريمة منذ عدة سنوات، إضافة إلى أن المورثين كانوا في حالات كثيرة هم السبب المساعد على ضياع أموال ورثتهم؛ عندما لم يلتزموا بمقتضى كتابة الوصية، وحصر ما لهم وما عليهم، وعدم تحديدهم الوصي أو الناظر على وصاياهم، ليتركوا ورثتهم في بحر من الغموض والمشاكل الأسرية والاجتماعية، حتى باتوا ينتظرون من ينظر إليهم بعين الشفقة، مع أموالهم الموقوفة إلى أجل غير معلوم. نحتاج إلى تحديث إجراءات «هيئة النظر» في شراء العقارات وتفعيل «هيئة الولاية» وتنمية التركة بمشروعات استثمارية بيت المال في البداية، أشاد "د. اليحيى" بفكرة "بيت المال"، مبيناً أنها موجودة منذ أكثر من 80 عاماً في جميع المحاكم، وكان "بيت المال" له دور رائد بفضل لوائحه المنظمة والوافية بخصوص ما أنشئ له، إلاّ أن هناك تعديلات وزيادات أضيفت على تلك اللوائح، وفي المقابل لم يضف إلى بيت المال أنظمة تخدم ما أضيف إليها، قائلاً: "في السابق كان بيت المال مسؤولاً عن الأموال التي نستطيع أن نقول ليس لها راع، كأن تكون أموال أيتام ليس لهم ولي، أو تكون وصية وليس عليها وصي، أو ناظر، أو وقفاً ليس له ناظر تحتضنه المحكمة وتتحفظ عليه ويقوم الوالي الشرعي الذي هو القاضي في البلد أو رئيس المحكمة بالبحث عن شخص كفء من العائلة أو من غير أهلها ليتولى ذلك المال أو الوقف أو غيره، وكذلك يحتضن أموال المفقودين، أو الغائبين، أو الأجانب، أو نحو ذلك، أو التركات، أو الديات"، مبيناً أن هذه المحاكم لم تكن تتدخل في أموال القصر والوصايا والأوقاف لسنين طويلة، حيث يتولى الولي أو الوصي أو الناظر هذه الأموال ويدّبر شؤونها، إما أن يبحث عن عقار مناسب، أو التجارة بها، على نحو ما ورد بأنه يتاجر بأموال اليتامى حتى لا تأكلها الصدقة كما جاء في الحديث الصحيح. مضيفاً: "بقي الحال هكذا إلى ما قبل 20 سنة تقريباً عندما حاول بعض الأولياء أو النظار أو الأوصياء على أموال الغير أن يحوزوها إلى أموالهم، ويستفيدوا منها أو يأكلوا بعضها أو نحو ذلك، فكثرت الشكاوى، حتى صدر الأمر أن لا يباع لأي صغير ولا يباع لوصية ولا لوقف، إلاّ بعد علم الحاكم الشرعي، ثم أن قيمة هذا المباع تدخل في بيت المال وتبقى فيه إلى أن يوجد عقار أو شراء بدل، وهذه الإضافة جاءت بسبب تساهل بعض الناس أو عدم أمانتهم، وقد عُمّ بها الجميع". توزيع التركة في زمن حياة المورث أفضل الحلول تعميم القرار المال فرّق الاخوان وترك «نفوسهم محتقنة» بحثاً عن الثراء ومصلحة الذات وتأسف "د. اليحيى" من عدم اقتصار ذلك القرار على الأشخاص غير الثقاة، في جزئية إبقاء أموال القُصّر لدى بيت المال خشية تلاعب الولي أو الوصي أو الناظر، مضيفاً: "هناك من هو موثوق به، ومعروف بعقله ودينه ومعرفته وحرصه على أبنائه وأبناء إخوانه أو أبناء أقاربه، من دون أن يترك له المجال في البيع أو الشراء وتنمية المال، ما جعل أموال هؤلاء القصر أو الوصايا أو الأوقاف تبقى سنوات طويلة في داخل صناديق، أو داخل البنوك، أو نحو ذلك سنين طويلة من دون استثمار، وهناك أموال مجمدة أكثر من 20 سنة ولم يتم تحريكها، وإذا كانت الزكاة تخرج عنها فإنها قد تهلكها، وإن كانت الزكاة لا تخرج عنها فهذه مصيبة أخرى، لأنه مال وحال عليه