قبل مئة سنة كنت قد كتبت عن قضية المرأة التي تدار بالخوف وليس بالإحسان، ووجوب معالجتها بالتي هي أحسن، لكن الظاهر أنها فالج لا تعالج. لا أقصد المرأة إنما القضية. ولأنني لا أحب الاستهتار بعقول الناس ومشاعر الرجال، قررت ألا أعود إلى هذا الموضوع، وإن كنت أحياناً أزوره زيارة خاطفة وسريعة. صحيح أني أود أن أبكي على حالي وعلى ما جرى لي يا أهلي، لكن قد يكون العيب فيَّ، وقد لا أكون امرأة بمعنى الكلمة، امرأة تعجب الرجل العربي، فكيف يجب أن تكون هذه المرأة؟ المرأة عليها أن تكون رقيقة وعطوفة ومتسامحة وجميلة وصبورة وست بيت ومتفهمة وعقلانية وعاقلة ومطيعة وخانعة وشاطرة وصالحة وقبيلة من النساء. أيضاً يجب أن تكون رؤوفة وحبوبة وحبيبة وناعمة وجذابة، وطبيعي أن تكون بنت حسب ونسب ورجال، لكن ومع أهمية العوامل الاقتصادية عليها أن تتبع الاقتصاد السياسي، يعني أن تكون ثرية ومحنكة وداهية، لأنه محال أن نفهم الاقتصاد من دون أن نفهم السياسة والعكس. معادلة صعبة محال عليَّ أن أكونها، ولذا تراني أقول قولي وقد ناحت بقربي سرب من النساء عشن امتهان الكرامة المتواصل ككائنات مصنفة بالضعيفة والصغيرة. نساء من جميع الأحوال، المتزوجة والمطلقة والأرملة وصدق أو لا تصدق العزباء أيضاً. شابات في ربيع العمر لكن على ما شاهدن عجائب من أعمال الرجال في النساء أصبن بعقد نفسية، وصارت الشابة التي كانت في الماضي تستميت لتتزوج، غيَّرت رأيها وتعلمت كيف تتأوه وتتنهد وتتساءل: هو في رجال؟ فما بالكم بي؟ لأنني ومن غبائي الشديد امرأة تؤمن بالمسؤولية أولاً، وقد علمتني المسؤولية كيفية التخلص من طيف الرجل الضاغط لأعتق نفسي من سيطرته. كيف لنا إذاً أن ننهي هذا الصراع الذي بدأت طلائعه منذ قرون واشتدت وطأته أخيراً وهي في صعود وأفق التفاهم فيه غائمة وعائمة؟ نعم حال المرأة كانت أفضل ومكانتها أرفع واحترامها أسمى مما هي عليه اليوم! فهل ذلك عائد لوقوعنا في فخ الجهل والإرهاب والتخلف؟ نعم فهذا الصراع ما بين الرجل والمرأة في عالمنا يشبه الصراع العربي الإسرائيلي أكثر المشكلات العالمية تعقيداً وطولاً وعرضاً. يا ساتر، هل وصلت الحال بين المرأة والرجل لنعالج الموضوع وكأنهما عدوان وليسا حبيبين وأخاً وأختاً وأماً وولداً وأباً وابنة؟ يا ساتر إذا وصلت الحالة إلى الدخول في متاهات التجسس ودسائس المؤامرات، لأني حقاً لا أصدق أن الرجل العربي لوحده يمتلك قوة عليها لا يستطيع أحد انتزاعها منه وكل ما له يزداد بطشاً في لعبة الغرور والكبرياء هذه. من أين أتى الرجل العربي بتلك القوة كلها؟ لا بد أنها مؤامرة كبرى، ومؤكد أن العدو ليس الرجل بل من سمح له أن يكون عدوها، هناك عدو، لا ليس ضد المرأة وحدها بل الرجل أيضاً، ضدنا كلنا، فالمرأة نصف المجتمع. [email protected]