تصريحات الناطق باسم البنتاغون وسفير إسرائيل في واشنطن ميشيل أورين، لم تُقنع الخبراء الإسرائيليين بأن دواعي إلغاء المناورات الإسرائيلية? الأميركية مالية. الركن الأهم في المناورات، التي كان يفترض إجراؤها في نيسان أبريل المقبل في إسرائيل لإبراز تضامن الأميركيين مع أقرب الحلفاء إليهم في المنطقة، كان الإجراءات الدفاعية المضادة للصواريخ. والدليل على بطلان الحجة المالية هو رفع إسرائيل موازنتها المالية. جاء إرجاء مناورات"أوستير شالنج 12"الى الفصل الثاني من 2012، ليثير الظنون ويعزز الطعن في الداعي المالي. يرى آموس هاريل، الخبير العسكري في صحيفة"هآرتس"، أن تغيير موعد المناورات يرجِّح احتمال إرجاء توجيه الدولة العبرية ضربات ضد برنامج إيران النووي الى ذلك الموعد، ففي اثناء المناورات يرابط عدد ضخم من الجنود الأميركيين في إسرائيل، والمرابطة هذه إضافة إلى الدرع المضادة للصواريخ تساهمان في حماية إسرائيل من رد طهران المرجَّح. وعزا أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية إسرائيل، إرجاء المناورات الى التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، كما أن تصريحات زميله وزير الدفاع إيهود باراك، شأنَ تصريحاته، غيرُ مقنعة. فهو أعلن أخيراً أن أوان اتخاذ إسرائيل قرار ضرب إيران لم يحن بَعد، على رغم قوله في تشرين الثاني نوفمبر المنصرم، أن"إمكان"توجيه ضربات الى المشروع النووي الإيراني"ينتفي بعد نحو سنة"، أي في تشرين الثاني 2012. وتتقاطع مدة هذه الفرصة الأخيرة بعد نحو سنة مع تقديرات قادة الاستخبارات الإسرائيلية بأن طهران ستمتلك كمية كافية من اليورانيوم العسكري لتصنيع قنبلة بعد نحو سنة ونصف سنة، ولذا لم يبادر بنيامين نتانياهو بَعد الى مغامرة عسكرية ضد إيران. ووراء إحجامه كذلك صعوبةُ اتخاذه أحادياً مثل هذا القرار الذي لا يستهان بنتائجه الخطيرة. فرئيس الوزراء الإسرائيلي، شأنَ وزير دفاعه، هو من معسكر الصقور الداعين إلى ضرب إيران، لكنه لا يملك غالبية حكومية تخوِّله إصدار مثل هذا القرار، ولم ينجح في استمالة قادة المؤسسة العسكرية الذين يخشون نتائج كارثية تهدد الدولة العبرية واستقرار الشرق الأوسط. وتقتصر نسبة مؤيدي حملة عسكرية على إيران بين الإسرائيليين على 43 في المئة. وعلى رغم هذه المؤشرات التي توحي بضعف احتمال توجيه ضربة إلى إيران، لم يطمئن الأميركيون وهم يتساءلون عن نيات الدولة العبرية، والتساؤلات هذه وراء زيارة قائد الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي إسرائيل في 19 الجاري. وفي تشرين الثاني المنصرم، زار وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا القدس، ليحصل على ضمانات بأن إسرائيل لن تشن هجوماً على إيران من غير استشارة واشنطن، ويبدو أنه عاد خاويَ الوفاض، كما يرجَّح أن يلقى الجنرال ديمبسي ما لقيه بانيتا، فعلى رغم ترددها في توجيه ضربة استباقية الى إيران، ترفض إسرائيل رهن أمنها برغبات حليف لها، مهما كانت قوته عظيمة. * مراسل ومعلّق، عن"لوموند"الفرنسية، 20/1/2012، إعداد منال نحاس