بكثير من السرد التاريخي والكلام الإنشائي، وقليل من النقاش الصريح، انطلقت جلسات ندوة"مقررات الثقافة الإسلامية في جامعات المملكة وكلياتها بين واقعها والمتغيرات"أمس، في قاعة المؤتمرات في فندق"الانتركونتننتال"في الأحساء. ولم تتعدَ أوراق العمل، التي وضعت الإصبع على الجرح، أصابع اليد الخمسة، وفضل معظم المشاركين النقاش حول تعريفات الثقافة الإسلامية، وأبرز آخرون أهميتها بكلام مكرر، لم يُخرج عن إطار الإنشاء أو المراوغة حول جوهر القضية، التي تنادى لها أكاديميون يمثلون معظم المؤسسات الأكاديمية في البلاد. ربما أنقذت ورقة هنا، وتعقيب هناك الندوة من الوقوع في فخ الملل والتكرار، على رغم الأهمية القصوى لموضوعها، وهو موضوع طالما شغل الساحة، خصوصاً بعد تداعيات الحادي عشر من أيلول سبتمبر، وتوجيه أطراف أميركية الاتهام إلى مناهج الثقافة الإسلامية، بأنها"المُفرخ للغلو والتطرف والإرهاب". لم يكن منتظراً من الندوة، التي تأتي في سياق لقاءات عدة للنقاش حول مناهج الثقافة الإسلامية، أن تدافع فقط عن تلك المناهج، بل كان ينتظر منها ان تتمحص المناهج وتعيد النظر في بعض مواضيعها. بيد ان ندوة الأحساء كانت بعيدة عن ذلك، فغرقت في العموميات. وخرجت عن النطاق الذي حدده القائمون عليها في جامعة الملك فيصل، التي قال وكيلها للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور عبدالله السعادات إنها جاءت"لتدقيق النظر في واقع هذه المقررات الثقافة الإسلامية، وما تتناوله من مفردات وقضايا، وما ينبغي أن تشتمل عليه من مواضيع تقتضيها الظروف المستجدة، وليتبادلوا الخبرات في طرق تدريسها، وما يمكن أن يوظف في سبيل ذلك من تقنيات حديثة". وافتتح الندوة، التي ينظمها قسم الدراسات الإسلامية في كلية التربية في جامعة الملك فيصل، مدير الجامعة الدكتور يوسف الجندان، نيابة عن محافظ الأحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي، بمشاركة 35 أكاديمياً، يمثلون عشر جامعات سعودية، إضافة إلى كليات أمنية وعسكرية. وفي الكلمة التي ألقاها الجندان نيابة عن راعي الحفلة، قال:"شهدت البلاد أحداثاً وتصرفات منكرة من جانب فئة من الشبان باسم الدين، وقوبلت هذه الانحرافات بما يناسبها من مواقف أمنية وإدارية وإعلامية. وان واجبنا في وضع المناهج الوسط، والفهم المعتدل، والبناء الفكري لأبنائنا في الجامعات أن نتوجه بالدراسة والتحليل لتلك الظاهرة، وان يكون في أطروحاتنا الثقافية مع الطلاب ما يعالج ذلك الانحراف". إذ وضع المحافظ إصبعه على موطن الخلل"علاقة الإرهاب بالمناهج". مشيراً إلى أن"الانفتاح الثقافي والحضاري والتسارع التقني الذي نعيشه يمثل تحدياً حقيقياً لنا في بناء مقررات ثقافة إسلامية تؤصل النظر الشمولي للإسلام وتعالج القضايا والمشكلات الفكرية المعاصرة وتوظف هذا الانفتاح وتلك التقنيات لخدمة أهدافها". النجيمي: التباس في فهم المناهج أدى للتطرف ألمح رئيس الدراسات المدنية في كلية الملك فهد الأمنية أستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء الدكتور محمد النجيمي، إلى"وجود التباس في فهم بعض المواد في مناهج الثقافة الإسلامية. وقال خلال مشاركته أمس في ندوة"الثقافة الإسلامية بين الواقع والمتغيرات":"ينبغي أن تضاف مسائل مهمة للطلاب للخوض فيها، مثل قضايا الجهاد والولاء والبراء وحقوق الإنسان والمرأة والمواطنة وحقوق غير المسلمين وقضايا الإرهاب". وأضاف"هذه المواضيع ينبغي أن نتحدث فيها مع الشبان كافة، وشرحها لهم في طريقة صحيحة وسليمة". واستشهد بتجربته في النقاش مع موقوفين في قضايا إرهابية على مدى عام ونصف العام. وقال:"تبين أن هذه المواضيع سببت مشكلة عند هؤلاء الشبان، فهي تحوي إشكالات واختلاطاً في الفهم، وينبغي أن ينتبه في تدريسها في الجامعات والكليات". وانتقد النجيمي ضمناً جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في ورقته التي حملت عنوان"الثقافة الإسلامية تخصص علمي من تخصصات العلوم الإسلامية وتخصص دقيق في الدراسات العليا"، التي قدمها في"محور الثقافة الإسلامية تخصص علمي". وقال:"أنشأت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسماً خاصاً في كلية الشريعة، سمته قسم"الثقافة الإسلامية"، وكان يمنح رسائل الماجستير والدكتوراه في مجال الثقافة الإسلامية، لكنها أوقفت الدراسات العليا في هذا التخصص، ولا ندري ما السبب"، معتبراً بقاءه مغلقاً"تراجعاً كبيراً لهذه الجامعة العظيمة". وأشار إلى ان"بعض التيارات الفكرية التي تدعي السلفية كان لها دور في هذا الأمر".