بعد مدّ وجزر طوال سنتين تقريباً، وبعد كلام كثير عن أوضاع الوسائل الإعلامية لتيّار المستقبل، بخاصّة تلك المرئية - المسموعة، أي محطة «المستقبل» وقناة «أخبار المستقبل»، انتشر منذ حوالى أسبوع الخبر عن قرار حاسم اتُخِذ بدمج القناتين. ولكن المفاجأة كانت للعاملين في القناة الأم (اللوغو الأزرق) حين علموا أنّ محطة «المستقبل» هي التي «ستذوب» في «الإخبارية» وستبثّ برامجها بعدما كانت كل التحليلات والتكهنات والسيناريوات تتجه نحو إغلاق «الإخبارية» ونقل بعض برامجها إلى المحطة الزرقاء. إذاً، حصل ما كان مستبعَدَاً وما لم يكن في الحسبان، وصار على الجميع أن ينتظر بترقّبٍ النتيجة النهائية للقرار، بخاصّة أنّ 300 موظفٍ سيتم الاستغناء عن خدماتهم! الحزن يلف محطة «المستقبل» ويسيطر على العاملين الخائفين من المستقبل! كل شخص هناك ينتظر كلمة أو خبراً، تماماً كما يفعل المختبئون في الملاجئ حين يصل أحدٌ من الخارج، فيسألون ويحدقون في العيون علّهم يسمعون ما يريحهم. تبادل برامج على صعيد البرامج، علمت «الحياة» أنّ برامج «الإخبارية» سيتم بثّها على المحطة الأم ابتداء من أول يوم من السنة الجديدة، ولكن ستحافظ كل محطة على اللوغو الخاص بها. ومن المفترض أن يبقى الأمر على هذه الحال طوال أربعة أو خمسة أشهر قبل أن يتم إطلاق محطة جديدة تجمع بين البرامج الإخبارية والمنوعات، على أن يكون الطابع الأساسي إخبارياً. مصادر أخرى تقول إنّ كل ما سبق وقيل وتردد سيتم إلغاؤه وستُتخذ قرارات جديدة قد توقف كل الإجراءات الحالية وتترك الأمور على حالها. الغموض ما زال سيّد الموقف في ما يتعلّق بمصير القناتين، ويمكن مَن يراقب الأخبار الصادرة منذ نحو سنتين حتّى الآن في خصوص هذا الموضوع، يمكنه أن يكتشف أنّ القرارات التي نُفِّذَت بدقةٍ في السابق قليلة جداً! مهما يكن من أمر، وإذا اعتبرنا أنّ الدمج سيتم خلال عشرة أيام وأنّ المحطة الأم هي التي ستتوقّف، فذلك يعني أنّ عدداً من البرامج سيتوقّف فجأة! أحد أبرز تلك البرامج هو «سيرة وانفتحت» الذي سيفقد إمكانية وصوله إلى رقم قياسي أكبر في عدد حلقاته وفي استمراره على الهواء لسنين أكثر، بخاصّة أنّه بات معروفاً بالبرنامج الحواري الاجتماعي الأطول في العالم العربي الذي بلغ عامه الثاني عشر. مقدّم «سيرة وانفتحت» الإعلامي زافين قيومجيان رفض التعليق على قرار الدمج الذي من شأنه أن يوقف برنامجه والتزم الصمت التام. برنامج آخر سيتم إيقافه هو for sale الذي يقدّمه ميشال قزي. «ميشو» قد يصبح الغائب الأبرز إذا تم تأكيد أنّ المحطة الجديدة ستأخذ طابعاً إخبارياً بعيداً من البرامج الترفيهية المسلية، وما لا شكّ فيه أنّ هذه المحطة ستكون قد خسرت ورقة رابحة، لأنّ غياب قزي سيترك فراغاً يشعر به المشاهدون بخاصّة أنّ أسلوبه المميز علق في أذهان الجميع طوال مسيرته الطويلة على شاشة «المستقبل». حين نسأل ميشال عن رأيه في قرار الدمج وفي إمكانية توقّف برنامجه، يجيب بأنّ الاتفاق حول البرنامج كان ينصّ أصلاً على أن يتوقّف في نهاية العام، على أن ينطلق برنامج جديد في بداية شباط (فبراير) المقبل، وبالتالي فإنّ توقّف برنامجه كان سيحصل في كل الأحوال. ويرفض ميشال تحديد إن كان حزيناً أو متقبّلاً الأمر ببساطة، باعتبار أنّ لا قرار واضحاً بعد ولا خبر أكيداً يمكن على أساسه تحديد مشاعره. بعيداً من الأنانية الإعلامية التي ألغت الألقاب ريما كركي تحدّثت إلى «الحياة» عن موقفها وشعورها تجاه إمكانية توقّف برنامجها «بدون زعل»، فقالت إنّها لا تستطيع أن تنظر إلى الأمر من زاويتها الخاصّة، لأنّ ذلك سيكون فعلاً أنانياً بخاصّة أنّ القرار هدفه إعادة الحيوية إلى المحطة بكاملها والعودة بها بزخم ونشاط قادرين على منافسة المحطات الأخرى القوية، وأكّدت أنّ مَن استطاع في السابق خلق فكرة برنامجٍ ما يستطيع أن يخلق فكرة برنامج جديد حين تطل المحطة بصيغتها الجديدة. وقد علمت «الحياة» أنّ إدارة المحطة أبدت تمسّكها بعدد من مقدّمي ومقدمات البرامج عندها، ويبدو أن ريما كركي واحدة منهم، بخاصّة أنّ أصداء كثيرة تتردد حول تمنّي الإدارة استمرار برنامج «بدون زعل» بعد الدمج. برنامج «الليلة السهرة عنّا» الذي بدأ خلال شهر رمضان الفائت واستمرّ أسبوعياً بعد أن أثبت نجاحه، من الممكن أن يتوقّف أيضاً إذا تم تطبيق القرار المُعلَن حتّى الآن. الإعلامي جوزيف حويك الذي يقدّم هذا البرنامج إلى جانب كارين سلامة يرى الناحية الإيجابية من القرار ويعتبر أنّ البرنامج إذا تمّ إيقافه الآن فإنّه سيكون قد توقّف وهو ناجح، لذلك فإنّ إمكانية عودته بنجاح ستكون مضمونة. ويشدد حويك على أنّ أحداً من المسؤولين لم يبلغهم حتّى الآن بوجوب التوقّف التام أو بالرغبة في الاستغناء عن البرنامج، ولكن ذلك لا يعني غياب إمكانية تطويره وتحسينه وتعديله بما يتناسب مع صورة المحطة الجديدة. وعلمت «الحياة» أنّ برنامج «الليلة السهرة عنا» سيحيي ليلة رأس السنة على شاشة «المستقبل» مستضيفاً أربعين فناناً من النجوم المعروفين وسيتم الإعلان خلال هذه السهرة عن القناة الجديدة التي ستظهر بعد أشهر. لكن في النهاية يبقى سؤال مطروح لن تجيب عنه بوضوح سوى الأيام القليلة المقبلة: هل سيتم التراجع عن قرار الدمج، أم سيتم استبدال القناة التي ستحافظ على برامجها، أم سيصحو الناس في اليوم الأول من السنة الجديدة ليجدوا أنّ المحطة الزرقاء تنقل برامج القناة «الإخبارية»؟