كثيرون من هواة الرسم يفترشون شوارع القاهرة بحثاً عن لقمة العيش، مسلّحين بموهبة وهواية تحولت حرفة فذة، جعلتهم"يكشفون"وجوه المجرمين في جرائم جنائية، ويتعرفون من قرب إلى ملامح مشاهير السياسة والفن والأدب، ويؤكدون أن صور الملك فيصل والملك عبدالله والشيخ زايد هي الأكثر رواجاً، وتباع بحوالى 400 جنيه للوحة، علماً أن رسمها لا يستغرق أكثر من ساعتين، كما يخبرون أن السعوديين هم أكثر من يطلبون رسم بورتريهاتهم أو شراء صور الملوك. في حيّ الحسين يعمل أشهر هؤلاء الرسامين، جمال السيد إبراهيم حسن الذي يعرف بنفسه بأنه خرّيج كلية فنون الزمالك - جامعة حلوان عام 1974، يجيد رسم البورتريه بالباستل والفحم ويرسم أيضاً المناظر الطبيعية،"وأي شخص يجلس أمامي، ولو نصف ساعة فقط، لا أكتفي برسمه بل أحلّل شخصيته بحسب ملامح وجهه الذي يكشف أسراره". ويعتبر جمال إن"الوجه ذا التجاعيد، رسمه أسهل من الوجه الأملس، لأن التجاعيد جزء يسلّم لجزء". ويقرّ بأنه أيضاً شغوف برسم الرؤساء والفنانين والأدباء والشخصيات العامة، مشيراً إلى أنه شارك برسومه في الكثير من المعارض خصوصاً معرض نادي النصر بعنوان"مبدعون من بلادي"الذي ضمّ رسوماً لشخصيات جسدها ممثلون مصريون في أعمالهم الدرامية، مثل شخصية"عبد الغفور البرعي"في مسلسل"لن أعيش في جلباب أبي"لنور الشريف. كما رسم صورة لأحمد زويل،"أعجبته كثيراً ويحتفظ بها في فيلّته"، بحسب جمال الذي يضيف:"التقيته في صالونه في الأوبرا ذات مرة، وحضني ثلاث مرات وأشاد بي وبأعمالي، وأنا كنت رسمت الصورة بقلبي وخيالي نقلاً عن صورة صغيرة نشرتها إحدى الصحف المصرية". أما الرسام محمد كمال فيقول إن الرسم هواية تشغله منذ عام 1979، على رغم أنه خرّيج كلية التجارة ولم يدرس الفنون، لكنه يجيد فن البورتريه. وعمله في الرسم، كما يقول، يدرّ عليه ربحاً يكفي ل"أكل العيش". ويخبر أنه كثيراً ما استعانت به الشرطة في الرسم الجنائي الذي يرفد عمل المختبر الجنائي في وزارة الداخلية، إذ يُطلب لرسم صور تقريبية لوجوه المشتبه فيهم بالاستناد إلى الأوصاف التي يدلي بها الشهود في التحقيق،"وكثيراً ما نجحت التجربة فتمكنت الشرطة من اعتقال الجناة، كما في قضية فندق سميراميس حيث سُرقت مجوهرات بليونيرة مغربية". رسم محمد أشخاصاً بملامح شرق آسيوية،"ونجحت أيضاً في كشف قضية سفّاح المعادي، وفتاة أبيس في الإسكندرية التي ادعت أنها خادمة وقتلت امرأة بمعاونة رجل آخر واعتقلت". يحب محمد رسم الرؤساء العرب والممثلين،"وأكثر الصور التي حققت رواجاً ومبيعات هي صور الشيخ زايد وملوك السعودية، مثل الملك فيصل والملك عبدالله، لأنها تطلب بالاسم". وتباع صورة الرئيس أو الملك أو الفنان، المرسومة بالزيت، بمبلغ يراوح بين 300 و400 جنيه. أما إذا كانت على ورق، ومرسومة بالأبيض والأسود، فثمنها 80 جنيهاً، وإذا كانت بألوان الباستل فثمنها 120 جنيهاً،"واللوحة الواحدة لا تأخذ في يدي أكثر من ساعتين". ويؤكد محمد إن أصعب صورة"تحدّته"في حياته، واستغرق العمل عليها أربعة أيام كاملة، هي الموناليزا لليوناردو دافنشي،"لكن لوحتي انتهت قريبة بشكل خيالي من الصورة الأصلية، يعني إلى درجة التطابق". وفي رأي محمد أن المشكلة الأبرز التي تواجهه وزملاءه أنهم بلا نقابة، ولا يسمح لهم بالانضمام إلى نقابة التشكيليين على رغم موهبتهم،"ففي النقابة يعتبروننا مجرد هواة لفن البورتريه لأننا لم ندرس في كليات الفنون الجميلة. لكن هل الدراسة كل شيء؟ وأهم فناني العالم هل نالوا شهادات رسمية؟".