الحول وزائد على الحاجة"، مشيراً إلى أن بعض أصحاب الأموال الموروثة بحاجة ماسة إليها، ولا يستطيعون الأخذ منها وتنميتها، ما جعل الأولياء والأوصياء والنُظّار ييأسون من الحصول على الأموال ويفقدون الثقة في إمكانية تنميتها. كثرة الأعباء وذكر "المسند" أن "وزارة العدل" تسعى في حل كثير من المشكلات التي تعيق مثل القضايا وغيرها، إلاّ أن كثرتها وتجدد المعاملات وكثرة الأعباء على الوزارة، وضرورة موافقة عدة جهات على بعض تلك الإجراءات التي تراها الوزارة مناسبة، فإنه قد يتأخر البت في فرضها والأمر بها، مبيناً أن المشاكل المتعلقة بالجهاز القضائي تتمحور في عدة أمور منها: عدم تجريم الغائب عن جلسات التحاكم، قائلاً: "قد يكون أحد الورثة يملك مستندات وأوراق ووثائق لمورثه، وتطالبه المحكمة بالحضور، ولا يحضر، ولا يوجد للمحكمة سند نظامي لإحضاره بالقوة، أو حرمانه، أو إيقاع العقوبة عليه، وهذا من أكبر أسباب تأخر عدد كبير من القضايا"، مؤكداً أن أغلب المحاكم تخلو من أعضاء متمكنين وذوي خبرة، لإعطاء مسائل قسمة التركات استحقاقها النظامي والشرعي، إلى جانب معرفتهم بأسعار العقار والمنقولات وقسمتها على الورثة مضيفاً: "إن وجد أعضاء متمكنون فإنهم قليلون، ورواتبهم ضعيفة، وصلاحياتهم وطريقة تعيينهم بل وكبر سنهم محل إشكال"، مقترحاً استقطاب خبراء ل "وزارة العدل" في أغلب المجالات، وتسهيل التواصل بينهم والمحاكم؛ حتى تتم معالجة كثير من الأمور ومنها قسمة التركات. تنمية وتجارة مطلوب عاجلاً لائحة تنظم دخول أموال القاصرين وخروجها من دون «روتين ممل» وأضاف "د. اليحيى": "إذا علمنا أنه يوجد الآن أكثر من خمسة مليارات ريال موجودة في بيوت المال في المملكة كما صرح بذلك في أكثر من لقاء مدير عام بيوت المال بالمملكة الأستاذ عبدالعزيز الحسين، والمستفيد منها البنوك التجارية فلو أن هذه المليارات تم استثمارها في مشروعات بناء أبراج عمائر يكون لها مردود مادي، ويحسب نصيب كل شخص ويعطى بعد خصم كافة التكاليف، ويكون للمستفيد أو الوكيل توجيه صرف حصته من المبلغ لصالح جمعيات تحفيظ القرآن الكريم أو الجمعيات الخيرية أو أي جهات أخرى تستهدف التنمية"، كاشفاً أن هناك من رغب في التخلص من وصاياهم، ولكنهم يريدون إدارة تنفيذية صحيحة، بحيث يتم إنشاء أبراج، أو مشاريع تجارية، متابعاً: "يجب أن تُنمى الأموال بمشاريع قليلة المخاطر، أجدى من أن تترك، ولا تستثمر، ولا يتابعها الناظر إن كان لها ناظر، علماً أنه إن كان لها ناظر وأراد الحصول على الأموال؛ لتنميتها، فيجد أمامه شروطاً وعراقيل ما الله بها عليم، وإذا حصل عليها وتولاها، فإنه لا يسأل عن ماذا فعل بها، وهذا خطأ". نظام محاسبي الحفير: لا أؤيد تشكيل لجنة ضعيفة من دون صلاحيات.. نحتاج إلى قوة نظام وأوضح "الحفير" أن "بيت المال" الموجود في المحاكم يُنظم عملية الإدخال والحفظ وهي عملية متقنة أغلب ما تكون بالتوثيق الدقيق، إلاّ أن المشكلة في إخراج هذه الأموال وتنميتها، والاستفادة منها، ما أثر على عمليتي الإدخال والحفظ، مطالباً بتسهيل إجراءات المحاكم في عملية إخراج المال، سواءً فيما يتعلق ببيع العقار، أو في إخراج المال بعد بيعه من بيت المال، أو إعطاء