إذا قلت لكم إنني لم أخف في الفترة الماضية فإنني كاذبة وكاذبة. حقاً خفت! كيف لا أخاف وقد شعرت للحظة، ولو كنت فيها غبية، إلا أنني شعرت أن أمني مهدد. يا ساتر! لم يعد لي من عمل ولا فكر ولا تركيز سوى التنقل بين محطات التلفزيون، ثم «أنط» لأفتح الإنترنت، ثم «أنط» فقط لأنني متنطنطة واقرأ وأحلل ولا كبير المحللين، ثم أتصل بالأهل والأصدقاء والأعداء ليشاركني الجميع في القراءة التحليل والدعاء. نعم الدعاء، الجميع كان يدعو الله من صميم القلب أن يحفظ بلادنا وأمننا وأماننا. السعودية مهمة وفي غاية الأهمية، لا، ليس لناسها ولا لاستقرار المنطقة ولا لرفع راية العالم الإسلامي، لا وليس حتى لأهميتها للاقتصاد العالمي، السعودية مهمة عندي ولي ولأمني ولاستقراري وكفى. لا أنكر دورها الأساسي في المبادرة التي وضعتها للتوصل إلى سلام يضمن للفلسطيني حقه في العيش بسلام، ولا أنكر أن لها دوراً في تهدئة وإعمار لبنان وغيرهما من البلاد العربية، بل ولكل بلد مسلم، تجد السعودية وقد هبت لنجدته وأسهمت في إنقاذه، ولن أتنصل من مسؤوليتها في مجلس التعاون الخليجي ولا في حربها ضد الإرهاب المحلي والعالمي. أيضاً لن أتجاهل التحديات الكثيرة التي تواجهها، لكن كل ذلك ليس مهماً عندي، لأنها ببساطة شديدة مهمة عندي وكفى. إنها بيتي وأطفالي وأهلي وأحبابي وعزي ولقمة عيشي ورغده وكرامته، إنها ليست أي بلد آخر، وما يحصل لغيرها لن يحصل لها. لماذا؟ لأنها هي الأكثر تكيفاً وتجاوباً مع مطالب شعبها من العديد من الأنظمة الشرق أوسطية التي تستعمل لقب رئيس أو ديموقراطية أو تجليطية أو ولا تؤاخذوني بالعبارة: بلطجية وطغاة. أوليس الكثير من القادة العرب السابقين هم وليدو أنظمة ما بعد الاستعمارية والسلطوية؟ ولذا فعلى النقيض من هؤلاء نجد هنا أنفسنا، إذ يتيح المسؤولون السعوديون للناس قدرة على التعبير مباشرة عن شكواهم ورفع عرائض، ولن تدق باباً إلا وتجد من يفتحه لك ولو كان الفراش إلا أن الباب سيفتح والقلوب ستشرح. إنها ليست غوانتانامو وأبو غريب، إنها المناصحة والهداية ولو كانت الهداية من الله وكفى. لذا فإنك تجد في السعودية العلاقة الأسرية والالتزام بالقيم الإسلامية أولاً وأخيراً على رغم التجاذبات بين العادات والتقاليد والحاجة إلى التغيير، إلا أنها ثابتة، وهذا ما يتمناه كل مسلم، الشرعية الدينية والالتزام بالإسلام. ومرة أخرى على رغم التحديات والممانعة، فإنها تلقى طريقاً إلى التوازن بين التحديث والمحافظة على الموروث والبقاء على المواثيق، وشرف خدمة الإسلام متمثلة في خادم الحرمين الشريفين لدعم المسلمين في كل مكان، ومؤازرة تدفق الحجاج من مختلف أنحاء العالم إلى مكة والمدينة ولله الحمد. كل هؤلاء الحجاج تركوا دعوة صادقة لنا، فكيف نسيت دعواهم وأدعيتهم ودعاء كل من حولي أن يحفظ الله عز وجل لنا السعودية؟ لكني نسيت فخفت، ولا ألوم نفسي لنسياني، فلعل قيمتها الكبيرة لي وعندي ولكياني وانتمائي، هي التي جعلتني أخاف على نفسي من أن أضيعها فأضيع! ياه كم أنتِ مهمة وقوية ومستقرة يا سعودية، فمن ثلاثة ملايين غير متعلم في العام 1950 إلى 25 مليون نسمة اليوم بأمة مستقرة إلى حد كبير، ومتمدنة وأفضل علماً وثقافة بكثير عما كانت عليه. كم من شاب متعلم هنا وهناك وكم من مبتعث؟ إذن لي الحق أن أسألكم سؤالاً صادقاً: لماذا لا يجد هذا الشاب فرصة للعمل؟ هذه هي مشكلتنا الوحيدة. نعم انتهت مشاكلنا ما عدا البطالة هذه، متى وكيف نجد لها حلاً؟ وكيف يتعين علينا تعليم الشباب وتحفيزهم على العمل؟ وكيف نمنح النساء دوراً في القوة العاملة والمجتمع لتساعد في بناء أسرتها ورفع مستواها الاقتصادي والفكري؟ كيف نحل هذه المعضلة التي يطير وزير ويموت وزير ويأتي وزير ويذهب وزير ولا تحل؟! حلها هو في العمل الجدي الجماعي ما بين البيوت والمجتمع والمدارس والإعلام للاستثمار في الشباب والشابات، لأنهم من سيمنحوننا مستوى أعلى من الاستقرار في المستقبل، إذا كانت لدينا القدرة لاستيعاب هذه الطفرة من الشباب اليوم. إنه التطلع إلى المستقبل والتخلص من العمالة الأجنبية والأفكار السوداوية والفكرة المسبقة عن أنه شباب عاطل عن العمل لأنه مدلل. إن حل هذه المشكلة يكمن في تشجيع السعودة فعلاً لا كلمات وتدريباً لا تسيباً وتضحية من دون شعارات. في العام 2030 سيكون عددنا 34 مليون نسمة، وسنكون في حاجة إلى 34 مليون بسمة. أعطني اليوم واحدة... أرجوك أعطني هذه الابتسامة. خلف الزاوية مزقت دفتر أحزاني وأمجادي وعدت طيرا بلا تل ولا وادي وصرت أبحث عن طيف وعن صور لعاشق لم يشأ في الأمس إنجادي [email protected]