يواجه سكان اليمن مصاعب جمة في تأمين الغذاء نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية والاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ سنة، وتراجع الإنتاج المحلي من الحبوب. وفيما تواجه الحكومة اليمنية الجديدة تحديات هائلة لتأمين الحد الأدنى من الغذاء للسكان، تداعت منظمات دولية مستعجلة التدخل لإنقاذ الملايين من الموت جوعاً. في هذا المجال، وقعت وزارة الزراعة والري اليمنية أخيراً، ومنظمة الأغذية العالمية"فاو"، اتفاقية منحة بمبلغ 533 ألف دولار لدعم مشروع تجريبي لتصنيف مراحل الأمن الغذائي وتمويله. ويهدف المشروع إلى إيجاد طرق أكثر فاعلية للاستجابة إلى متطلبات الأمن الغذائي في المجتمعات اليمنية المتأثرة بالأزمات الإنسانية وإعداد تقرير أولي. وتعتبر المنظمات الدولية المختصة أن اليمن لا يزال يحتل المرتبة الأولى عربياً على سلم انعدام الأمن الغذائي لمواطنيه، إذ يعاني واحد من أصل اثنين فيه سوء تغذية نتيجة اعتماده في توفير الغذاء على الاستيراد ولا يمتلك مخزوناً غذائياً كبيراً. وتؤكد نائب المدير التنفيذي ل?"صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة"يونيسيف ريما يوسف صلاح، أن الوضع الغذائي في اليمن بلغ مستويات مقلقة وصلت إلى 31,4 في المئة، مشيرة إلى أن مستويات سوء التغذية الشديد تصل إلى 9,1 في المئة في محافظة لحج. وأشارت الأممالمتحدة مطلع الشهر الجاري، إلى أن النزاع السياسي في اليمن دفع البلد إلى حافة أزمة إنسانية وأن الأطفال هم الأشد تضرراً من هذا الوضع. استراتيجية وطنية وكان مشروع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الذي أعدّته الحكومة اليمنية بالتعاون مع"المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء"في واشنطن نهاية عام 2010 قدّر أن 32.1 في المئة من سكان اليمن غير آمنين غذائياً، ما يعني أن نحو ثلثهم أو 7.5 مليون شخص يعانون من الجوع، كما أن 57.9 في المئة من جميع الأطفال يعانون من سوء التغذية. ويعتبر أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة صنعاء شبير الحرازي أن إنتاج الحبوب في اليمن من أهم القضايا الاستراتيجية ومن أبرز التحديات، مشيراً إلى أن إجمالي الكميات المنتجة من الحبوب اتصفت بالتقلب المستمر من سنة إلى أخرى، إذ بلغت عام 2008 نحو 714 ألف طن، وتحقق بذلك زيادة بلغت نحو 68 ألف طن أي 10 في المئة مقارنة بعام 1997. واقترح الحرازي التوسع في زراعة محاصيل الغذاء من خلال استراتيجية متكاملة وبما يتفق مع الإمكانات والموارد المحلية حتى تكون قابلة للتنفيذ، والاستمرار في اتباع سياسات تخزين المياه من خلال التوسع في إنشاء السدود والحواجز المائية بخاصة في مناطق التجمعات الزراعية. وفاقم الوضع استمرار تدفق النازحين الأفارقة إلى اليمن خلال العام الماضي والذين بلغ عددهم 103 آلاف شخص فضلاً عن موجات النزوح الداخلية من محافظة أبين. وفي هذا السياق طلبت مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين والحكومة اليمنية الأسبوع الماضي، 60 مليون دولار لتلبية حاجات اللاجئين والنازحين من المحافظات للعام الحالي. وتعمل المفوضية على بناء 300 منزل في مخيم خرز للاجئين وترميم بعض المدارس التي استقبلت نحو ألفي نازح في محافظة عدن، إضافة إلى تقديم مواد غذائية وأساسية لنحو 70 ألف شخص في محافظة عدن. وإزاء هذا الوضع الصعب أعلن"برنامج الغذاء العالمي"مطلع الشهر الجاري عن رفع سقف المساعدات الغذائية المقدمة لليمن هذه السنة. وطالب وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني محمد السعدي بضرورة تفعيل دور البرنامج في دعم اتجاهات الخطة الحكومية، الهادفة إلى تعزيز تعليم الفتاة وتطوير الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي عبر شبكة الأمان الاجتماعي، إضافة إلى مساندة الجهود الحكومية اليمنية لمواجهة استحقاقات تزايد أعداد اللاجئين من منطقة القرن الأفريقي والصومال إلى اليمن. تبرعات ورحّب"برنامج الغذاء العالمي"في الوقت ذاته بتبرع سخي أعلنت عنه الحكومة الألمانية قبل أيام بلغ 31 مليون دولار لدعم برامجه الطارئة والمنفذة للحياة في اليمن. واعتبرت ممثلة البرنامج في اليمن لبنى محمود المان أن المبلغ يعد أكبر تبرع تلقاه البرنامج في تاريخه من ألمانيا من أجل اليمن في سنة واحدة، كما يعد واحداً من أعلى التبرعات قيمة في العالم. وشددت على أن اليمن يواجه أزمة إنسانية صعبة تزداد تعقيداً، نتيجة الاضطرابات المدنية التي حدثت أخيراً بعد ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والانهيار الذي أصاب الخدمات الاجتماعية. وأشارت المسؤولة الدولية إلى أن برنامج الأغذية العالمي سيتوسع في نطاق مساعداته هذه السنة لإطعام نحو 3,5 مليون شخص من المستضعفين الذين وقعوا في براثن الجوع نتيجة الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية وموجات النزوح التي حدثت في المناطق الشمالية والجنوبية. وقالت:"إن البرنامج سيولي اهتماماً خاصاً لنحو مليون و800 ألف يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي ويعيشون في 14 محافظة يمنية، منهم 500 ألف امرأة وطفل دون سن الخامسة. وتابعت:"من خلال التبرع المقدم من ألمانيا سيتمكن البرنامج من توزيع أكثر من 200 ألف طن من السلع الغذائية من دقيق القمح والزيت والمكملات الغذائية المختصة التي تقدم للأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد". وزادت:"سيدعم التبرع أيضاً مشاريع الغذاء في مقابل تعليم الفتيات ويوفر البرنامج من خلالها حصصاً غذائية منزلية كحافز للأسر على إبقاء الفتيات في المدارس". وأوضحت المان أن البرنامج سيتوسع في استجابته الطارئة لتقديم المساعدات الغذائية الحيوية إلى نحو 670 ألفاً من النازحين داخلياً والعائدين والمتضررين من الحرب، منهم النساء والأطفال في اليمن، مشيرة إلى أن إجمالي المساعدات التي سيقدمها البرنامج لدعم اليمن في العام الحالي بلغ 207 ملايين دولار.