الناظر حرية أكبر بالتصرف بالمال، مشدداً على أهمية وضع نظام محاسبي يعمم على المحاكم كلها، بحيث يدخل الناظر تحت هذا النظام المحاسبي، إلى جانب إيجاد لائحة جديدة لأموال القُصّر حيث إن أموالهم تشكل نسبة كبيرة في الأرصدة، قائلاً: "لابد من لائحة جديدة توضع لأموال القُصّر، سواءً فيما يتعلق بدخول المال، أو بخروجه، أو في تنميته، وهذه اللائحة تكون تمهيداً لإيجاد مؤسسات، أو شركات، تنمي هذا المال بالربح وبالنسبة"، مقترحاً أن يكون هناك قضاة للأوقاف كما هو للأحداث، وللقضايا الجنائية وغيرها، وذلك تماشياً مع النقلة الجديدة في القضاء بتجزئة المحاكم، مشيراً إلى أنه إذا وُجد قضاة تنفيذ للأوقاف في كل المناطق، سيتسهل العمل استباقاً لوضع لائحة جديدة خلال الفترة المقبلة. عقارات ضائعة! د. اليحيى: خمسة مليارات ريال مجمدة في «بيت المال» والزكاة أكلت «حلال الأيتام»! وأوضح "د. اليحيى" أن هناك كثيراً من العقارات التي تبلغ قيمتها ملايين الريالات، إلاّ أنها مهملة، إما لأن الناظر عليها توفي ولم يأت أحد بعده، وقد يكون الناظر ليس لديه مال لعمارة وقف أو وصية، مستشهداً بعقارات في أحياء قديمة، وبعضها آيل للسقوط، رغم أن مناطقها القريبة منها مرت بعمليات تطويرية، ومنها ما نزعت ملكيته، لتمهيد طرق جديدة، ومازالت هذه العقارات المتهالكة موجودة، رغم أن لها تثمين لدى وزارة المالية، إلاّ أن موضوعها متعثر لذات السبب، مضيفاً: "لو كان هناك قاضٍ متخصص إلى جانب لجنة تسانده، ويتابع كل ما يتعلق بالعقارات، حيث يستطيع معرفة العقار الذي ليس له ناظر، والعقار غير المؤجر، والعقار الذي لم يراجع صاحبه، ويطلب من النظار أن يراجعوا أو تشكل نظارة جديدة، فهو الحاكم الشرعي الذي يستطيع أن يُملي على الناس، بل يلزمهم عن طريق السلطة الإدارية والحاكم الإداري، ويتابع سير العمل الوقف أو الوصية، وله الحق في تغيير الناظر المهمل، ويضعه بين أيادٍٍ أمينة"، مشيراً إلى أن تلك المحفزات لو روعيت بشكل جيد، وحظيت بالاهتمام، فإن نصف دخلها سيكفي جميع الجمعيات الخيرية الموجودة وجميع ما تحتاج إليه، إلاّ أنه لا يوجد جهة تتابعها باهتمام، قائلاً: "لدي معاملة لتأجير أحد الأوقاف، ورُفعت إلى المحكمة، التي أحالتها بدورها إلى "وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف" التي لم يرد منها أي رد رغم متابعة سير المعاملة"، مرجعاً سبب التأخير إلى أن "وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف" سبق أن كونت وكالة وزارة للأوقاف، لكنها لم تُفعّل حتى الآن، مشدداً أن هذا التأخير سوف يدفع كثيرا من النُظّار إلى التخلي عن القيام برعاية مثل هذه الأوقاف. فيما اقترح "د. الصقري" تشكيل لجنة مكونة تضم ممثلا من وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وقاضيا من المحكمة، مع شخص من أهل النظر بحيث يكونون مسئولين عن الأوقاف، ويكون بإمكان أي ناظر على أي وقف الرجوع إلى هذه اللجنة وهي بدورها تتولى مراجعة وزارة الشؤون الإسلامية. أموال القاصرين تنتظر تحديث الأنظمة والحد من «الروتين» مسؤولية الدولة المسند: معظم المحاكم تخلو من أعضاء متمكنين في قسمة التركات وتقييم العقار وأكد "الحفير" أن