ظاهرة الزواج المبكر أصبحت ظاهرة مقلقة في المجتمع الأردني، وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة تزويج القاصرات في الأردن تراوحت ما بين 13 و15 في المئة من مجموع حالات الزواج التي عقدت خلال العامين الأخيريْن. وعلى رغم أن قانون الأحوال الشخصية الأردني يحدّد السن الأدنى للزواج بثمانية عشر عاماً، فإن الحكومة الأردنيه أقرّت العام الماضي تعديلاً في قانون الأحوال الشخصية يسمح بتزويج القاصرات دون سن الخامسة عشرة، في حالات معينة يحدّدها القاضي الشرعي، وهو الأمر الذي أثار رفض واستنكار الهيئات والمنظمات النسائية. مستشار الطب الشرعي في وزارة الصحة الأردنية الدكتور هاني جهشان، يبيّن أن"إكراه المرأة على الزواج المبكر هو سلوك يتعدى كونه غير شرعي وغير قانوني وغير أخلاقي إلى أنه شكل من أشكال العنف ضد المرأة، وشكل من أشكال العنف ضد الطفل بمرجعية أن الطفولة هي أقل من 18 سنة. وهو يعرض الفتاة لمعاناة نفسية شديدة من قبل والدها أو وليها الشرعي، وإن وافقت الفتاة على مضض على هذا الزواج وأجيز قانونياً فإن حياتها مع زوج لا تكن له المودة، سيعرّضها، إضافة للعنف النفسي، إلى أشكال أخرى من الأذى الجسدي، وإلى الإساءة الجنسية من قبل زوجها". ويذهب إلى القول أن"الأفعال والممارسات الجنسية التي يقوم بها الزوج مع زوجته"الطفلة"تشكل عنفاً جنسياً في المفهوم الطبي والنفسي، وإن لم يعاقب عليها بنصوص قوانين العقوبات". ويعتبر جهشان الزواج المبكر"انتهاكاً للمبادئ الأساسية للصحة الإنجابية المتمثلة في علاقة جنسية متكافئة ما بين الزوجين، والقدرة الجسدية على الحمل الطبيعي والولادة الطبيعية، وكذلك القدرة على اتخاذ القرار بتحمل مسؤولية رعاية الطفل من الناحية النفسية والاجتماعية". ويذكر بتعريف منظمة الصحة العالمية بأن"الصحة هي اكتمال المعافة الجسدية والنفسية والاجتماعية وليس مجرد انتفاء المرض"، ويقول إن"زواج طفلة أو يافعة لم تتجاوز 22 عاماً لا يتصف بأي حال من الأحوال بالمعافة الجسدية والنفسية والاجتماعية ولا يحقق مبادئ الصحة الإنجابية الأساسية، على اعتبار أن هذا الزواج لا يتوقع أن تكون العلاقة الجنسية به متكافئة، ولا يشكل جسم الطفلة أو اليافعة بيئة طبيعية لحمل طبيعي ولا يكون ملائماً لولادة طبيعة، ويمتد ذلك إلى غياب الاستعداد النفسي والاجتماعي في هذا العمر المبكر للتعامل مع الأطفال كأبناء تقدم لهم حاجاتهم الأساسية". ويضيف:"الزواج المبكر يشكل انتهاكاً صارخاً لقيم إنسانية لها علاقة بالطبيعة البشرية وهي القرار الناضج بمفهوم ممارسة الجنس والقرار الواعي بالإنجاب، اللذان من المستحيل توافرهما لدى طفلة أو يافعة". ويُظهر أن الفتيات اللواتي يتزوجن في سن مبكرة،"غير قادرات على استخدام وسائل تنظيم الأسرة إن كان ذلك بسبب عدم المعرفة بوسائل التنظيم أو بسبب إرغامهن على حمل قسري، وبالعادة تكون ولادة أول طفل لهن في العام الأول لزواجهن، ويكون احتمال تعرضهن لعدوى الأمراض الجنسية المعدية بما فيها مرض نقص المناعة الأيدز، أضعاف احتمال تعرض الأكبر سنّاً لهذه الأمراض بسبب غياب المعرفة في هذا العمر المبكر وعدم السماح لهن باستخدام الوسائل الوقائية". ويوضح جهشان أن"ما يفاقم هذه الأمور أن الزواج المبكّر غالباً ما يكون مرتبطاً بظروف اجتماعية تتصف بالجهل وغياب التعليم والفقر والانعزال الإجتماعي". ويشير إلى أن"المخاطر الطبيّة المباشرة للحمل المبكر والولادة، تتمثل في زيادة احتمال موت الأم بسبب عوامل الخطورة المتعلقة بصغر عمر الحامل، وزيادة احتمالات الولادة المبكرة، وزيادة نسبة المضاعفات أثناء الولادة، وقلة وزن الوليد، وزيادة احتمال حدوث الإجهاض والموت داخل الرحم أو عقب ولادة الجنين مباشرة".