الرجل يبحث عن السعادة. درس لم تعلمني إياه أمي ولا خالتي ولا عمتي ولا أختي الكبرى، هؤلاء نسوة، لم يعرفن الرجل، مثلهم مثلي. لكنني وببساطة قرأته في كتاب، جملة سهلة سلسلة، وقررت أن أفيدكم, آسفة، أنني أفيدكن بهذه المعلومات التي تبدو قديمة معادة رثة. نعم فأين الجديد فيها؟ ستسألونني وأنتم أسياد العارفين، وأنتن سيدات العارفات، أن كل الناس من ذكر وأنثى يبحثون عن السعادة. وهنا الخطأ، المرأة لا تبحث عن السعادة، المرأة قصتها مختلفة، هي تبحث عن المال أو الاستقرار أو الحب، وهذه كلها مجتمعة مفاهيم مختلفة عن مفهوم السعادة عامة وعند الرجل تحديداً. المال وحده لا يجلب لها السعادة وإن كان تأمينه مسؤولية تقع على عاتق الرجل، والاستقرار وحده قد يبدو لها أحياناً رتيباً وروتيناً، وقد يبعث أحياناً على الملل وهذه أيضاً مسؤولية الرجل بشرط أن تجدد هي من حياتها وتغير من رتابة أيامها. أما الحب الذي تحلم به المرأة ابتداءً من النظرة الأولى فالثانية إلى آخر كلمة معسولة, مسؤولية من مسؤوليات الرجل أن يلتزم به ليستمر الحب. وهكذا نضع نحن النسوة كامل مسؤوليته على الرجل وحده هو يحل وهو يربط. أفلا يحق لهذا الكائن الأناني المسكين الضعيف أن يبحث عن السعادة مقابل كل هذه المسؤوليات؟ وهنا تكتمل الخطورة، لأنه في بحثه هذا يبدأ بخيانة المرأة وخيانة نفسه. لا يحق بشكل من الأشكال أن تكون سعادة الرجل أشبه ب"بلدوزر"يمضي ويسحق كل ما في طريقه من شجر وورد وأجساد وظلال. وبنظرة موضوعية إلى الأمور تتجلي بوضوح أمام أعيننا وأحاسيسنا وقائع الأمور، فليمض إلى السعادة من يمضي، لكن عليه أن يرسم الطريق. وهو لن ينجح ما لم يكن رساماً بارعاً دقيقاً وواقعياً في هذه الحالة، وبريشته الناعمة الدقيقة سيخط، ويضع الحدود، ويراعي حسن الجوار في المنزل والشارع ومكان العمل، في الحديقة الخاصة والعامة، مع البشر والطيور والحيوانات الأليفة والكائنات الحية وظلالها على الأرض والذاكرة. لا يمكن يا رجل أن تكون السعادة ذاتية منفصلة مستقلة، فهي ليست برجاً عاجياً، وقد خلقت لتدخل وتتداخل وتدخل البشر مجموعات إلى مقصورتها. يستطيع من يستطيع أن ينفرد بالحزن وينفرد به ويفرد له القلب والعين وأطراف العمر، لكن مع السعادة الأمر يختلف، والمعادلة تنقلب، والأفكار ترتدي ملابس أخرى، وأنت أيها الرجل الذي حزم حقيبته للتو وغادر بحثاً عن السعادة، توقف، اقفل عائداً، ثمة امرأة تحلم بك وبالمال والاستقرار والحب، تحلم وتعيش حلم الانتظار. وهي لا تنفك شفتاها تبتسمان وقلبها يخفق بالفرح، ولا تنشد السعادة إلا معك وفيك ومن أجلك، نحتت من أيامها سلماً لتصعد وتصعد وتصل، فلا تتركها وحيدة شاكية باكية عند الدرجة الأولى. طائر السعادة الجميل لا يحلق بجناح واحد!! خلف الزاوية أنا أريدك في حبي نظامياً وواقعياً ورباناً حقيقياً أهواك ملتزماً وعدي ومتزناً, ولست أرضاك إنساناً مزاجياً. [email protected]