شهدت مدينة مظفر غار جنوب إقليم البنجاب الباكستاني مهرجان مصارعة الجمال الذي يقام سنويا كل شتاء في المنطقة ويجذب إليه عشرات الآلاف من المشاهدين الذين يستمتعون بهذه الرياضة الغريبة، التي تكاد تكون فريدة في باكستان والمنطقة. واحتشد قرويون ومواطنون من مشجعي مصارعة الجمال في ضواحي مدينة مظفر غار، وما أن بدأت المباراة بين جملين متنافسين حتى حبس الجميع أنفاسهم بانتظار ما ستسفر عنه المبارزة التي يحاول فيها كل جمل جاهدا إسقاط الآخر وتمريغ أنفه في التراب. الجملان المشاركان في مصارعة مظفر غار كانا يحملان اسم باتواري ودانغال. واحضر إلى الحلبة اثنا عشر جملا آخر حليت بالأجراس والزينة والرحال المبرقعة على ظهورها. الجمال المشاركة كانت من مدن بهاولبور وكشمور وراجان بور ونواب شاه وديبال بور. وكانت المباراة الأكثر تشويقا بين الجملين"باتواري والا"و"تحصيل دار"، واستمرت أربعين دقيقة تقريبا وانتهت حين صرع باتواري والا خصمه وألقاه أرضا، وما لبث تحصيل دار ان خرج من دائرة الحلبة وهو يدمدم، متجنبا بخروجه سخط وغضب خصمه. وفي تلك الأثناء أسرع مشجعو باتواري والا للاحتفاء بجملهم المنتصر. ويعد مهرجان مصارعة الجمال في مظفر غار الثاني لهذا العام في المنطقة، حيث نظم مهرجان آخر مماثل في بلدة محمد موسى. وتقام مثل هذه المهرجانات السنوية في بهاولبور وراجان بور ولياه وجلال بور وعدد من المدن الأخرى في جنوب إقليم البنجاب. وتتزامن مهرجانات المصارعة مع موسم التزاوج حيث تتنافس الجمال كي تحظى باهتمام النوق، وتدخل في خصومات ومبارزات، وهو ما دعا أصحابها إلى استغلال حال الاحتقان لديها وتدريبها على حركات وتصرفات ادت الى بروز هذه الرياضة. وتقتنى الجمال في باكستان للإفادة من صغارها ولحومها وحليبها، كما تستخدم في التنقل في المناطق القروية والنائية، قبل ان تصبح وسيلة للاستثمار، اذ ان صاحب الجمل القوي يجني 200 الف روبية حوالي 3300 دولار من كل مبارزة يشارك فيها. وقال إبراهيم بتواري إن جمله أصبح قويا وهو سيدر عليه مبالغ كبيرة من كل مصارعة يدخلها. وفي الغالب، فإن صاحب أي جمل معروف يطلب ما بين 150 ألف روبية إلى 300 ألف روبية 2500 - 5000 دولار عن كل مباراة يلعبها جمله، وهذا المبلغ ليس رهنا بالفوز، لكن الخسارة تكلف الجمل المهزوم غاليا حيث يفقد سمعته ويخسر صاحبه رسوم المشاركة التي دفعها. تبدأ المصارعة بإنزال جملين إلى حلبة رملية دائرية تزيد مساحتها عن ألفي متر مربع، وتستمر الى حين يتمكن أحدهما من إجبار خصمه على الهرب أو الاستسلام والتوقف عن أي مقاومة. والجمل المتدرب جيدا يعرف العديد من الحركات والطرق التي يجبر بموجبها خصمه على الرضوخ والاستسلام، ومنها خداع الخصم وإسقاطه عبر دفع رأسه بين قدميه الأماميتين وإجباره على الجثو على ركبتيه وتمريغ أنفه. حكم المباراة الذي يدعى"قاضي الحلبة"يراقب المصارعة عن كثب ومن مسافة قريبة من الجملين المتصارعين، ولا يسمح عادة لأصحاب الجمال بالنظر إلى الحلبة أو الاقتراب منها لاعتبارات نفسية عند الجمال واصحابها على السواء. وحسب قول خبير مصارعة الجمال في باكستان مريد حسين فإن وجود أصحاب الجمال قرب الحلبة أو بين المتفرجين يعتبر انتهاكا لقواعد اللعبة. أما زاور كاظم، أحد أصحاب الجمال المصارعين من بلدة بودباستي، فيقول إنه خصص عائداته من مزرعة الأبقار والجواميس التي يملكها للإنفاق على جمله، ويؤكد ان الحصول على جمل مصارع مكلف ماديا، مضيفا أنه يعلف جمله يوميا بالتمور والأعشاب الخضراء الطازجة والحليب والسمن البلديين والبيض وأحياناً العسل. ويشير كاظم إلى انه يواصل تقديم التغذية الخاصة لجمله رغم كلفتها"لأنني أعتبر نفسي مدينا له، فهو أعطاني اعتبارا ليس في المنطقة فحسب بل في كل باكستان". واللافت أن الجمال المشاركة تستقدم إلى مكان المصارعة قبل شهر من بدئها، كي يعلم الناس بوجودها في المنطقة، ويبدأوا في التوافد. ويتكفل أهل القرى والبلدات القريبة من مكان الحلبة بمصاريف ضيافة الجمال المتصارعة وأصحابها ومن يسوسها أو يدربها، ويعتبر القرويون مشاركتهم في إطعام وإيواء هذه الجمال شرفاً لهم وشيئا يعتزون به رغم التكلفة التي قد ترهق كاهلهم.