أموال القُصّر واليتامى، هي مسؤولية الدولة بشكل عام، وليست مسؤولية شخصية بحتة، لأن أمور التقاضي الأخرى قد يكون خلفها مدع يطالب بحقوقه، لكن الأموال التي تخص القصر، أو تخص الديات، أو من لا يستطيع أن يعرف حقه، فهذا الأصل فيه أن تتبناه جهة تدعمها الدولة، وهي التي تبحث عن هذه الأوقاف وحفظها وتفعيلها، خصوصاً أن العقارات تضارع في القيمة الأموال النقدية، منوهاً: "لن أقول تشكيل لجنة، لأن اللجنة ضعيفة، وإنما هذه الأمور تحتاج إلى قوة نظامية كأن تكون وزارة تدعمها، أو تحتاج إلى نظام يخصها بخصوصها؛ حتى تكون قوية ولا تنتهي مع الوقت، أو تصطدم ببعض العقبات، فلابد أن يكون لأي لجنة صلاحيات، أو وصف وظيفي محدد بحيث تستطيع أن تنطلق وتقوم بأعمالها". وقال "د. الصقري":"لو أن الإنسان تذكر ما يحدث بعد وفاته من اختلاف بين الورثة، وما سيتعطل عليه كثير من المصالح المترتبة على وجود الوصية، لأوصى وذكر بوصيته ما له وما عليه، وقد كَثُر الآن من يدّعي كاذباً أن له حقوقا عند الآخرين، خاصة من المتوفين، كما أن الوصية تضمن للورثة ما لمورثهم وما عليه من حقوق أو ديون، وبهذا يكون الأمر خيراً للجميع سواء للورثة أو لمورثهم". مصارف الوصية المشيقح: الحل في الوصية لكسب الأجر وقطع دابر الخلافات وبيّن "الحفير" أن الوصية من العبادات التي يتقرب بها الموصي إلى الله سبحانه وتعالى، وجاء في الفقه أن الوصية لا بد منها، سواء في حكمها، أو ثمراتها، أو في الشروط التي تتعلق في الوصية، قائلاً: "قد يغفل كثيرون عن الوصية، ولذلك نلاحظ أن الخطباء والوعاظ يذكّرون بأهمية الوصية من دون التطرق إلى أمور أخرى تفيد الوصية، ونحن بحمد الله مجتمع يعرف الوصية ويوصي بها من حيث العموم الغالب"، منوهاً بأهمية أن يدون الانسان وصيته بنفسه، مستشهداً بحديث ابن عمر رضي الله عنه: "ما حق امرئ يبيت ليلتين إلاّ وصيته مكتوبة عند رأسه"، لافتاً إلى أهمية التدوين، وعدم الاكتفاء بالوصية الشفهية، حيث ربما ينسى الشاهد شيئاً، ويكون هناك خلاف، إلاّ أن ذلك لا يكون حينما تكون الوصية مكتوبة، فإن ذلك يكون أدعى إلى ثبوتها وخصوصاً التوثيق الرسمي، مضيفاً: "يجب عند التنبيه على الوصية أن نعتني بالمصرف بمعنى أين تصرف الوصية، ولهذا الله تعالى لما ذكر الوصية لم يذكرها مجردة، وإنما قال: (كُتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل)، فذكر الله سبحانه وتعالى مصرف الوصية"، مشيراً إلى أهمية الاعتناء بالمصرف، وتبيين أين تصرف الوصية، فالعبادة المتعدية أفضل من العبادة القاصرة، موضحاً أن هناك عبادات مقصودة للشرع أكثر من العبادات الأخرى، مضيفاً: "إن الحاجة إلى المال، إذا لم يوجد الداعم تكون الوصية أفضل أن يوصي الإنسان بها فقد تكون الوصية للفقراء أفضل، وقد تكون الوصية للجهات الخيرية، وقد تكون الوصية للقرآن الكريم وعلومه، أو غيرها من الأشياء المفيدة لصاحبها بعد وفاته، لذا يجب العناية بالمصرف". وشدّد "المشيقح" على أهمية الوصية ووفضلها، وثوابها العظيم، لما ذكره النبي "صلى الله عليه وسلم"، مضيفاً: "لمسنا من الوصية عدم وجود المشاكل بين الورثة، أو بين الناظرين، ومن الفوائد في ذلك أن الإنسان إذا أخرج وصيته في