هناك من يحاول إفساد علاقتي بالبرتقال! هذه هي النتيجة التي توصلت إليها بعد ثلاث محاولات من جانب جهات آثمة، قامت بتشويه صورة هذه الفاكهة الغالية، فقصة الحب بيني وبين البرتقال بدأت منذ الطفولة، بدأت من دون مقدمات كعادة قصص الحب منذ الأزل، كنت في الرابعة عندما لاحظت أمي عشقي للبرتقال، فقد كنت لا اقبل بغيره افطاراً وغداء وعشاء، وان كان لا بد من شرب العصير فحتماً عصير البرتقال، إضافة الى ذلك اكتشفت أن معلمتي البغيضة المتعجرفة تحب اللون البرتقالي، بل والأدهى من ذلك انني رأيتها بأم عيني تفترس برتقالة في نهم، واعتبرت ذلك تعدياً سافراً على حقوقي، فلم أمنع نفسي من الدعاء عليها، وقد سالت دمعة حارة على وجنتي الصغيرة، وبمرور الوقت نسيت هذه الحادثة المريرة، واستمرت علاقتنا بعدها كأفضل ما يكون، حتى أواسط العام 2004، اذ حدث لبرتقالتي العزيزة مكروه ما، لا ادري كنهه بالضبط، ولكن كل الذي اعرفه أن حظها العاثر أوقعها في يد مغن عراقي استغل كعادة الرجال براءتها واستدارتها ولونها المثير ليفرغ من خلالها عقده الفريدية المكبوتة، ويطلق أغنيته الشهيرة، مستخدماً برتقالتي البريئة للاشارة إلى معان مستفزة من الطراز الذي لا يروق للرقابة أبداً، ضارباً بآلام وطنه عرض الحائط، لتصبح البرتقالة في نظر الكثير نكسة العراق الجديدة الدالة على خيبة العرب وجبنهم، لكن وعلى رغم بشاعة ما حصل لبرتقالتي العزيزة قررت أن أنسى ما حصل، وابدأ صفحة جديدة بعد أن وعدتني بألا تسمح للغرباء بالاقتراب منها، وما أن تماثلت للشفاء من هذه الصدمة حتى جاء ذلك اليوم الذي كنت أشاهد الأخبار فقط ليطالعني مشهد مجموعة من الرجال تعلوهم أعتى علامات البؤس والألم، ذكرني منظرهم بشخوص روايات ديستويفسكي الكئيبة، وكلهم يرتدي الأسمال البرتقالية الفاقعة ذاتها، سألت أبي في توجس عن كنه هؤلاء الرجال، قال لي في أسى إنهم أتعس رجال العالم حالياً يا ابنتي، إنهم نزلاء معتقل غوانتانامو الرهيب، حقاً هناك مؤامرة لإفساد علاقتي بالبرتقال؟ ألا ترى معي هذا؟!