أبدت روسياواليابان رغبتهما في تجاوز خلافاتهما، وزيادة مستوى التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية، وذلك في أول زيارة نفذها رئيس وزراء ياباني إلى موسكو منذ عشر سنوات، والتي حملت مؤشرات إلى تنشيط مساعي التقارب بين البلدين، وإزالة عقبات ما زالت تعرقل التطبيع الكامل للعلاقات منذ أكثر من نصف قرن. وبدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرتاحاً أمس للأجواء التي واكبت لقاءه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، على رغم تأكيدهما ضرورة توسيع مجالات التعاون بين البلدين، خصوصاً أن حجم التبادل التجاري، والبالغ نحو 32 بليون دولار، لا يعكس قدرات الجانبين. ولفت آبي الذي اصطحب معه إلى موسكو وفداً ضخماً ضم ممثلين عن 40 شركة يابانية كبيرة، إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تحسناً ملحوظاً ضاعف 8 مرات حجم التبادل التجاري بين البلدين، من دون أن يرق إلى طموحات موسكو وطوكيو. لكن الحديث عن التعاون الاقتصادي ? التجاري لم يكن على رأس جدول الأعمال، على رغم الأهمية التي أولاها الجانبان له، إذ تقدمت عليه ملفات خلافية مستعصية يحرص الطرفان على التوصل إلى حلول في شأنها، وتقريب وجهات النظر في سبل تسويتها، وبينها معاهدة الصلح بين البلدين المؤجلة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ومسألة جزر الكوريل المتنازع عليها، إضافة إلى ملفات إقليمية مهمة للطرفين، مثل الوضع في شبه الجزيرة الكورية. وكانت مصادر قريبة من الكرملين مهدت للزيارة بالإشارة إلى اقتراب الطرفين من وضع اللمسات الأخيرة على معاهدة سلام تضع أسس الصلح بين البلدين. وأمل بوتين في مستهل اللقاء بأن يناقش الجانبان هذا الملف من مختلف جوانبه. معلوم أن قضية جزر الكوريل شكلت دائماً العقبة الرئيسة أمام تقدم الحوار الروسي الياباني. وتعتبر اليابان أربعة جزر هي إيتوروب وكوناشير وشيكوتان وهابوماي، جزءاً من أراضيها، بموجب اتفاق التجارة والحدود الذي يعود إلى عام 1855، بينما ترفض موسكو مناقشة إعادة الجزر إلى اليابان، وتصر على أنها انضمت إلى الاتحاد السوفياتي السابق بعد الحرب العالمية الثانية. وعلى رغم لغة التفاؤل التي برزت خلال اللقاء، لكن التفاصيل الخاصة بتقدم محتمل على طريق تقريب وجهات النظر في الملف الخلافي الأكبر ظلت موضع تكتم، بينما توقع خبراء روس ألا يكون الطرفان توصلا إلى صوغ كامل لتسوية تسمح بتوقيع معاهدة الصلح، وتفتح على اختراق يتيح تطبيع العلاقات بالكامل. وقال ديبلوماسي روسي ل"الحياة":"المهم في الزيارة أن الطرفين استعادا مسار الحوار المباشر لتقريب وجهات النظر بعد فترة طويلة من الفتور".