حياته فإنه يبعد عن نفسه الشح ويشرف عليها في حياته، ويرى الوصية أمام عينية حيث يرى التطبيق العملي لوصيته أثناء حياته". الوصية والوقف ونوّه "الحفير" بأهمية التفريق بين الوصية والوقف، موضحاً أن الوصية هي التي تكون بعد الممات، أما الوقف المُنجز فهو الذي يكون في الحال، قائلاً: "إذا كتب الانسان وصيته، ينص على أنه إذا مات يوصي بكذا وكذا، وله حق التغيير، وحق الرجوع، وحق الزيادة، وحق النقص"، مبيناً أن كثيرا من الناس يمتنع عن كتابة الوصية، ظناً منه أنه إذا أوصى بشيء لما بعد مماته، فإنه لا يستطيع الرجوع أو التعديل، مستدركاً: "لكن الوقف يختلف عن الوصية، حيث إن الشخص عندما يقول أوقفت هذا العقار مسجداً، أو أوقفت هذا العقار للفقراء والمساكين وقفاً منجّزاً، فإن الوقف لا يُقبل فيه الرجوع على قول جماهير الفقهاء". العدل في الوصية الصقري: اقترح تشكيل لجنة تنظر على الأوقاف وتراجع «الإسلامية» وحرّض "الحفير" خطباء الجوامع على أن يحثوا المصلين حول أهمية الوقف والوصايا، ويبينوا لهم مصارفها، وأن يشيروا إلى الناظر إذا كان وقفاً، وإلى الوصي إذا كانت وصية، مشدداً على أهمية الاختيار والمرونة، مضيفاً: "أقصد بالمرونة أن لا يذكر شخصاً، وإنما يذكر وصفاً، حتى لا تقع المحاكم في حرج شديد، منبهاً بعض الموصين من أن يوجد خلاف بين ورثته بسبب الوصية فقد يوصي لبعض الأولاد، أو لبعض الزوجات من دون بعض، مطالباً باستيعاب المفاهيم الشرعية حتى لا يقع الموصي في إشكال، قائلاً: "حينما يوصي لوصف المحتاج من الأبناء، أو المحتاج من الذرية الفقير، فإن هذا ليس فيه تفضيل أحدٍ على أحد"، مؤكداً أن الوقف المنجّز في الحياة أفضل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى"، مضيفاً: "ينبغي أن تكون رسالة الوصية ورسالة الوقف فاشية وظاهرة عند الأولاد، لأن هذا ملحظ تربوي مهم جداً أن تربي أولادك على حق الله تعالى في المال، أنه يدفع إلى الفقراء والمساكين والمحتاجين؛ حتى ينشأوا على سخاء النفس وكرم الطبع والنبل"، مبيناً أن من الأشياء المهمة وضع نماذج وثائق للوصية وللأوقاف، موضحاً أن المحاكم الشرعية تعنى وتحرص على وضع النماذج بحيث إذا تقدم أي إنسان بطلب، فيجد هذه النماذج التي تخدمه بحسب العقار أو المال الذي يريد أن يوصي به، وكذلك المحامين باعتبار أن الناس يأتون إليهم، فيفترض أن يكون عندهم بعض النماذج للوصية. الخلافات تعيق توزيع التركة..! أوضح "رضوان المشيقح" أنه عندما يصل الإرث للورثة قد تكون هناك عقبات تحول دون توزيعه؛ نتيجة مجموعة من العقبات في المال، سواء كان منقولاً أو غير منقول، وكذلك وجود مشاكل بين الورثة، أو عدم وجود حصر للورثة. وقال: "يخفي المورث أحياناً ما له وما عليه من الحقوق، ولا يكون على بينة مع ورثته، ثم إذا توفي نجد أن هناك أموالاً معلقة وتُركن في بيت المال حتى تنتهي المشاكل، ولذلك لا تكون المشكلة في كل الأحوال مصدرها بيت المال فقط، بل يكون هناك أطراف وأسباب أخرى"، مشيراً إلى أن بعض الورثة الذين يحتاجون إلى أموالهم المركونة سنين طويلة في بيت المال، حيث يلجأ بعضهم إلى الزكاة، مع أموالهم الطائلة في بيت المال، وليست في متناول اليد بسبب مشاكل