بعد هدوء عواصف حملات الانتخابات البلدية، وتأهل قائمة "المزكين من أهل العلم"، حسب تعبير بعض المتدينين، ثار جدل حول المرشحين الذين وصلوا إلى المقاعد البلدية في الرياض، خصوصاً أن الطريق إلى الفوز لم يكن خالياً من المنافسين المتحفزين، فرجال الأعمال تفننوا في استقطاب الناخبين بالبرامج الحافلة بالوعود، والمقار الفخمة، والإعلانات التي ملأت الصحف ولوحات الطرق. أما رجال القبائل فوظفوا انتماءاتهم، لضمان أصوات أبناء قبائلهم. لكن الناخبين كان لهم رأي آخر يوم الاقتراع، وتوجهت الأصوات إلى مرشحي التيار الديني، أو "التكنوقراط الإسلاميين"، كما يقول المحامي عبدالعزيز القاسم. ويقول الأكاديمي في "جامعة الإمام" الدكتور عبدالله الصبيح إن قائمة الإسلاميين لم تكن الوحيدة، بل كانت هناك قوائم إسلامية غيرها. وأبرز أسباب فوز هذه القائمة، أن لها قبولاً اجتماعياً، فهي تمثل نبض الشارع، كما كان "حزب العدالة والتنمية" في تركيا، بقيادة رجب طيب أردوغان، عندمت حاز غالبية أصوات الناخبين. ويضيف الصبيح "تحير الناخبون في اختيار المرشح، بسبب تعدد الخيارات، ما جعلهم مستعدين لقبول أي اقتراح بترشيح اسماء معينة، إضافة إلى أن الفائزين كانوا يتكئون على مقومات عدة، فبعضهم لجأ إلى المناطقية أو الرصيد الاجتماعي أو القبلية". ويشدد على أن الفائزين ليسوا "أكثر إسلامية" من منافسيهم الذين لم يحالفهم الحظ، "لكن الناخب كان واعياً بمن هم أنسب لعمل المجلس البلدي، فالوحيد المتخصص في العلوم الشرعية هو الدكتور مسفر البواردي، بينما بقية المرشحين أصحاب تخصصات مدنية". ويرى المحامي عبدالعزيز القاسم أن الجمهور كان واعياً بما يريد من المجلس البلدي، "فلم يقع في فخ القبيلة، أو تأسره وعود رجال الأعمال"، مشيراً إلى أن "الناخبين صوتوا لتكنوقراط إسلاميين". ويضيف أن التشكيل الفائز بعضوية المجلس البلدي، "يمثل فسيفساء الرياض المتنوعة، فلم يكن هناك طغيان لانتماء قبلي، أو انجذاب شديد نحو الهوية". وفي المقابل، يرفض استاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود الدكتور طلال ضاحي، تقسيم المرشحين إلى تيارات مختلفة، منطلقاً في ذلك من "طبيعة المجتمع السعودي المتميزة". ويطالب من يصر على هذا التقسيم، بالانطلاق من "مؤشرات أكاديمية علمية، تعتمد على قراءة تحليل المضمون لبرامج الفائزين الانتخابية، بهدف الوصول إلى معرفة نقاط الالتقاء الفكري بين هؤلاء المرشحين، قبل تصنيفهم، تبعاً لاتجاهات فكرية، وليس لانتماءات عقدية".