كان لاحتفال المصريين أمس بذكرى نصر السادس من تشرين الأول (أكتوبر) 1973، طبيعة مختلفة عن الأعوام السابقة، إذ تصدر الجيش المشهد بعد أن توارى عنه لسنوات. ولم يأت الإعلام الرسمي على ذكر «الضربة الجوية» التي قادها الرئيس المخلوع حسني مبارك في هذه الحرب بعد أن حملت على مدى عقود حكمه الثلاثة دوراً أكبر من بقية أسلحة الجيش المختلفة. وعاش المصريون أجواء احتفالية حقيقية بعد أن كان يوم السادس من تشرين الأول (أكتوبر) مجرد عطلة رسمية. وتجمع مئات في ميادين مختلفة لمتابعة عروض الطيران التي نفذتها وحدات في سلاح الجو في سماء القاهرة ومختلف المحافظات. وكان دوي الطائرات الحربية الخارقة للصوت إيذاناً ببدء الاحتفالات التي شهدت عروضاً لفرق الموسيقى العسكرية في ميادين عدة. وكان الاحتفال أمس «يوم الجيش بامتياز»، إذ أظهر مدى العزلة التي فرضها النظام السابق على الجيش بعد أن حصر دوره في ثكناته العسكرية وأبعده تماماً عن الشارع كي لا يكون له أي دور سياسي في عملية نقل السلطة. كما جاءت فرصة لكسب مزيد من تأييد الشارع للجيش في صراعه مع قوى سياسية في شأن طريقة إدارة المرحلة الانتقالية، إذ عمد الإعلام الرسمي إلى التركيز على البطولات والتضحيات التي قدمها قادة القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر واستعداد الجيش لتقديم المزيد من أجل «العبور إلى مرحلة الاستقرار في أعقاب ثورة 25 يناير». غير أن احتفال هذا العام أعاد أيضاً الاعتبار لبعض من قادة الجيش المصري أثناء الحرب الذين لعبوا أدواراً مؤثرة، لكن بُخسوا حقوقهم بسبب التركيز طوال العقود الثلاثة الماضية على دور سلاح الطيران واعتبار الضربة الجوية التي قادها مبارك وطالما تغنت بها وسائل الإعلام الرسمية «فاتحة النصر». وفي ميدان التحرير، نصبت لافتات لتحية شهداء الحرب إلى جوار أخرى تحيي دماء شهداء «ثورة 25 يناير» وتطالب بالقصاص من قتلتهم. ورفعت لافتات كتب عليها: «ثوار 25 يناير يهنئون الجيش بمناسبة 6 أكتوبر». وقدم مواطنون الورود لضباط الجيش تحية لهم. لكن مسيرات أخرى انطلقت من شوارع قريبة من ميدان التحرير للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين وللتنديد بتفعيل قانون الطوارئ، وقرارات المجلس العسكري، وعلى رأسها إحالة مدنيين على محاكمات عسكرية. ولوحظ انتشار صور الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات خلال الاحتفالات، كما رفع البعض صور رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي. ولم يغب «أبناء مبارك» عن المشهد، فنظموا وقفة أمام المركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة الذي يخضع فيه الرئيس المخلوع للعلاج ورفعوا لافتات تصفه بأنه «بطل الحرب والسلام».