فيصل بن مشعل يرعى احتفالات القصيم    الذهب يسجل أعلى مستوى قياسي مع تفاقم الرسوم الجمركية.. والأسهم العالمية تنخفض    فعاليات عيد الطائف تجذب 200 ألف زائر    القضاء الفرنسي يدين لوبان زعيمة اليمين المتطرف بالفساد    الشرع: رفضنا المحاصصة في تشكيل الحكومة السورية    إيران تتوعد بتوجيه «ضربة شديدة» لمن يهاجمها    "الفيفا" يدرس إقامة مباراة فاصلة بعد استبعاد ليون من مونديال الأندية    المملكة توزّع 976 سلة غذائية و976 حقيبة صحية في بلدة جنديرس بمحافظة حلب    المعالم الأثرية تجذب الأهالي والمقيمين في عيد الأحساء    العيد في المدينة المنورة.. عادات أصيلة وذكريات متوارثة    دراسة على مرضى السكري تربط عقار «أوزمبك» باعتلال خطير في العين        الهلال يطرح تذاكر "ديربي الرياض" أمام النصر    استقبال زوّار المملكة بمعايدات العيد في مطارات الرياض وجدة والدمام    القبض على (6) يمنيين لتهريبهم (83) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    الشباب ينهي تحضيراته لمواجهة الاتحاد    أقصى الضغوط... ما قبل «التطبيع الشامل»    أكثر من 122 مليون قاصد للحرمين الشريفين في شهر رمضان    "البيئة" ترصد هطول أمطار في (8) مناطق بالمملكة    الحقيل: توجيهات ولي العهد في القطاع العقاري تعزز توازن السوق وتحفز الاقتصاد    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    "أمانة الطائف" تنهي استعداداتها لعيد الفطر المبارك    محافظ ميسان يؤدي صلاة العيد بجامع عبدالله بن دريويش    جمع مهيب في صلاة عيد الفطر في مسجد قباء بالمدينة المنورة    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة تُنهي استعداداتها .    جمعية مراكز الاحياء ممثلة في مركز حي قروى يقدم هدايا العيد    مختص ل «الرياض»: 7% يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي خلال الأعياد    أنشيلوتي: مبابي مثل رونالدو    محافظ الجبيل يستقبل المهنئين بالعيد ويزور المرضى المنومين    ما أصل "العيديّة"، وكيف تغيّر اسمها عبر العصور؟    وسائل إعلام: ترامب يعتزم زيارة السعودية في منتصف مايو    ترامب: لا أمزح بشأن سعيي لفترة رئاسية ثالثة    الألعاب النارية تُزين سماء جدة احتفالا بعيد الفطر المبارك    بطابع الموروث والتقاليد.. أهالي حائل يحتفون بالعيد    فعالية تراثية في نجران احتفاء بعيد الفطر    إطلالة على اليوم العالمي للمسرح    خالد بن سلمان يستقبل قادة وزارة الدفاع وكبار مسؤوليها    خادم الحرمين: أدام الله على بلادنا أمنها واستقرارها وازدهارها    ولي العهد يؤدي صلاة العيد في المسجد الحرام.. ويبحث المستجدات مع سلام    رابطة الأندية المصرية تلغي عقوبة خصم 3 نقاط من الأهلي بعد انسحابه أمام الزمالك    إنجاز إيماني فريد    الأمانة والدواء البديل.. رأي أم مخالفة؟!    بنهاية شهر رمضان.. تبرعات إحسان تتجاوز 1.8 مليار ريال    نتج عنه وفاتها.. الأمن العام يباشر حادثة اعتداء مقيم على زوجته في مكة    عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    ولي العهد ورئيس الوزراء اللبناني يبحثان العلاقات الثنائية    خادم الحرمين: أهنئكم بعيد الفطر بعد صيام شهر رمضان وقيامه    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    ارتفاع حصيلة قتلى زلزال ميانمار إلى أكثر من 1000    كاميرات المراقبة تفضح اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية    العيد انطلاقة لا ختام    896.551 شحنة بريدية تم تسليمها يوميا برمضان    1320 حالة ضبط بالمنافذ الجمركية    أبشر بالفطور تختتم أعمالها بتغطية محافظات الشرقية و توزيع ٥٠ الف وجبة    تجمع الرياض الصحي الأول يُطلق حملة «عيدك يزهو بصحتك» بمناسبة عيد الفطر المبارك 1446ه    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ركبتان مهشمتان
