فن البورتريه يستفيد من عدم استقرار حال الفن التشكيلي في لندن. يوجد حالياً خمسة معارض للبورتريه تشير كلها الى إقبال، إن لم تكن تثير احتمال عودة هذا النوع من الرسم الى مقدم الصورة التشكيلية. وتعززت الظاهرة في اميركا العام الماضي، ولا تخلو مجلات الفن الرصينة هناك من الحديث عن عودة كبار الفنانين إلى رسم البورتريه. امتدت تجارب التشكيل في جهات متطورة، ولم تستقر الآراء ولا الاذواق فيها. ويمكن القول ان العين شبعت من مناظر البشاعة، وفي طريقها الى اعادة استكشاف الالوان ومناظر الطبيعة والوجوه. الرسامون الشباب، خصوصاً المنطلقين من معاهد الفن الكبرى، عادوا يتركون التجارب الابداعية في استوديوهات تلك المعاهد، ويمارسون الرسم كما "اعتاد عليه الناس" الى حين... معرض جوائز البورتريه الذي افتتح أمس وترعاه شركة "بريتيش بتروليوم" ويقدمه سنوياً متحف "ناشيونال بورتريت غاليري"، يشجع على هذا الاتجاه الى حد ما. وإن كان المعرض والجائزة يتأثران دائما بما يجري في الفن التشكيلي عامة. وبهذا المقياس نرى في معرض هذه السنة، الذي يشارك فيه حوالى خمسين رساماً، هدوءاً من ناحية الاسلوب والاتجاه. تظل الألوان زاهية عموما، والتشكيلة الفنية من النوع المأمون الذي لا ينطوي على مخاطرة. موضوع اللوحات يتجه نحو البورتريه الشخصي، أي أن الرسامين لا يغامرون خارج نطاق المرآة. ومع ذلك نرى في أغلبها راحة للنظر واجادة في وضع الالوان ودقة في التعبير عن الحال السيكولوجية التي تشكل خلفية الغالبية اللوحات. اما في مقدمتها فيقرأ الانسان خصوصاً في اللوحات الثلاث الفائزة، تساؤلات الفنانين الخفية: "ماذا يجب أن أفعل لأحصل على اعتراف؟". تقدم رجل من لوحة صغيرة تدعى "لوسي" ثم سأل زوجته: "أليست هذه صورة فوتوغرافية؟"، فقد كان من الصعب التمييز. في حين نجد ان الصورة التي فازت بالجائزة الثانية لفرانسيس بوردن 28 عاماً لا تحاول إلغاء آثار الرسم، بل تتعمد الاشارة الى آثار نفسية. لوحة كلايف سميث 31 عاماً الفائزة بالجائزة الثالثة تشير هي الاخرى الى الجمع بين الفوتوغرافية والرسم الحر، مركزة على اجزاء من جسم المرأة، خصوصاً اليدين، في حين يتم تجاهل الوجه قليلا. اللوحة التي منحتها لجنة التحكيم الجائزة الاولى، وقدرها 10 آلاف جنيه، هي للرسام طوماس واتسون 27 عاماً تعبر في اسلوب انطباعي عن العلاقة بين الانسان والمكان. المساحة مطبخ يأخذ حيزاً لونياً، بينما يقف شخص في نهايتها على وشك التحرك نحو المقعد في مقدمة المنظر. اللوحة مرسومة في كلاسيكية وهدوء وادراك بمكانة هذا الفن الجديدة.