أخيراً سقطت ورقة التوت وانكشف المستور عن سياسة وزارة العمل تجاه السعودة، فهي تنظر للسعودة بعينين، إحداهما مفتوحة بالكامل، وهي التي تخص المؤسسات الفردية وبعض المشاريع الخدمية الصغيرة والأفراد، أما العين الأخرى الخاصة بالشركات الكبيرة، فإما أن عينها لا ترى، أو أنها تحاول التظاهر بالعمى لأسباب نجهلها. على سبيل المثال لا الحصر أسوق الأمثلة الآتية: 1-"أرامكو السعودية"تقنعنا بأن نسبة السعودة بلغت درجة متقدمة، بينما تمارس أسلوباً آخر، وهو طرحها مشاريع للمقاولين العاملين معها بمئات الملايين، ظاهرها مشاريع بينما باطنها تأجير عمال وفنيين بالساعة. علماً أن عمالة هؤلاء المقاولين لا يدخلون في إحصاءات شركتنا العملاقة، مع أنهم يعملون لديها، ولكن لا يظهرون في سجل الموظفين الرسميين، لذا تظهر نسبة السعودة عالية. حقيقة أستغرب أن تلجأ"أرامكو السعودية"إلى هذا الأسلوب، والأغرب هو سكوت وزارة العمل عنه، فهي ترمي كرة"السعودة"في أحضان المقاولين، وأنا أعلم أن أنظمة العمل لا تجيز تأجير العمالة بيننا نحن المؤسسات الصغيرة، وتعتبره مخالفة لنظام العمل السعودي. ثم لو أحصينا عدد العمالة الوافدة المؤجرين ل"أرامكو السعودية"أجزم أنهم لا يقلون عن عدد موظفي"ارامكو"الرسميين، والطامة الكبرى، أن نسبة السعودة في عقود تأجير العمالة ضئيلة جداً، فلو شاهدنا متعهد نقل الطالبات في مدارس"أرامكو"ونسبة السائقين السعوديين لديه في مدن الشرقية، لوجدناه صفراً، ولدينا آلاف العاطلين عن العمل، ولكن عين الوزارة المخصصة لهذه الفئة من الشركات لا ترى ما نراه!!! 2- مئات السيارات ال"بيك أب"تجوب مطاراتنا وشوارعنا لتوزيع الصحف اليومية التي تتحدث عن هموم السعودة في مدن المملكة وقراها كافة، ولكن لا يوجد سعودي واحد لدى هذه الشركات أعطي وظيفة سائق، فكلهم من الوافدين الذين لا يحملون مؤهلات ولا خبرات سوى رخصة قيادة خاصة. لدينا عشرات الآلاف من الشبان العاطلين ذوي المؤهلات الدراسية المتدنية، ويجيدون القيادة بمهارة ولديهم رخص قيادة، ولكن العين نفسها لا ترى، بينما تكرم هذه الشركات السائق لديها الذي يعمل على الخطوط الطويلة بأنه بعد سنتين تقدم له السيارة التي يستعملها هدية بلا ثمن. أليس أصحاب الدار ومن يعرف المدن وشوارعها من أبنائنا أحق بهذا الكرم الحاتمي؟ أم أن هذه الشركات لا تطبق عليها القوانين المطبقة علينا نحن صغار المؤسسات؟ أنا أؤمن بإعطاء فرصة العمل لكل طالب عمل بعيداً عن العنصرية، بشرط أن يكون مؤهلاً لهذا العمل، ولكنني أرفض العنصرية في التوظيف والنشاط الملحوظ لجماعات التأثير في بعض الشركات، والتي يكون التوظيف فيها تبعاً للجنسية وليس للكفاءة. اللافت أن بعض هذه الشركات تدفع مبالغ طائلة لاستقدام عامل، ثم يحصل على رخصة قيادة خاصة ويمارس القيادة، بينما المواطن يحرم من وظيفة السائق وهو مؤهل ولديه رخصة قيادة خاصة، ويعرف المدن والقرى كافة، فلماذا تمارس العنصرية ضده؟ ومن هو صاحب القرار في إجازة هذه العنصرية المرفوضة ونحن أصبحنا عضواً في منظمة التجارة العالمية؟ أتمنى من مسؤولي وزارة العمل عدم الانتقائية في تطبيق القرارات والأنظمة، حتى لا نصاب بالغبن والقهر نحن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ونحن نشكل 80 في المئة من تعداد مؤسسات وشركات الأعمال في البلاد.