نشر في الحياة يوم 08 - 12 - 2013

بماذا فكّر"و.خ"عندما كان يتعرض لإطلاق نار على رجليه في منطقة المنكوبين في طرابلس اللبنانية، وفق ما جاء في تصريح المندوب الإعلامي في"الحزب العربي الديموقراطي"؟ هل كان يعلم، عندما أحاط به"أولياء الدم في تفجيري طرابلس"، أنّ القصة ستنتهي ب"مجرد"طلقات على الأرجل، تتركه حياً لكي يخبر"طائفته"بما ينتظرها من مصير؟ أو هل اعتقد بأنّه سيُقتل، كما قُتِل قبله كثيرون، ورأى هذا النفق الطويل الذي يتحدث عنّه الناجون من الموت، ما أنساه بعض الشيء الضربات والشتائم التي انهالت عليه قبل أن يطلق أحدهم النار على ركبتيه؟ وهل التقى"أ.ش"الذي عاد من هذا النفق يعرج، بعدما تلقّى هو أيضاً رصاصات في ركبتيه قرب مستديرة نهر أبو علي، قبل 38 سنة، وهل استنتج أن طول هذا النفق يقاس، لمن يعرج، بالسنوات وليس بالثواني؟
هل فكّر"ح. ص"بأنّ ما يحصل له رد فعل على سيرورة بات هو بطلها، وتذكّر في هذه اللحظة ما صرّح به النائب هادي حبيش من أنّ سبب إطلاق نار على الأرجل هو"الخطأ الفادح والتاريخي الذي ارتكبه منفذو التفجيرين في طرابلس ودور النائب السابق علي عيد في هذا الموضوع"؟ هل تفهّم ضرورة تصحيح هذا الخطأ الفادح، فمدّ رجليه ليسهّل على مطلقي النار إتمام مهمتهم التاريخية؟ وهل عاد إلى منطقته التي لم تعد جزءاً من طرابلس، وطالب"القيادات الدينية العلوية بالوقوف ضد علي عيد وعدم تغطيته"، كما يفترض عليه أن يستنتج من هذه الحادثة لتتمّ خاتمة هذا التاريخ و"ديالكتيكه المشرقيّ"؟ بين"حاجز التقوى"الذي أوقف"ح.ص"وهذا الحاجز الذي اعترض سيارة صباح الثاني من تشرين الأول أكتوبر 5791، قبالة مستديرة قصر العدل في بيروت، وأنزل ركابها الخمسة، ليبقى واحد منهم حياً، تاريخ واحد يبحث عن خاتمة لخطأ فادح وتاريخي واحد.
في اللحظة ذاتها، كان"م. ص"يتلقّى الشتائم والضربات في جو من المرح الدموي ويتحضّر نفسياً لهويته الجديدة كمعوق، وهو مطمئن إلى أن"هناك إجراءات ستأخذ مجراها الطبيعي وستقوم القوى الأمنية بدورها الكامل في طرابلس"، كما صرّح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. بيد أنّه كان هناك سؤال لم يفارقه عن هوية الجموع التي تنهال عليه بالضرب، بعدما أكّد له رئيس حكومته أنّ"هذه اللغة الثأرية ليست من عاداتنا". بقي هذا الهاجس معه وهو يغرق في دم ركبتيه، يبحث عن مدينته التي لا تعرف تلك العادات. فهذه طرابلس، وليست بيصور أو كترمايا أو بيروت أو الضاحية، وليست طرابلس في 1975 أو البحصاص في 3891 أو باب التبانة في 6891، وغيرها من التواريخ، يمكن التمتع بها على موقع"ديوان الذاكرة اللبنانية" http://www.memoryatwork.org
وهل عاد"ر. م"إلى منطقته فرحاً، على رغم أن ركبتيه مهشّمتان، بأنّ المحور الذي بات ينتمي إليه بدأ"يحقق أخيراً كثيراً من الإنجازات"، كما أكّد له رئيس المكتب السياسي في"الحزب العربي الديموقراطي"، رفعت عيد؟ هل قرأ بنود الاتفاق الإيراني- الأميركي وهو جالس في كرسيه الجديد واعتبر ركبتيه ثمناً صغيراً لهذا"الانتصار الكبير"و"الإنجاز العظيم لمصلحة العرب والمسلمين وكل أحرار هذا العالم"، كما وصف الشيخ نعيم قاسم التفاهم؟ أم كان من أولئك الأهل والناس الذين فشل الزعيم العلوي في إفهامهم أنّ هناك مزيداً من التضحيات التي عليهم توقّعها من أجل هذا المحور المنتصر في كل مكان باستثناء جبل محسن ورُكب ستة وثلاثين علوياً، فهذا الزعيم لم يفهم بعد لماذا"الكل يصمت عمّا يحل بنا، حتى الحلفاء أحياناً لا أفهم سبب صمتهم"؟.
