سيطرت الاستعدادت للذكرى الأولى للثورة المصرية على تحركات الأطراف المختلفة في مصر. وفي وقت تواصل قوى الثورة مساعيها للحشد في ميدان التحرير الأربعاء المقبل للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين فوراً، يبذل المجلس العسكري الحاكم والقوى الفائزة في الانتخابات مساعي حثيثة لتهدئة الجبهة الداخلية قبل هذا اليوم وصبغه بطابع احتفالي. لكن محاولات العسكر اصطدمت أمس بتطور لافت شهدته محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، إذ طالب رئيس فريق الدفاع المحامي فريد الديب بمحاكمة موكله أمام القضاء العسكري، مستنداً إلى قانون كان أصدره المجلس العسكري في ايار (مايو) الماضي يقصر محاكمة العسكريين الحاليين والسابقين على القضاء العسكري دون غيره. وأوضح الديب في مرافعته أمس أن الرئيس الراحل أنور السادات أصدر العام 1979 «قانوناً لتكريم قادة القوات المسلحة الذين شاركوا في حرب أكتوبر، والاستفادة من خبراتهم النادرة، ينص على استمرارهم في الخدمة العسكرية مدى الحياة، وتعيينهم إذا اقتضت الضرورة في الهيئات المدنية، كما حدث مع مبارك، على أن يعودوا بعد انتهاء خدمتهم إلى المنصب العسكري». وانتقد تقارير جهاز الكسب غير المشروع عن فساد مبارك ونجليه، معتبراً أنها «مفبركة وباطلة وتهدف إلى تلويث سمعة مبارك والتجريح بشخصه». واختتم مرافعته بالمطالبة ب «تبرئة الرئيس السابق ونجليه من تهمة استغلال النفوذ الرئاسي»، معتبراً أن هذا الاتهام «هو الأخطر في القضية لأنه يهدف إلى التلويث والتجريح في شخص من دون سند من الواقع». وبالتزامن مع أجواء المحاكمة، كثف حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، من اجتماعاته مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، من أجل الاستقرار على تشكيل اللجان البرلمانية (19 لجنة)، فيما أعلن أمس حزب «النور» السلفي اختيار عضو الهيئة العليا في الحزب أشرف ثابت لمنصب وكيل (نائب) رئيس مجلس الشعب. وأكد القيادي في «الحرية والعدالة» علي عبد الفتاح ل «الحياة» أن «اجتماعات الحزب مستمرة من اجل خروج الجلسة الأول للبرلمان المقرر لها الاثتنين المقبل في شكل توافقي ومن دون أي مشاحنات»، مشيراً إلى «مناقشات تجري من اجل الاستقرار على تشكيل لجان مجلس الشعب». وأكد أن «كل التيارات الممثلة في البرلمان سيكون لها دور في هذه اللجان». ويخطط الإسلاميون للمشاركة في «احتفالات الثورة» بكثافة، وهم يرون أنها حققت أهدافاً وتبقت أخرى. وقال الناطق باسم الجماعة الدكتور محمود غزلان ل «الحياة» إن «الإخوان سيكونون في الميدان للاحتفال بذكرى الثورة والمطالبة باستكمال بقية أهدافها». واعتبر أن اندلاع عنف واحتجاجات قوية «لن يحدث، هذه الأمور تتحقق إن تُرك الميدان للمجموعات التي يرد في خاطرها اللجوء إلى العنف... وجودهم وحدهم يسمح لهم بتنفيذ مخططهم، لكن في حال وجود أعداد غفيرة من المتظاهرين يمتنعون عن هذا الأمر». في المقابل، كثفت القوى الثورية من استعداداتها لاحتجاجات تطالب بإنهاء الحكم العسكري وتسليم السلطة لرئيس البرلمان المنتخب الذي سيكون القيادي «الإخواني» الدكتور سعد الكتاتني على الأرجح. وقال الناطق باسم «حركة 6 ابريل» محمود عفيفي ل «الحياة»: «نزلنا إلى الشوارع في مسيرات الأيام الماضية، كما وزعنا مئات المنشورات بهدف توعية الجماهير وترسيخ سلمية الثورة، وتأكيد أن الثوار لا يسعون إلى اسقاط الجيش بل إلى حمايته بالعودة إلى ثكناته»، محملاً المجلس العسكري «إقحام الجيش في مواجهات مع المتظاهرين». وفي موازاة هذه التحركات، يسعى المجلس العسكري إلى إضفاء طابع احتفالي على الذكرى لتقويض الاحتجاجات المطالبة برحيله. وأعلن في هذا السياق «تنظيم احتفالية كبيرة تتناسب مع حجم الحدث». وقال عضو المجلس العسكري اللواء إسماعيل عتمان ل «الحياة»: «سنقوم بتنظيم ثلاثة احتفالات، الأول لرعاية ما سيقوم به الشباب من احتفالات في ميدان التحرير باحتفالية فنية وشعبية وفلكلورية... لكن الجيش لن يتدخل في تظاهرات شباب الثورة الذين سيحتفلون بهذا اليوم على طريقتهم». وأشار إلى «احتفال غنائي آخر على غرار احتفالات القوات المسلحة بأعياد اكتوبر وثورة يوليو في 29 كانون الثاني (يناير)... ثم يتم عمل مباراة كرة قدم دعينا اليها الفريق القومي التونسي الشقيق لنتشارك الاحتفال بالثورة معاً».