يُقبل الأفغان على مباريات مصارعة الجمال كما يقبل البريطانيون على مباريات كرة القدم، لما فيها من متعة وتسلية، على ما يقول هيشاك 42 سنة في مدينة مزار شريف شمال أفغانستان. في صباح مدينة مزار شريف المنعش، يتوافد مئات الأفغان إلى حلبة مصارعة الجمال في المدينة التي تعد كبرى مدن الشمال الأفغاني، رجالاً وشباباً وأطفالاً، لكنهم ذكور حصراً. تعد مصارعة الحيوانات في أفغانستان تقليداً متجذراً في البلاد، على غرار مباريات"البوزكاشي"التي جرت في المكان ذاته قبل أيام لمناسبة عيد النوروز، رأس السنة الأفغانية. وتتنافس في ألعاب المصارعة هذه ديكة وكلاب وجمال وخراف وطيور. يقول زبيل هولاخان :"نحن نحب كرة القدم والرياضات الأخرى أيضاً، لكن مصارعة الحيوانات جزء من تقاليدنا". تبدأ جولة المصارعة ببطء، وهي تجمع هذه المرة جملين مهيبين يقتربان من بعضهما بعضاً بخطوات ثقيلة، ثم يبدآن بالتدافع، ثم يتشابكان، ويحاول كل منها طرح الآخر أرضاً. يسقط أحدهما، فيجثو على ركابه. وعندما يخال المشاهدون أنه هزم، ينهض من جديد، لكنه يبدو متعباً مثل خصمه ولا يبالي بدعوة سائسه للنهوض ومتابعة المصارعة. تبدأ مصارعة بين كبشين، وهذا النوع من المصارعات غالباً ما يكون خاطفاً وعنيفاً. فما أن أطلق الكبش الأبيض من وثاقه حتى هاجم خصمه الأسود، ودار اشتباك بالقرون بينهما تخللته هجمات متتالية من كل منهما، ولم يتمكن أي من الحيوانين من حسم المعركة، فأعلن مالكا الكبشين وقف المباراة حفاظاً عليهما... وانتهت هذه المباراة أيضاً بالتعادل على نحو المباراة السابقة. بعد ذلك، أدخل إلى الحلبة جملان آخران. فقال احد المشاهدين لمن إلى جانبه"أراهن على أن هذه المباراة أيضاً ستنتهي مثل سابقتها"، فأجابه الآخر"قبلت الرهان"، وحددا قيمة الرهان بألف أفغاني 16 يورو، وهو مبلغ كبير نسبياً في هذا البلد. ومع أن مبدأ الرهان والقمار يخالف تعاليم الإسلام، إلا انه لا يغيب عن مباريات مصارعة الحيوانات في هذه البلاد ذات الغالبية الإسلامية. يقول زبيل هولاخان إن"البعض يراهنون على مبالغ كبيرة مثل 50 ألفاً و100 ألف 800 إلى 1600 يورو". ومع بدء المباراة، ظهر أن الجملين المتنازعين مصران على القتال بخلاف الكبشين ، فبدآ الكتف على الكتف والعنق على العنق. ونجح احدهما في وضع رقبته تحت قائمة الآخر ثم حاول رفعها لقلبه أرضاً، فيما حاول الخصم أن يلوي عنقه. وظلت نتيجة المعركة غير واضحة، وشهدت محاولات وهجمات عدة، وسط تهليل الجمهور. وفي نهاية الأمر، وفي وسط عاصفة من الغبار، تمكن احد الجملين من الجلوس على عنق خصمه فتدخل ساسة الجمال معلنين فوزه.