أما"و. ف"الذي كان يركض هارباً من ضحايا تفجيري طرابلس متمتعاً بركبتيه السليمتين، فكان يبحث عن المجتمع المدني الذي أراد في السنوات الماضية إلغاء النظام الطائفي ومحاسبة مجرمي الحرب ومحاربة الفساد. لكنّه لم يجد أي مسيرة بيضاء تحميه ولا حباً للحياة يحتضنه ولا دولة يعبر إليها ولا"نصراً إلهياً"يعتز به. كل ما وجده كان حفنة من الصحافيين الداعمين له، أو بلغة أدقّ، داعمين له في حال تهشيم رُكبتيه كي يستطيعوا بث كراهية باتت السبب الوحيد لوجودهم، هم ومحورهم البائس. هكذا طالبوه بالعودة الفورية إلى أحضان"أولياء الدم في تفجيري طرابلس"لكي يستطيعوا أن يستكملوا مقالاتهم، واعدين إياه بحرب طويلة انتقاماً لركبتيه المهشّمتين. ولكنْ على ركبتَي"و.ف"أن تهشّما قبل أن يتمّ الانتقام.
في ظل وضع كهذا، لن يلوم أحد"س. ع"إذا قرر الانتقام من رُكب سنّية، بعدما فجّر عظامه"شباب أهل السّنة والجماعة في طرابلس"و"الجناح العسكري لأولياء الدم وكل الشرفاء في طرابلس"و"شباب باب التبانة"وغيرها من المجموعات التي تطالب ب"قطع الكهرباء والمياه عن جبل محسن، ومنع دخول شاحنات النظافة إليه، ومنع الدخول والخروج لأي كان"، والتي حذّرت من"أن كل من يحاول مساعدتهم أو التغطية عليهم هدف مشروع لنا"، مطالبة أصحاب المحال والشركات بفصل موظفيهم العلويين.
يمكن الرد على كل ما كُتِب بالتذكير بمجازر الأسد وتفجيري طرابلس وصولاً إلى اغتيال الحريري. ويمكن لوم الحزب"العربي الديموقراطي"و"قادة المحاور في جبل محسن"و"حزب الله". ولمن له ذاكرة أقوى، يمكن العودة إلى زمن الانتداب السوري وفترة الحرب الأهلية والصراع التاريخي الذي يدور حول شارع سورية. ويمكن لوم النظام الطائفي والنيو-ليبرالية المتوحشة والفساد المتفشي والاحتباس الحراري، والتذكير بأن الهويات مركّبة والجوع كافر والحق دائماً على الولايات المتحّدة. غير أنّ هناك حداً فاصلاً لم يعد من المفيد بعده البحث عن سياق تاريخي أو جذور بعيدة أو أسباب خفية. فاحتدام الصراع الأهلي يُسطِّح الهويات ومعها التاريخ وقوانين السببية والمواقف الأخلاقية. وفي وضع كهذا، لا تبقى إلاّ سلسلة من الأحداث الدموية التي لا تنفع محاولة تفسيرها أو تبريرها أو التنديد بها أو التضامن مع ضحاياها. لا تبقى إلاّ أحرف الأبجدية التي ترمز إلى رُكَب لن تمشي بعد اليوم إلاّ بعَرَج يديننا ويدين سياساتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.