أن تنتشر الأسواق وتتوزع في كل مكان أمر اعتاد عليه الناس، ولكن ما لا يمكن قبوله هو أن توجد سوق متخصصة لبيع البضائع المسروقة، وفي مكةالمكرمة. هذه السوق تعرفت إليها «عكاظ» بعد أن صادف محررها أحد زملائه وقد سرق من منزله عددا من أسطوانات الغاز، فلما سأله: من سرقها وأين سيبيعها لأنه لن يجد من يشتريها منه؟ فاجأه بقوله سيبيعها داخل (سوق الحرامية)، ومن هنا قرر زيارة هذه السوق التي لم يكن مقتنعا بوجودها، ولما وصل إلى السوق التي تقع في أحد الشوارع الصغيرة في شارع المنصور كانت الساعة التاسعة من يوم الجمعة وهو الوقت الذي يبدأ فيه رواد هذا السوق بالتوافد، حيث يستمرون حتى الساعة العاشرة مساء، والغريب في الأمر أن هؤلاء العمالة يبيعون بضاعتهم التي غالبا ما تكون مسروقة بكل حرية ودون أن يضايقهم أحد. وعند دخولنا للسوق ذهلت مما رأيت فهناك أعداد كبيرة من العمالة وبعض الزبائن في ذلك الوقت المبكر يعرضون بضاعتهم التي تنوعت بين الملابس المستعملة والأحذية والجوالات وكاميرات الفيديو والكمبيوترات وعدد من الأجهزة الكهربائية الأخرى، بالإضافة لأسطوانات الغاز التي تباع بسعر أقل بكثير من سعرها الحقيقي، حيث لا تتعدى قيمتها 100 ريال، بينما تباع في الواقع ب180 ريالا، كما كان في السوق العديد من السيارات التابعة لبعض الشركات المعروفة، والغريب أن العمالة يقومون بإنزال بضائع لتسليمها لأصحاب السوق وهم يعرضونها بالنيابة عنهم بحكم خبرتهم في البيع، فهل أصحاب تلك الشركات يعلمون بأن عمالتهم تسرب البضائع لبيعها في هذه السوق، أم أنه شكل آخر من أشكال بيع المسروقات التي اشتهرت بها هذه السوق. وعند تنقلي وسط تلك السوق المزدحمة لفت انتباهي عامل أفريقي يأمر العديد من العمالة بالوقوف على مداخل السوق وعرفنا في ما بعد أنهم يعملون لحسابه ويأمرهم بالوقوف على مداخل السوق لاصطياد الزبائن الذين يرغبون في بيع بضائعهم ثم يتصلون به للحضور والتفاوض مع الأشخاص، وقد ابتكر هذه الطريقة لكي لا يضايقه أحد من تجار السوق عند الشراء ويضمن شراء البضائع التي يحضرونها للسوق بأقل الأسعار وغالبا يرضى هؤلاء ببيع ما معهم دون المبالغة في السعر ومن ثم يقوم هو ببيعها بطريقته. مجرد التوغل داخل السوق التي تتفرع إلى أزقة ضيقة تفيض بالفوضى والزحام، حيث ينتشر الباعة والبائعات في سوق لا تحتاج إلى محال تجارية بديكورات فاخرة، حيث تعلق الملابس المستخدمة المعروضة للبيع على جدران الأزقة، وعلى طول الشارع في منتصف طرق المرور، وأمام عمائر سكنية أضحت محاصرة. أسعار الملابس أكثر من أن تكون زهيدة، لحد أننا وجدنا فساتين زفاف نسائية ب200 ريال، وأثوابا رجالية ب30 ريالا، وأشمغة بعشرة ريالات. من جهته، أوضح المتحدث الرسمي في شرطة العاصمة المقدسة عبد المحسن الميمان أنه تتم متابعة هذه الأماكن بشكل مستمر ودوري للخلاص من التجمعات داخل السوق والمراقب بشكل مستمر للتقليل من هذه الفئات.