تنطلق الجياد القوية بسرعة فيما يحاول فرسانها حاملين السوط بيدهم وبين أسنانهم، انتشال جيفة عجل في خضمّ المنافسة ضمن رياضة ال «بوكزاشي» الأفغانية. هذه الرياضة المحلية الجميلة والعنيفة في الوقت نفسه، تعود إلى مئات السنين. المشهد يقطع الأنفاس في مزار الشريف، حيث تقام سنوياً أكبر بطولة في البلاد، لمناسبة عيد النوروز، أي رأس السنة الأفغانية، ونُشرت تعزيزات أمنية مكثّفة من عناصر الشرطة والجيش للمناسبة، فقد أدى هجوم في ولاية كندوز المجاورة في منتصف آذار (مارس) المنصرم، الى سقوط ثمانية قتلى خلال بطولة للبوزكاشي، ما زاد المخاوف من هجوم آخر. إثر ذلك، تخلت بعض فرق المنطقة عن المشاركة في البطولة التي تواجه فيها 100 الى 200 «تشابندوز» (خيّال) من مزار الشريف في مكان تزيد مساحته عن ستة ملاعب لكرة القدم. وتثير جيادهم المنطلقة، غيوماً من الغبار عندما تجتاز الحلبة الجافة. أما المكان، فيختصر أفغانستان كلها، إذ تحيطه جبال هندوكوش العالية وقممها البعيدة التي تغطيها الثلوج، ومن جهة أخرى تجد مخبزاً صناعياً يعود إلى الحقبة السوفياتية في الثمانينات، قبل أن يطرد الجيش الأحمر من البلاد. قواعد لعبة البوزكاشي، وهي رياضة تتماهى وهوية أفغانستان ومنعتها حركة طالبان، بسيطة نسبياً، فعلى المشاركين وهم على صهوة الحصان أن يقوموا بحركات بهلوانية تنمّ عن مرونة وقوة، كي ينتشلوا من الأرض قوقعة عجل انتزع رأسه وأفرغت أحشاؤه. لكنه لا يزال يزن بين 35 و60 كيلوغراماً. وعلى الشخص الذي ينتشل القوقعة أن يحملها بيده الى الجانب الآخر من الملعب، ويدور حول علم، والعودة أدراجه ليضع الحيوان النافق في دائرة مرسومة بالطبشور. ويحاول أخصامه أن يمنعوه من تسجيل الهدف، فقرب الدائرة تنهال ضربات السياط على الجياد وفرسانها وسط تشجيع آلاف الأشخاص الشغوفين بهذه الرياضة. ميرواس هوتخيال القصير القامة الانيق المظهر، يُمارس هذه الرياضة منذ 17 سنة، كما كان يفعل والده وجده ووالد زوجته. يقول هذا الرجل، الذي يؤكد انه في الخامسة والثلاثين رغم انه يبدو في الخمسين: «عندما ولدت نقلني والدي الى المنزل على صهوة حصان». وفي افغانستان البلد الذي عرف ثلاثة عقود من الحروب، لا تزال النزاعات والعنف منتشرة. والبوزكاشي هي رياضة قاسية بطبيعتها وعنيفة أيضاً. ويقول ميروايس: «رأيت فرساناً يتعرضون لكسور في أرجلهم وأذرعهم والرأس. رأيت جياداً ورجالاً يموتون في الحلبة». قبل شهور أصيب أحد جياده الذي يسميه «ميسي» تيمناً بنجم كرة القدم الارجنتيني، بطعنة سكين كما يقول مدربه يور محمد (50 سنة).