متنوعة. انتظار محاكم الأحوال الشخصية أكد الشيخ "ياسر المسند" أن هناك تأخيراً في بدء تخصيص المحاكم برغم ما صدر بخصوص نظام القضاء بالأمر الملكي الكريم رقم (م/78) وتاريخ 19/9/1428ه، والمتضمن تخصيص محاكم عامة، إضافة إلى محاكم الأحوال الشخصية، وكذلك البدء الفعلي بقضاء التنفيذ، لافتاً أن الأمرين يساهمان في تسريع إنهاء قضايا التركات المتعثرة، مضيفاً أن هناك تأخيراً أيضاً في بدء تطبيق أحكام نظام الهيئة العامة للولاية على القاصرين ومن في حكمهم، وهو النظام الذي صدر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/29)، بتاريخ 10/5/1427ه، قائلاً: "في حال بدء تطبيق أحكام هذا النظام، سيتم معالجة كثير من الأمور المتعلقة بقسمة التركات خاصة"، مشدداً على أهمية المسارعة في تطبيق أحكام هذا النظام، لا سيما أن غالبية المواد التي تضمنها قد نصت على أن تتولى الهيئة الولاية حيازة الأموال التي لا حافظ لها حقيقة أو حكماً إلا الله سبحانه وتعالى. وطالب "د. اليحيى" بتخصيص قاض للأوقاف والوصايا وأموال القُصّر ومن في حكمهم، طالما لم يتم تفعيل الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين، مثلما تم تخصيص قاضي تنفيذ في كل محكمة كبرى، مضيفاً: "إذا خصص قاض خاص يهتم بأموالهم وأوقافهم ووصاياهم، ويتابع أعمال النُظّار عبر تقارير سنوية مفصلة، فإن ذلك أفضل وأولى من بيت المال"، مقترحاً تكوين لجنة تضم قاضيين، وعقاريين متطوعين يحتسبان الأجر في عملهما، وذلك لجمع الأموال المجمدة في بيت المال، لشراء عقار، أو المتاجرة به كما نص نظام الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين المصرح لها أن تتاجر في الزراعة والصناعة، منادياً بتفعيل تلك اللجان المصغرة، ريثما يتم تنظيم عمل هذه الهيئة. إجراءات «هيئة النظر» إبراءً للذمة بيّن "د. اليحيى" ما يدور بين التجار والعقاريين غالباً حول العقار الذي يراد أن يُشترى لقُصّر، أو لوصية، أو لوقف، يزداد قيمة ثمنه 20%؛ بسبب الأنظمة والتعقيدات التي يجدها البائع عندما يريد أن يستخرج قيمة العقار من بيت المال، حيث يعرض ذلك على القاضي، وبدوره يعرضه على هيئة النظر. وقال:"تنتظر هيئة النظر لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر وتصل إلى ستة أشهر، وإذا خرجت تكون أغلب تقييماتها أن المبلغ لا يساوي ذلك العقار إبراءً للذمة، ثم يعاد بعدها البحث عن عقار آخر على هذه الطريقة"، مبيناً أن ذلك جعل التجار والعقاريين يزيدون في قيمة العقارات التي يرغبون في بيعها لوقف أو أيتام، لكونهم سينتظرون وقتاً طويلاً للحصول على المبلغ، الأمر الذي جعل كثيرين يحاولون أن يبيعوا بقيمة أقل ويأخذون الزيادة من الناظر من أجل تسهيل المهمة. المشاركون في الندوة أ. د. سعود بن حمد الصقري أستاذ الدراسات العليا بجامعة القصيم وعضو لجنة إصلاح ذات البين في القصيم الشيخ أحمد بن حفير الحفير القاضي في المحكمة الجزئية رضوان بن عبدالكريم المشيقح عضو لجنة المحامين بالقصيم د. علي إبراهيم اليحيى رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم في بريدة والمستشار الشرعي الشيخ ياسر بن عبدالله المسند القاضي بالمحكمة العامة بالجوف