اليوم يبدأ تنفيذ ما كثُر الكلام عنه طيلة أكثر من سنةٍ كاملة في أروقة تلفزيون"المستقبل"، فبين قال وقيل، وبين قرارٍ حاسم ثمّ قرار معاكس، وبين توقّعات واحتمالات تتأرجح بين الغموض والتأجيل، ضاع الموظفون وضاع الناس في النتيجة النهائية. اليوم ينتهي الضياع، على الأقل في مرحلته الأولى، إذ بات المُشاهِد قادراً على أن يكتشف بنفسه أنّ الدمج بين قناتَي"المستقبل"الحمراء والزرقاء بدأ فعلاً. هذه"الخطوة الأولى لمستقبل جديد"، كما يقول الإعلان، من المفترَض أن تكون الخطوة السابقة لولادة القناة الجديدة التي ستنطلق بحلة ولوغو وشعار وبرامج جديدة، من المتوقع أن تبدأ في رمضان. وفي وقت كان الحديث أن المحطة الجديدة ستأخذ طابعاً إخبارياً، تشير كل المعطيات الى أن هذا الأمر جرى التراجع عنه، وستحافظ"المستقبل"الجديدة، ابتداء من رمضان المقبل، على طابع الترفيه، لناحية برامج المنوعات والبرامج التمثيلية الدرامية. وبدأت الاتصالات بين إدارة البرامج في"المستقبل"وبين المنتجين اللبنانيين للتعاون خلال شهر رمضان وما بعد رمضان، فتكون الخطوات حينها بلغت مبتغاها بالوصول إلى شبكة برامج مشوّقة للمتابعة ومرضية لكل الأذواق. أمّا"المستقبل"في مرحلتها الانتقالية، فستضم شبكة برامج تجمع القناتين"الإخبارية"و"القناة الأم"، ضمن شبكة برامج موحدة يطغى عليها الطابع الإخباري، باعتبار أنّ المرحلة الحالية هي مرحلة إخبارية بامتياز. إذن، الطابع الراهن يمكن أن نضع له عنوان"المستقبل يتكلّم"بما أنّ كل البرامج ستكون حوارية. في ما يتعلّق بالبرامج المتوقفة، يبدو أنّها ستشمل المسلسلات والأفلام وبرامج الأغاني والترفيه، وعلى رأسها"فور سايل"مع ميشال قزي و"الليلة السهرة عنّا"مع جوزيف حويك وكارين سلامة، من دون أن يعني ذلك أنّ التعاون معهم لبرامج جديدة قد توقّف. وللمرة الأولى منذ 12 سنة، لن يشاهد الجمهور برنامج"سيرة وانفتحت"مع زافين قيومجيان مساء الإثنين، لأنّ موعده انتقل إلى مساء الأحد، وستحل مكانه زميلته في الإخبارية بولا يعقوبيان في برنامج"إنترفيوز". ومن برامج"القناة الأم"الباقية أيضاً"عالم الصباح"،"أخبار الصباح"، و"بدون زعل"الذي تقدّمه ريما كركي. أمّا البرامج المتبقية من"الإخبارية"فهي"الحد الفاصل"مع سحر الخطيب،"الاستحقاق"مع علي حماده،"استوديو 24"مع نديم قطيش و"ترانزيت"مع نجاة شرف الدين. هذه الخطوة أتت لتضع حداً لأشهر طويلة من الالتباس الذي يتحدث عن مصير الدمج، لكنّها تفتح في المقابل الأبواب لما يُحكى عن صرف موظفين لم يُعرف عددهم بعد. أمّا اللافت، فهو أنّ ما يحصل مع محطة"المستقبل"يمتد على الجسم الإعلامي عموماً في لبنان، وبخاصة وسائل الإعلام المرئية، التي يرى بعض المراقبين أنّها تعرّضت ل"صيبة عين"وتحتاج إلى خرزة"زرقاء"بلون لوغو القناة الأم، بعدما صارت العين"حمراء"بلون لوغو الإخبارية بسبب ظروف اقتصادية تؤثّر على البلد بكامله. وإن كان شعار"المستقبل"قديماً"لعيونك"، فإنّ العيون الناقدة التي تفتّحت على"المحطّة"في الأشهر السابقة أوجدت عيوناً جديدة ساهرة كي يصل تلفزيون"المستقبل"إلى مستقبل زاهر. الخضّة التي تحاول إدارة المحطة التخلّص منها من خلال الخطة التي اعتمدتها، بدأت تظهر ملامح مشابهة لها في محطة"أل بي سي"، التي أوقفت تصوير"حلوة بيروت"، كما توقّف تصوير حلقات جديدة من"أحمر بالخط العريض"الذي تحدد الأيام المقبلة إن كان ذلك سيكون في شكل نهائي أو موقّت، كما توقّف أيضاً تصوير حلقات جديدة من برنامج"أحلى جلسة"مع طوني بارود، الذي يستمر حالياً من خلال حلقات صوّرها ولم تُعرَض بعد. الخضّة في جسم الإعلام المرئي لم تستثنِ حتّى محطة"أم تي في"، على رغم أنّ هذا الأمر يبدو بعيداً منها، بفضل الصورة التي تقدّمها عن نفسها وبفضل الألوان الزاهية التي تبث من خلالها"حياةً سعيدة ومطمئنة"، ولكن إشاعات كثيرة تسري عن تخفيض 20 في المئة من كلفة إنتاج برامجها، وقد أُبلِغ بعض الموظفين بحسم سيطاول رواتبهم! محطة"المستقبل"بدأت أخيراً خطة الإنقاذ، على رغم التأجيل ومحاولة تفادي لحظة الحقيقة الصعبة، فهل يستفيد المسؤولون في إدارة المحطات الأخرى من تجارب غيرهم، أم سيسيرون على درب التأجيل ذاته؟ وهل ستطول الأزمات كي تطاول نتائجها محطات جديدة في لبنان، أم يمكن أن تنتهي القصة بعبارة"وعاشوا بثبات ونبات"؟