يفرغ المصلون من صلاة الجمعة، ويبقى بعضهم من أجل الدعاء، وآخرون يؤدون السنن، أما البعض الآخر فيبقى عند المساجد من أجل مهمة أخرى، فالتسوق ينتظره خارج بوابة المسجد مباشرة، حيث تنصب سوق موقتة متنوعة من الخضراوات والفواكه والأحذية، وربما بعض الأجهزة الكهربائية المقلدة ولعب الأطفال. ويعمد بعض الباعة إلى افتراش الأرصفة مقابل المساجد، وبخاصة تلك التي تقام فيها صلاة الجمعة، "فالمصلون كثر، واليوم إجازة"، كما يقول بائع سعودي. ويلجأ كثير من المواطنين والمقيمين إلى الشراء من هؤلاء الباعة، لأن أسعارهم رخيصة، مقارنة بأسعار المحلات التجارية. وقد يغريهم وجود أصناف معروضة للبيع، يغنيهم وجودها قرب المسجد عن عناء الذهاب إلى السوق لشرائها. ويرتدي احد الباعة الهنود ثوباً قصيراً، وقد أطال لحيته، ويقدم للمصلين قليلاً من دهن العود، يضعه على كفوفهم، كعينة مجانية، وعلى الأرض أصناف متعددة من "الدهن". وتجبر العينة بعضهم على الشراء، أما البعض الآخر فيجد ذلك دليلاً على فساد البضاعة، على رغم تأكيد البائع أن بضاعته "أصلي"، بعربية متهالكة. أما الباعة السعوديون، ففي إمكانهم ترديد أكثر من كلمة، مثل أحدهم الذي وقف أمام كومة مرتفعة من الأحذية، مردداً: "اذهب إلى السوق وانظر بكم تباع هناك". وهو يؤكد أنه يبيعها بسعر اقل من سعر السوق، فهو يشتريها من دبي، حيث "الأسعار أرخص كثيراً من أسواق السعودية". لكن انبساطه في الحديث توقف عندما علم أن من يحاوره صحافي، طالبا "عدم قطع الرزق". ويواجه باعة المساجد لصوصاً لا يأبهون بالسرقة أثناء الصلاة، فهم يجدون ان هذا الوقت هو الأنسب لسرقة البضائع، التي عادة ما يرصفها أصحابها قبل دخول المسجد، كي تكون معدة للبيع بعد الصلاة مباشرة. ويقول بائع هندي يبيع ملابس داخلية وأشمغة رجالية، إنه تعرض للسرقة قبل فترة، وفقد "كيساً مليئاً بالسراويل القصيرة من مقاس واحد". ويشتري "باعة المساجد" بضائعهم من سوق الخضراوات بالجملة، ويبيعونها للمستهلكين لجني أرباح قد لا تتجاوز ريالات معدودة. ويشتري بعضهم أدوات كهربائية مقلدة وملابس بالجملة، وهي "البضاعة الأكثر عرضة للسرقة مقارنة بصناديق الخضار"، كما يقول أحد الباعة. لكن السرقة لا تمثل مصدر التهديد الوحيد لهؤلاء الباعة، فهم معرضون لدهم مراقبي البلدية ومصادرة بضائعهم في أي وقت، بيد أن بعضهم يعول كثيراً على قلة المراقبين يوم الجمعة. ويقول أحدهم: "الكل في إجازة، وماذا سيصادرون؟ فما لدينا لا يتجاوز صناديق برتقال وجزر وفلفل؟". وأجاب آخر عن سؤال: "كيف تستطيع التركيز في الخطبة والخشوع في الصلاة وبضاعتك في الخارج؟"، قائلاً: "الله يغفر، ماذا نفعل، نبحث عن لقمة العيش؟".