على رغم ان الفائزين بمعظم مقاعد المجالس البلدية في انتخابات المرحلة الثالثة والاخيرة للمجالس البلدية يوصفون بأنهم من التيار الاسلامي كما شاع أنهم حصلوا على تزكية ودعم من علماء دين نشطين، إلا أنه من المؤكد ان معظم من فازوا من هؤلاء في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدةوالطائف هم من التكنوقراط الاكثر كفاءة ومن الاسلاميين الذين يمكن القول أنهم من الاسلاميين المعتدلين، وهذا ما أكدته نتائج انتخابات بلدية جدة التي أعلنت امس رسمياً. فالذين فازوا هم مرشحو"القائمة الذهبية"المدعومة من علماء دين ووزعت أسماؤهم عبر رسائل الهواتف المحمولة، لكن حصول الدكتور عبدالرحمن عبدالله يماني - وهو احد مرشحي القائمة - على أعلى الاصوات في انتخابات بلدية جدة يشير الى ان معظم من فازوا هم من التكنوقراط أصحاب الخبرة، فالدكتور عبدالرحمن يماني حاصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه في الهندسة من جامعتي ستانفورد وفلوريدا الاميركيتين، وهو لم ينف انه والمرشحين الآخرين الذين فازوا في جدة حصلوا على تزكية من مشايخ وعلماء دين. وكانت النتائج الرسمية للانتخابات التي أعلنت اول من امس أظهرت فوز من هم محسوبون على التيار الاسلامي في المقاعد السبعة لمجلس بلدية مدينة مكة وب 6 مقاعد من أصل 7 في مجلس بلدية المدينة، وب 5 مقاعد من أصل 6 في مجلس بلدية الطائف. ورافقت الانتخابات البلدية في المنطقة الغربية ضجة اعلامية لجهة تزكية رجال دين لبعض القوائم، الامر الذي دفع احد المرشحين الى التهديد برفع دعوى امام ديوان المظالم، ويرى الكاتب حسين شبكشي ان المرحلة المقبلة تستدعي صاحب القرار للتدخل بهدف اعادة التوازن لمصلحة المجالس البلدية عبر تعيين المرشحين الحاصلين على المراتب الثانية في عدد الاصوات بعد مرشحي القوائم الجاهزة والمدعومة. وطرح فوز"القوائم الذهبية"و"القوائم المزكاة" في المنطقة الغربية وقبلها المنطقة الوسطى كثيراً من التساؤلات حول ضعف نصوص النظام في الاحاطة بالعملية الانتخابية، ويرى المستشار القانوني عبدالله مرعي بن محفوظ ان"كثيراً من نصوص النظام كانت بحاجة الى تعديل خصوصاً في ما يتعلق بالتصويت". وفي الوقت الذي تتزايد الطعون والاصوات في محافظة جدة يؤكد شبكشي ان"العمل المنظم للتيار الديني الذي مكنه من اكتساح الانتخابات والفوز بها امر متوقع". ويلاحظ في مدن سعودية اخرى شهدت انتخابات المرحلة الثالثة الاخيرة للمجالس البلدية عدم فوز المحسوبين على التيار بالغالبية كما في مدينة تبوك مثلاً حيث فاز ثلاثة من خطباء المساجد بنصف عدد مقاعد مجلس بلديتها الستة، وأحد الفائزين رجل أعمال وتاجر عقارات، والاثنان الآخران كانا مرشحين قبليين، بينما في منطقة القصيم التي كان يتوقع أن يفوز فيها مرشحون إسلاميون لوحظ أن المرشحين المحسوبين على التيار الإسلامي فازوا بمقعدين فقط من أصل 6 في مجلس بلدية بريدة، كما فازوا بمقعدين ايضاً من اصل 5 في مجلس بلدية عنيزة المجاور. ورأى مفكرون ليبراليون سعوديون ان من الطبيعي أن يفوز بأول انتخابات بلدية جرت في السعودية - منذ 40 عاماً - من هم محسوبون على التيار الإسلامي، ويقولون إن سبب ذلك هو"هيئة الخطاب الثقافي والسياسي الإسلامي الواحد على المجتمع السعودي". ولكن أحدهم وهو الدكتور خالد الدخيل، قال ان المهم هأن الانتخابات البلدية جرت، وبدأت"ثقافة الانتخاب"تنتشر في المجتمع السعودي. ويعتقد الدكتور الدخيل أن أحد أسباب فوز"التيار الإسلامي"قدرتهم التنظيمية العالية في حين أن المرشحين الآخرين لم يمتلكوا هذه القدرة. أما المحامي الإسلامي عبدالعزيز القاسم فيرى أن الكفاءة التنظيمية التي ظهر بها الفائزون الإسلاميون تعود لأن معظمهم درس خارج السعودية ولهم اطلاع على التجارب الانتخابية في الخارج. ولكن يجب الإقرار بأنه من الطبيعي في بلد إسلامي محافظ مثل السعودية أن يفوز الإسلاميون في الانتخابات البلدية كما قال وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز تعليقاً على فوز الإسلاميين بانتخابات مدينة الرياض:"نحن جميعاً في السعودية إسلاميون". والمهم أن من فاز في الانتخابات هم الإسلاميون المعتدلون، وهذا الأمر يريح السلطات التي ترى أن فوز هؤلاء سيحقق المشاركة والتعاون بين الدولة والمواطن.