تقاطر الاف المصريين الاربعاء على ميدان التحرير بوسط القاهرة بمناسبة مرور عام على انطلاق الثورة الشعبية التي اطاحت الرئيس حسني مبارك، التي تعهد النشطاء بمواصلتها الى ان تحقق اهدافها. واحتشد عشرات آلالاف من اسلاميين وليبراليين ويساريين ومواطنين عاديين في الساحة التي كانت مركز الاحتجاجات التي اطاحت بمبارك، وهم يلوحون بالاعلام المصرية ويرفعون لافتات تحمل شعارات متنوعة تعكس اختلافا حول ما يعنيه هذا اليوم. وحضر الاخوان المسلمون الذين هيمنوا على مجلس الشعب الجديد الى الميدان للاحتفال بهذه الانتفاضة التي خرج خلالها ملايين المصريين الى الشوارع للاطاحة بالنظام مستلهمين من الثورة التونسية التي سبقتها باسابيع قليلة. لكن الكثير من المجموعات الاخرى ومن بينها الحركات المطالبة بالديموقراطية التي كانت وراء هذه الانتفاضة قالت انها في ميدان التحرير لاستكمال الثورة التي لم تكتمل واسقاط حكم العسكر الذي يقود البلاد منذ رحيل مبارك. وانطلقت مسيرات عدة متجهة الى الميدان من انحاء مختلفة من القاهرة تحت هتافات "يسقط يسقط حكم العسكر!". كما احتشد الالاف في ميدان ساحات كورنيش الاسكندرية حيث كان المجلس الاعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي خطط لاستعراض بحري. وفي السويس تجمع نحو خمسة الاف في ميدان الاربعين المدينة هاتفين "من السويس للتحرير يسقط يسقط المشير!". وقال مصطفى المصري احد زعماء مجموعة ثورية تتخذ من المدينة الواقعة على قناة السويس مقرا لها "انها تظاهرة وليست احتفالا". وفي القاهرة رفرفت اعلام ضخمة فوق المتظاهرين في التحرير، حيث حاولت فرقة للموسيقى العسكرية ان تعزف للجمهور في الصباح، غير ان هتافات "يسقط يسقط حكم العسكر" طغت على صوت الموسيقى ما اجبر الفرقة على الرحيل. وقالت هالة رشاد البالغة السادسة والاربعين من عمرها "سنواصل النزول الى التحرير للعمل على تحقيق اهداف الثورة مهما حصل". وتابعت: "المجلس العسكري لم يفعل شيئا. يتصرفون تماما مثل النظام السابق. لم نأخذ حقوقنا والبلد في فوضى". وعند مداخل الميدان انتشرت "لجان شعبية" كونها المواطنون بانفسهم لتفتيش الداخلين بعد ان قالت وزارة الداخلية انها لن تتواجد في الميدان. وابلغ عدة افراد من شباب الاخوان المسلمين فرانس برس انهم في الميدان للتظاهر وليس للاحتفال، رغم الاعلان الرسمي للجماعة انها لا تسعى الى "ثورة ثانية". والسؤال الكبير الذي طرحته "الاهرام ابدو" التي تصدر بالفرنسية على صفحتها الاولى "من سيجسد روح الثورة؟". واعلن طنطاوي الثلاثاء الغاء قانون الطوارىء باستثناء حالات "البلطجة" في بادرة اريد بها في ما يبدو تهدئة المتظاهرين. ويسري العمل بحالة الطوارىء في مصر منذ اغتيال انور السادات في تشرين الاول (اكتوبر) 1981. ووصف النشطاء هذه الخطوة بالتجميلية معتبرين انها فارغة المضمون رافضين استثناء اعمال "البلطجة" باعتبار الاسثناء ذريعة للابقاء على الصلاحيات الواسعة للشرطة لاعتقال المواطنين. وقال جو ستورك نائب مدير منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان لشؤون الشرق الاوسط ان "الخامس والعشرين من يناير هو الذكرى الاولى لليوم الذي هب فيه المصريون معا مطالبين بوضع حد لانتهاكات الشرطة وحالة الطوارئ". واضاف: "من المهين للمطالبين بالعودة الى سيادة القانون اختلاق الذرائع للابقاء على حالة الطوارئ هذه التي اسيء استخدامها لسنين طويلة". وخطط الجيش، رغبة منه في اظهار صورة جيدة بعد الاتهامات بانتهاك حقوق الانسان، لاحتفالات حاشدة تشمل عرضا بحريا قبالة الاسكندرية، وعروضا جوية في القاهرة والعابا نارية في انحاء مختلفة من البلاد. كما صك المجلس العسكري عملات تذكارية وبدأ الاربعاء اخلاء سبيل نحو ثلاثة الاف معتقل بناء على عفو بمناسبة عام على الخامس والعشرين من يناير. ودعا المجلس العسكري المصريين الى الحفاظ على روح ثورة 25 يناير التي قال انها وحدت بين المصريين "رجالا ونساء كبيرا وصغيرا ومسلما وقبطيا". غير ان المحتجين يصرون على ان طنطاوي، وزير دفاع مبارك لامد طويل، خطف الثورة. ويطالب المحتجون بانهاء حكم المجلس العسكري فورا وبعدم تدخل الجيش في صياغة الدستور المصري الجديد خشية ان يعمد الى ترسيخ صلاحياته في الدستور. وكان المجلس العسكري قد تعهد بترك السلطة لحكومة مدنية فور انتخاب رئيس للبلاد في حزيران (يونيو) المقبل. وتقول قوات الامن انها على اهبة الاستعداد للتدخل في حال حدوث "محاولة تخريب" للاحتفال في تهديد مبطن للمحتجين. غير ان وزير الداخلية محمد ابراهيم قال ان الشرطة لن تنتشر في الساحات او في الاماكن التي تشهد احتفالات ضخمة، داعيا بدلا من ذلك القوى السياسية الى تشكيل "لجان شعبية" لضمان امن الشوارع. غير ان منظمة العفو الدولية قالت الثلاثاء ان على الحكم العسكري مسؤولية حماية المتظاهرين وعلى قوات الامن التصرف بمسؤولية لضمان تمكين الجميع من ممارسة حقهم في التعبير والتظاهر السلمي، بحسب نائبة مدير المنظمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسيبة حاج صحراوي. اما الرئيس السابق مبارك فسوف يمضي اليوم في سريره في احدى مستشفيات القاهرة حيث يخضع للحبس الاحتياطي في اطار محاكمته بتهمة قتل المتظاهرين خلال الانتفاضة. وفي حال ادانته قد يواجه الرئيس المخلوع الذي حكم البلاد لثلاثين عاما، حكم الاعدام .